×

  رؤا

​السياسات التركية تحت المجهر

14/04/2024

عبدالمنعم الاعسم

باحث ومفكر عراقي

الانصات المركزي  27/8/2011:

مشكلة تركيا انها تقوم بدورين مزدوجين، في وقت واحد، غير منتضمين في منظومة سياسات بعيدة المدى، احدهما لاطفاء التوترات هنا وهناك، وثانيهما لاشعالها في اكثر من مكان، وعلى حدودها.

  لو وضعنا سياسات الحكومة التركية حيال مشكلة الاقلية الكردية وقضية فلسطين والصراع في سوريا والمجاعة في الصومال والعلاقة مع حلف شمال الاطلسي والكتلة الاسلامية وشؤون الارهاب وافغانستان والسودان في جهاز تحليل موضوعي لحصلنا على خارطة عجيبة من المبادئ والمواقف المتضاربة التي لانعثر على مكان لها في علم السياسة ولا في قواعد العلاقات الدولية، وهو السبب الذي حير المراقبين وجعلهم لايثقون في ما تدعيه انقرة من التزامات على الصعيدين الاقليمي والدولي، وصاروا يتوقعون على الدوام سيناريوهات تركية غير مسبوقة او متوقعة وغير مفهومة على الرغم من النعومة المفرطة التي تقدم بها سياساتها بوصفها سياسات اخلاقية، او اسلامية، او انسانية، او توفيقية.

على المدى القصير، ومن زاوية المنافع الذاتية العاجلة، نالت تركيا، من خلال هذه السياسات غير المنتظمة في سياق واحد، مكاسب غير قليلة، وتمكنت من اختطاف وسام اللاعب الاقليمي الاكثر اهمية في صناعة الصفقات والترتيبات الامنية في منطقة تشهد تحولات واضطرابات خطيرة، وبدا للكثير من المعلقين ان تركيا تعد نفسها لدور اكبر من هذا الذي تلعبه حين يجري إطفاء الزخم الايراني وتحجيمه بعد احتواء سوريا، فيما تسلط تقارير دولية الضوء على انتعاش مضطرد لمفاصل الدورة الاقتصادية التركية وتشير الى اختراقات استثمارية تركية في افريقيا ودول الشرق “الاسلامي” الاسيوية، والى افضليات تجارية، على هيئة مكرمات، صارت تحظى بها من الاتحاد الاوربي وامريكا، الى حد ما.

   مشكلة تركيا انها تقوم بدورين مزدوجين، في وقت واحد، غير منتضمين في منظومة سياسات بعيدة المدى، احدهما لاطفاء التوترات هنا وهناك، وثانيهما لاشعالها في اكثر من مكان، وعلى حدودها.

 الاول، لجهة احترام حقوق الانسان بالحرية والعيش الآمن والنظام السياسي الذي يرتأيه، والثاني، يتمثل في التنكر لحقوق الانسان ومنعه من نيل الحقوق الثابتة، والتعدي على سيادات الدول.

مرة باعتبار تركيا داعية للديمقراطية، ومرة باعتبارها داعية للوصاية، وفي كل الاحوال، فان مثل هذه السياسات جـُرّبت من قبل الكثير من الدول قبل ان تدفع ثمنها غاليا، وبخاصة تلك الدول التي هربت من استحقاقات الداخل الى معارك خارجية استعراضية.

 العصر الحديث شهد الكثير من الظاهرات والاحوال والاقدار التي تقدمت فيها دول الى مسرح الاحداث وتبوأت مواقع مهمة في ترتيبات الحرب والسلام، لكنها سرعان ما انكفأت الى الوراء، وبعضها اختفى من الخارطة، بسبب سوء التحسب للعيوب التي تنخر وحدتها الداخلية، وسوء الحساب لنتائج سياسات المتاجرة بالمبادئ.

وكلام مفيد..

“إذا بلغك أن غنياً افتقر فصدق، وإذ بلغك أن فقيراً استغنى فصدق، وإذا بلغك أن حياً مات، فصدق وإذا بلغك أن أحمقا استفاد عقلاً فلا تصدق”

ابو اسحاق

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  مستشارون.. أبواق
←  الوطن .. أم الكرسي ؟
←  دماء على رداء الديمقراطية
←  خواطر في التسامح
←  رئيسٌ في التوقيت الصحيح
←  قراءة في تشوهات الصراع السياسي
←  نهوض الوسط الديمقراطي.. رأي في نقاط
←  ​السياسات التركية تحت المجهر
←  التشـهـــيــر..
←  الكرد الفيدرالية والمستقبل
←  الفيدرالية ليست شتيمة
←  فلول البعث وحقوق الانسان
←  العلمانية بريئة من صدام حسين
←  حكمة مام جلال..
←  حلبجه.. الفعل والفاعل
←  ​مــــام جـــــلال قـــائـد للـــعرب
←  كركوك هذه شهادتي
←  علم المسؤولية
←  هل ثمة حاجة لإستمرار الشراكة بين العرب والكرد ؟