علم المسؤولية
المسؤولية علم. من مسؤولية ادارة فندق الى مسؤولية ادارة حكومة. ومنذ اكثر من مائة عام بدأ علم الادارة والمسؤولية يغزو المعاهد والاكاديميات ورفوف الكتب، حتى ان العالم الفرنسي "سان سيمون" فضّل ان يشحذ شعوره بالمسؤولية دائما، حيث املى على حارسه ان يوقظه، كل صباح، بعبارة"إنهض سيدي الكونت.. فان امامك مهام عظيمة لتؤديها الى البشرية" فيستيقظ بهمة، ممتلئا بشعور الغيرة على شعبه ومسؤوليته الادبية التي لم تكن سوى القراءة والتاليف والتبشير بفكرة السلام الاهلي.
وفي برنامج تلفزيوني امريكي عنوانه "علّمي طفلك المسؤولية" يحرص مقدّم البرنامج ان يقدم نماذج من مسؤولي الدولة الذين فشلوا في مهمتهم، وذلك لانهم لم يوفروا الثقة باعمالهم بين المحيطين بهم، وفي حوار ذي مغزى مع طفل (لم يكن ذكيا بالضرورة) عن رأيه في رئيس حكومة ولايته، يقول: لا احبه. انه يتكلم كثيرا. ويعد كثيرا. ويفزعني حين يطوّح بيديه كثيرا وهو يخطب".
في علوم المسؤولية، ان الحاكم يصبح خارج المسؤولية الاخلاقية والادبية عندما يعمل لـ"حساب نفسه وابناء فئته" واحسب ان الامام على سبق منظري هذا العلم بالف واربعمائة عام بمخاطبة مسؤولي ادارة شؤون المسلمين قائلا لهم: "اتقوا الله في عباده وبلاده، فانكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم" ويحذر الخليفة ابن الخطاب من المسؤول "الذي لا ينام إلا على الرضا، ويضحك عند الغضب، وهو يتناول (يسرق) من فوقه ومن تحته" ويقول عن نفسه حين اصبح مسؤولا: "لو ان شاة هلكت ضياعا في شاطئ الفرات لخفتُ ان اُسأل عنها".
في عهد الامبراطور شن الذي حكم الصين قبل اربعة آلاف سنة كان حكام الولايات يتخلون عن حراسهم واعضاء بطانتهم عندما يتسلمون مسؤولياتهم، وكان الامبراطور الحصيف قد منع الحكام التنفيذيين من "التحيز" لطائفة او ابداء العداء لاخرى. اما كونفوشيوس فقد كان يقول لقادة الجيش والحكومة: انتم مذنبون حتى يرضى عنكم الجميع، جميع السكان. وكانت افكار الحكيم الصيني تدرس في معاهد الادارة وتلزم رؤساء الحكومات بحفظها، عن ظهر قلب وبخاصة ما يتعين منها في ان يكون المسؤول مقبولا من مرؤوسيه، موثوقا منهم، وان لا يتعامل برد الفعل مع الاحداث.
علم المسؤولية يحرّم ادارة الدولة من خلال ردود الافعال.. هل نحدثكم عن مصائر الذين وضعوا سياساتهم وفق تلك القاعدة البدوية.. وماذا حدث لهم، وحل بنا؟.
"لا تشكّ في من يقول لك انه خائف، بل خفْ ممن يقول لك أنْ ليس عنده شكوك".
اريك فريد
الانصات المركزي- 10/5/2012
|