مــــام جـــــلال قـــائـد للـــعرب
عندما تسلم مام جلال قيادة التعاون العربي، الساعة الواحدة من ظهيرة الخميس، دقت ساعةٌ في مكان مهيب من التاريخ، إذْ انتصف النهار العراقي، في تلك اللحظات، عن اختراق في وظائف الانتماء البينيـّة، وانشق المسرح عن صوت يذكـّر الجمهور بجدارة الوطنية أن تعبر من فوق مصطلحات الأشياء وحدود الشروط القاموسية العتيقة لقيادة عمل وعلاقات ما يزيد على عشرين دولة عربية من قبل زعيم كردي عراقي، هذه المرة، كان، قبل سنوات، يقود مقاتلين من البيشمركه في شعاب جبال كردستان لنيل حقوق شعبه الكردي المشروعة.
الأمر لا ينطوي على مفارقةٍ ما. المفارقات تحصل من شظايا المفاجآت والصفقات وهي تحدث، الآن، في مكان آخر. ولا تنطوي، ايضا، على استدارة شكلية، او انقلابية، في إدارة جامعة الدول العربية، فقد حصل تفويض مام جلال القيادة، بإجماع وشفافية وابتسامات رضا عريضة، وفي تطابق مع السياقات الشرعية والقانونية والسياسية للعمل بين دول هذه المرجعية الاقليمية التي قطعت ما يزيد على ستة عقود ونصف من عمرها.
ببساطة، الكرد شاركوا في صناعة أقدار العراق الجديد، عراق المستقبل، ولهم دور شاخص في حقيقة التعددية العراقية، وما جرى، أحد تجليات هذا الدور، إذ يقدم التنوع القومي والديني والعقيدي العراقي، في قيادة مام جلال للعهد العربي الجديد وصفة فريدة لدحر الإرث المقيت لثقافة “الدماء النقية” و”النوع الأصلح” وللشفاء من أمراض العنصرية والانعزالية وضيق الأفق والكراهيات ومعايب التمييز، انه انعطاف في مجرى تاريخ المنطقة الذي بدأ، منذ حين، الانحناء لعاصفة التغيير.
تكفي الاشارة الى ان مام جلال تسلم هذه القيادة من الرئيس الانتقالي للدولة الليبية، مصطفى عبدالجليل، عن صاحبها، معمر القذافي، الذي اطاحت به حركة الاحتجاج، وحماقاته، وقوات الناتو.
ويكفي الاستعلام أن الربيع العربي حقق في عشرين شهرا، من التغييرات وإطاحة الدكتاتوريات ووعي الحرية والخبز والحقوق المدنية، ما لم تحققه حركة التحرر الوطني العربية في ستمائة من الشهور.
رئيس جمهورية العراق جلال طالباني، الآن، في غرفة قيادة العمل العربي.. انه يتسلق بالعراق الى ذرى جديدة، وهو الماهر في شق الطرق الوعرة، وصاحب السنوات الزاخرة بالتجارب وعلوم القيادة وفنون ادارة الأزمات، محمولا على مشقات الصحة، وعلى ساقين أثقلتهما هذه الرحلة الطويلة، وعلى يقين انه سيخوض هذه المعركة، بأدوات من جنسها، جربها وخبر سلامتها.
تهنئة لك مام جلال.. ولعراق الأمن والعدالة والحقوق المدنية والرخاء وعد المجيء.
وكلام مفيد: “ العقل كالبارشوت، يجب ان ينفتح” -انيس منصور-
|