رئيسٌ في التوقيت الصحيح
الانصات المركزي 14/11/2010
في ساعة احتباس، ومفترق طرق، تجمعت فيها خطوط الارادات المتنافرة، واغارت عليها ضغوط من كل مكان، وتململت عنها فتنة نائمة، وعاد خلالها البعض الى اللعب في الساحة الحرام، وبدا ان الطريق الى نقطة الشاطئ ما تزال بعيدة ومحفوفة بالمخاطر، في هذا الوقت، اتكأ العراق على مام جلال، واتكأ الرجل على عصاه، واعلن: ساكون رئيسا للجميع، عابرا خارطة الحجوم والملل والمظنات.
رئاسة جلال طالباني، مرة ثانية، للعراق الجديد، كانت توقيتا سليما لاعلان استئناف الشراكة في الوطن بين العرب والكرد، واعلان العصيان، عصيان العراق، ضد الانكفاء الى خارج الخارطة، في وقت ينتظر كثيرون ان ياخذوه مستضعفا، كسيرا، الى متاهات اخرى، وذل الاسر.
مشوار مام جلال في ادارة الأزمات، وخبرته في احتواء الالغام، وبراعته في تصريف الاحتقانات واساءات الظن، كان قد تراكمَ منذ زمن بعيد، لكن السنوات الاربع الماضيات اعطت لمؤرخي المرحلة العراقية العاصفة اشارات وفيرة للاسترشاد الى واحد من اسرار صمود الخطوط الاخيرة من المعركة التاريخية لبقاء العراق، وطنا اتحاديا ومفتوحا على تجربة ديمقراطية دستورية غضة وناشئة، إذ كان مام جلال الرقم الضامن، الحاضر، المحاور، المتفاني، وفي كل مرة كانوا يقولون(او يمنون النفس) انه تعبَ، وأعيته السنين والمشاغل والتجاذبات، وفي كل مرة يقول لهم: ما زلت هنا، في الموقع الذي تركته في الليلة البارحة.
انتخاب مام جلال، رئيسا للعر اق، جرى ضمن التوقيت العراقي المحلي. اقتربت الساعة من الثانية عشرة، وأعدّت ورقة اخيرة من التقويم نفسها للسقوط، ومن تحتها شقّ يوم عراقي آخر طريقه الى ساحة المواجهة، من اجل اعادة البناء. الشراكة الحقيقية. المصالحة. دحر الطائفية. الحاق الهزيمة بالارهاب والعنف. الدستور ودولة القانون. حل النزاعات والاستعصاءات المتوارثة. استئناف دورة الخدمات. فرص العمل.. وكانت كلمة الرجل، لدى اعلان انتخابه مجددا، تذكّر العراقيين بهذه المفردات، وتحضّهم على وجوب إغلاق منافذ الفتنة، والاستقواء على الضعف، وانهاء الانشقاق.
في تطابق عقارب الساعة ليلة امس الاول، على مقربة من الساعة الثانية عشرة، كان توقيت انتخاب جلال طالباني رئيسا للعراق توقيتا عراقيا، محليا، فيما التوقيتات الاخرى تدحرجت الى خارج المعادلة الجديدة.
وكلام مفيد
“أذكروني اذا كنت استحق الذكر".
نابليون
|