هل ثمة حاجة لإستمرار الشراكة بين العرب والكرد ؟

عبدالمنعم الاعسم

باحث ومفكر عراقي

التذكير، عملية معرفية بنائية، من فصول علم نفس الذاكرة، فضلا عن كونه، كما يقول العالم الفرنسي جون فرنسوا شامبيليون  «محاولة احياء عناصر اليقظة الجمعية الاكثر تحسبا للاخطار» والتذكير بفروض حماية الشراكة بين العرب والكرد ليست دعوة شكلية لتطييب الخواطر السياسية واحتواء الحساسيات وطي المشكلات تحت المخاوف أو المجاملات، لكنها منظور الى وقفة مسؤولة  لتجديد خيار هذه الشراكة وموجباتها، على ضوء الفجوات الخطيرة التي نشأت، وتنشأ الان،  في مجرى ممارسة تطبيق لوازم الدولة الاتحادية، الفيدرالية، والتغيير الذي عصف بالخيارات، والارادات، وفي مضامين واشكال عمليات البناء والترشيد، حيث ثمة  الحجارة الكثيرة التي القيت في طريق هذه الشراكة منذ ان صيغت في منطلقات وتعهدات ومواقف خلال عقود وعقود.

والتذكير، ايضا، ينطلق من اهمية المراجعة لما حصل ويحصل للصلاحيات المتشابكة بين المركز والاقليم و للاخوة العربية الكردية، انطلاقا من الاعتراف بوجود اسئلة ملحة وتفصيلية، والاسئلة تبدأ من الزاوية الاكثر حساسية وضرورة: هل لا يزال العرب والكرد بحاجة الى ان يستانفوا الشراكة في الوطن والمصير ويدخلوا بهما، عن قناعة، رحلة المستقبل والعصر الجديد؟

مجتمع متعدد

ان الاخوة القومية، في اي مجتمع متعدد الاعراق والمكونات، قيمة وممارسة في الحياة. تتصل في الموقف من الآخر. في احترام المقامات والحجوم والسمات. في استيعاب المصالح والمخاوف والهواجس.

 وهي قيمة انسانية تخص النوع البشري، وتكشف عن نفسها في العلاقة «الخاصة» بين الاخ واخيه، بالضبط، وهي تُجرَب وتنمو وتتوطد في سلوك وتضحيات وثقافة وليس في انابيب اختبار او كواليس سياسة، وصراعات على قطعة ارض او حفنة تراب.

  والاخوة القومية، بصرف النظر عن فروضها وشكل تجلياتها، ارتقاء بنوع الهوية وليس ترقيعا لها، وسمو بالانتماء الوطني وليس تشويها له، ورفض للعزلة والانكفاء والانقطاع وليس نكرانا للانتماء، وحين تطرح نفسها في شراكة الوطن الواحد فانها تصبح اكثر الحاحا وحاجة (الى الحماية)مما هي عليه في اية حالة اخرى. اقول، يمكن القول ان الاخوة العربية الكردية (في العراق) لها هذه الخصوصية، وتهددها-بالمقابل- عثرات مستعارة من السياسة وتقلباتها وانتقال مقابضها بين اللاعبين ومنهم الى دول اقليمية ودولية وجدت في مشاكل العلاقات بين المركز والاقليم ساحة مناسبة للتوسع واثارة العداوات القومية المحلية.

اقول..لدينا الكثير مما يكسب هذه الاخوة جدارة خاصة.. ويعطي للتذكير مبررا.