مستشارون.. أبواق
ابتـُذلت، مسميات «المستشار» او «الخبير» في غالبية الحكومات، الى حد ان احد المسؤولين الكبار لم يجتمع الى مستشاريه الذين عينهم طوال فترة ولايته، ومسؤول آخر كان يُلزم مستشاريه ان يتناوبوا على الظهور في الفضائيات ويملي عليهم نصوصاً يلتزمونها في اللقاءات، مثل مهرجين، ومسؤول ثالث حوّل بعض مستشاريه الى سماسرة في سوق المال والتجارة، ورابع اصر على ان يكون مدراء مكتبه ومستشاروه في خدمته حصراً ومستقلون عن الادارة وموظفيها وشؤونها، وخامس عيّن افراد عائلته مستشارون وخبراء وذكر لي موظف مرموق بمؤسسة دولية ان مسؤولا كبيرا شارك في مؤتمر دولي بباريس كان يناقش ملفا عراقيا، لم يحضر سوى جلسة الافتتاح البروتوكولية وقضى ايام المؤتمر جميعها في منتجعات مع مرافقه «المستشار» والاخير موكول له اعداد والقاء «المداخلة العراقية» في المؤتمر.
وبين يديّ تقرير «محدود التداول» عن اثنين من المسؤولين الكبار عقدا صفقة مقايضة تقضي بان يعيّن كل واحد منهم عددا من موظفي مكتبه يرشحهم زميله، وذلك تجنبا لسياقات أدارية تمنع تعيين افراد عائلة المسؤول «بدرجة وزير» في وزارته.
في اجتماع طهران التاريخي لزعماء التحالف الدولي ضد المانيا الهتلرية نهاية العام 1943 حيث تتجه معارك الجبهات الى هزيمة هتلر كان ستالين وروزفلت وتشرشل يوقفون التفاوض بعض الوقت ليعودوا الى مستشاريهم الذين لعبوا دورا كبيرا في تغيير عقول المتفاوضين وتزويدهم بالافكار والمعطيات الحية والموثقة، ويقول كبير مؤرخي الحرب، البريطاني انتوني بيفور، ان لمستشاري الرؤساء الثلاثة دور خطير في تقريب وجهات النظر والتعجيل بتحقيق الانتصار.. ولم يتصرف المستشارون كبطانة.. و «كان الرؤساء العظام كما لو انهم ابواق لمستشاريهم، خلاف ان يكون المستشارون ابواقا لأصحاب النعمة».
|