الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية.. أهميتها والقضايا الرئيسية
تقارير من اعداد فريق الرصد في قناة المرصد
تفتح صناديق الاقتراع الإيرانية يوم الجمعة 5/7/2024 للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية وعلى قائمتها مرشحان من طرفي المشهد السياسي الإيراني المتناقض، الأول هو النائب الإصلاحي مسعود بزشكيان (69 عاما) الذي يدعو لاعتماد سياسات أقل تصلبا تجاه الغرب، والثاني هو المحافظ سعيد جليلي (58 عاما)، المفاوض السابق بالملف النووي والمعروف بمواقفه المتشددة تجاه القوى الغربية.
ويحظى بزشكيان، وهو طبيب ونائب عن مدينة تبريز ووزير الصحة بين 2001 و2005، بدعم الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي.
وعرف المرشح الإصلاحي بمواقف صنفت منتقدة للسلطات، خاصة خلال الحركة الاحتجاجية التي عمت إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني في أيلول/سبتمبر 2022، إثر توقيفها من جانب شرطة الأخلاق في طهران بحجة عدم التزامها بارتداء لباس محتشم.
المنافس الآخر الذي ينتمي للمعسكر المحافظ، بزشكيان كان مفاوضا في الملف النووي بين عامي 2007 و2013، وعارض بشدة الاتفاق الذي أبرم نهاية المطاف مع القوى الكبرى بينها الولايات المتحدة، والذي فرض قيودا على نشاط البلاد النووي مقابل تخفيف العقوبات.
وجليلي هو واحد من الممثلَين للمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي، كما شغل منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي لمدة خمسة أعوام بداية من 2007، وهو المنصب الذي جعله تلقائيا كبير المفاوضين في الملف النووي.
وعمل جليلي لمدة أربع سنوات في مكتب خامنئي وخاض انتخابات الرئاسة في عام 2013 لكنه لم يفز، ومجددا في 2017 لكنه انسحب لدعم رئيسي.
انتخابات محاطة بملفات إقليمية ومحلية مصيرية
وخلال الدورة الأولى من الانتخابات، التي شهدت نسبة مشاركة بلغت نحو 40% (الأدنى منذ ثورة عام 1979)، نال بزشكيان 42.4% من الأصوات مقابل 38.6% لجليلي، بينما حل محافظ آخر هو محمد باقر قاليباف في المرتبة الثالثة.
وتلقى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية اهتماما ومتابعة إقليميين ودوليين، كونها تأتي في وقت تمر فيه المنطقة بسلسلة من الأزمات الجيوسياسية، على رأسها الحرب في غزة والصراع على الملف النووي الإيراني مع الغرب.
كما أنها جاءت على عجل، لملئ منصب الرئاسة الذي شغر مع مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي بحادث مروحية في 19 أيار/مايو.
إحياء الاتفاق النووي مقابل وعود "بنهضة" اقتصادية
خلال مناظرة متلفزة مساء الاثنين، تداول المرشحان سلسلة من المواضيع تراوحت بين الصعوبات الاقتصادية والعلاقات الدولية وانخفاض نسب المشاركة بالانتخابات وغيرها.
وقال بزشكيان إن "الناس غير راضين عنا" خاصة بسبب عدم تمثيل المرأة وكذلك الأقليات الدينية والعرقية، في السياسة. وأضاف "حين لا يشارك 60% من السكان (في الانتخابات) فهذا يعني أن هناك مشكلة" مع الحكومة.
كما أعلن أن إحياء الاتفاق (النووي) المجمد منذ انسحاب واشنطن منه عام 2018 بشكل آحادي، سيكون من أولويات حكومته.
أما جليلي فأعرب خلال المناظرة عن قلقه إزاء انخفاض المشاركة، دون إلقاء اللوم على السلطة.
وفي الاقتصاد، قال جليلي إن حكومته ستكون قادرة على تحقيق نمو بنسبة 8%، مقابل 5.7% بين آذار/مارس 2023 وآذار/مارس 2024، وجدد موقفه المعارض لأي تقارب بين مع الدول الغربية.
وبعيدا عن نتيجة الانتخابات، تبقى مسؤولية الحكم الأولى في إيران من مهمة مرشد الثورة، فالرئيس مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها المرشد.
فضلا عن ذلك، من المستبعد أن تؤدي هذه الانتخابات إلى تحول كبير في السياسات الإيرانية، إلا أنها تكتسب أهمية خاصة كونها تنعكس على خيارات خليفة المرشد الإيراني، علي خامنئي (85 عاما)، الذي يشغل المنصب منذ عام 1989.
ابرز ما صرح به مرشحا انتخابات الرئاسة الايرانية جليلي وبزشكيان في المناظرة التلفزيونية
جرت يوم الثلاثاء المناظرة التلفزيونية الثانية والاخيرة بين مرشحي الانتخابات الرئاسية الايرانية في جولتها الثانية، مسعود بزشكيان وسعيد جليلي، والتي تمحورت حول القضايا الاقتصادية.
سعيد جليلي:
وفي هذه المناظرة التلفزيونية التي تم بثها عبر القناة الاولى في التلفزيون الايراني مساء الثلاثاء واستغرقت اكثر من ساعتين ونصف، أكد المرشح الرئاسي سعيد جليلي على ضرورة تعزيز التعاملات مع دول العالم استمرارا لسياسة الحكومة الثالثة (حكومة ئيسي).
وشدد على ضرورة التصدي للحظر والعمل على افشاله ، وقال: فيما يتعلق بالاتفاق النووي ليس من الصواب ان ننفذ نحن التزاماتنا فيما لا ينفذ الطرف الاخر التزاماته ويطلب منا في الوقت ذاته تقديم المزيد من التنازلات.
وقال: في موضوع خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) ومجموعة العمل المالي الدولية (فاتف) نحن الذين نطالبهم بحقوقنا. وفي مجال البدائل، يجب أن نكون فاعلين، لأنه إذا لم يعط الطرف الآخر نقاطاً، فيجب أن نتصرف بحيث تصبح أي عقوبات غير فعالة. لذلك، اعترف الأميركيون في فترة حكومة السيد رئيسي بالفشل الذريع للعقوبات وازدياد مبيعات البلاد من النفط.
وحول التضخم الاقتصادي قال جليلي: يجب دراسة مشكلة التضخم من جذورها وإيجاد حل لها.
وقال المرشح للانتخابات الرئاسية: إذا حدث خلل في الموازنة ولم يتم توجيه الاموال سيحدث التضخم، ويتم حل مشكلة عدم التطابق عن طريق زيادة الموارد وتقليل النفقات.
وأضاف: إذا تم هدر موارد الشعب، فيجب على الحكومة أن توقف ذلك، وينبغي أن تكون هناك شفافية مالية في رؤوس الأموال الكبيرة.
واكد بانه سيتابع برنامج الرئيس الشهيد في مجال توفير السكن وتنفيذ الخطة المرسومة من قبل الحكومة الثالثة عشرة المتمثلة ببناء مليون وحدة سكنية سنويا وكذلك العمل على توفير مليون فرصة عمل سنويا في البلاد من اجل مكافحة البطالة.
*بزشكيان
من جانبه اعتبر المرشح مسعود بزشكيان، الشهيد الفريق قاسم سليماني ، فخرا وطنيا وشوكة في عيون الاعداء.وقال: أنا أعتبره فخراً وطنياً وشوكة في عين الاعداء، فهو نموذج يمكن أن يقتدي به شبابنا ويسيرون على طريقه. نستطيع برؤيته أن نحل الكثير من مشاكل البلاد.
واضاف: الشهيد سليماني كان في الخارج بطلاً ضد الظلم وفي الداخل صديقاً ومعينا للمظلومين، سواء كانوا متدينين أو غير متدينين، رحمه الله وعز ذكراه.
واضاف: لقد قلنا منذ البداية أننا ننفذ السياسات العامة لقائد الثورة ولا يمكن عدم تطبيق ما هو قانون.
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي أوضح بزشكيان: ان قانون مجلس الشورى الاسلامي نص على ان تنفذ الاطراف الغربية جميع التزاماتها أولا ومن ثم نعود نحن إلى الاتفاق النووي، لتصحيح هذه المسألة، يجب أن نتعاون مع البرلمان لايجاد حل لهذا الامر.
وتابع قائلا: لا ينبغي لنا أن ندخل في المفاوضات بخيار واحد فقط، لان ذلك قد يؤدي إلى الفشل، والسياسة الناجحة هي أن تكون لديك عدة خيارات في متناول اليد.
واضاف: لكي تزدهر بلادنا علينا تعزيز علاقاتنا أولا مع دول المنطقة ومن ثم مع العالم.
اكد ضرورة تحرير سعر العملة الاجنبية لتوحيد سعره بين السوق والمدعوم من الدولة وقال: علينا توفير العملة الصعبة للسلع الأساسية والدواء والغذاء فيما تقوم السوق الحرة بتنظيم نفسها ولا داعي لتدخل الحكومة. ما يجب أن نتدخل فيه ولا نترك الناس يواجهون مشاكل هو دعم الدواء والسلع الاساسية.
بزشكيان: سأعمل بطريقة تقضي على الفقر وتجعل الشباب ان لايغبطوا على الخارج
الى ذلك قال مرشح الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الايرانية، مسعود بزشكيان: سأتابع مشاكل العمال والمتقاعدين والموظفين وسنعمل بطريقة تقضي على الفقر والتمييز والفساد في البلاد.ووسط حشد من أهالي محافظة كرمانشاه، قال المرشح للفترة الرابعة عشرة للانتخابات الرئاسية مسعود بزشكيان: "أنتم أيها الناس فخر إيران، لقد جئنا لخدمة الشعب الإيراني".
وأضاف المرشح الرئاسي: "سأسعى إلى تحقيق حقوق كل الشعب الإيراني فردا فردا، وسنعمل بطريقة تقضي على الفقر والتمييز والفساد في البلاد، ويشارك كل الناس في إدارة البلاد، وليس فئة معينة"، مؤكدا: "سنعمل بطريقة تجعل الشباب ان لايغبطوا على الخارج بعد".
وأكد المرشح للفترة الرابعة عشرة للانتخابات الرئاسية: "سأستعين بأفضل الخبراء والمتخصصين بغض النظر عن العرق والدين"، داعيا الجميع الى المشاركة في الانتخابات وجلب الآخرين الى صناديق الاقتراع.
جليلي: مستقبل مشرف ينتظر الايرانيين
أكد المرشح في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الايرانية، سعيد جليلي ان حكومته ستحارب الفساد بقوة.وأشار سعيد جليلي، المرشح للفترة الرابعة عشرة للانتخابات الرئاسية، بين اهالي محافظة كرمانشاه إلى بعض حالات الحرمان في هذه المحافظة، وقال: "للأسف في هذه المحافظة خلال 8 سنوات وفي ظل حكومة الرئيس روحاني، لم يتم القيام بأي عمل خاص لتطوير وإزالة الحرمان، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة".
وقال مرشح الفترة الرابعة عشرة للانتخابات الرئاسية في سرده لبعض المفاسد في الجهاز المصرفي والإداري للبلاد: هذا الفساد لا يسمح لشبابنا بالأمل؛ سنتعامل مع هذا الفساد بقوة، وعلينا أن نسير بقوة في الاتجاه الذي لن يظل فيه شبابنا عاطلين عن العمل".
وقال إن الخيار الأعظم للشعب الإيراني هو الثورة الإسلامية، وتابع: "اليوم يعترف الأعداء بأن إيران لم تتمتع قط بمثل هذه السلطة ويجب توسيع هذه السلطة".
وذكر جليلي أن على الشباب أن يأخذوا راية السلطة ويرفعوا راية تنمية البلاد، وتابع: "اليوم نحن في المراتب الأولى في العديد من المجالات وبجهود شبابنا الأعزاء إن شاء الله سنصل الى المرتبة الأولى".
وبين أن مستقبلا مشرفا ينتظر الإيرانيين، وقال: "العدو يدرك هذا الموضوع ويحاول منع تحقيقه ومنع هذه الحركة بكل أنواع المؤامرات".
واعتبر جليلي أن الشهداء والمقاتلين هم درس للجميع، وقال: "علينا اليوم أن نسعى لأشياء عظيمة ونحن في منعطف تاريخي وسنسعى إلى تحقيق قفزة إيران برفقة كل الإيرانيين الأعزاء".
لماذا هذه الانتخابات مهمة؟
تُشكل الانتخابات الإيرانية فرصة للحكومة لإظهار قدرتها على التعامل مع وفاة الرئيس غير المتوقعة، دون الوقوع في حالة من الفوضى وسط الاحتجاجات الداخلية والتوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وفقا لـ"نيويورك تايمز".
لكن إذا تم انتخاب جليلي، فمن المرجح أن تعلن الحكومة انتصارا لنهجها السيسي المدفوع بالإيديولوجيات المتشددة، حسب الصحيفة.
وفي حين أن المرشد الأعلى يمتلك السلطة النهائية في البلاد وهو المسؤول عن السياسة الخارجية، فإن الرئيس يضع السياسة الداخلية ويمكنه التأثير على القضايا الاجتماعية مثل قانون الحجاب الإلزامي للنساء في البلاد.
وبعد 6 سنوات من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، لا يزال دور الرئيس الجديد في إدارة البرنامج النووي غير واضح، وفق "نيويورك تايمز"، وهي القضية التي أصبحت أكثر إلحاحا بالنسبة للغرب مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران.
ما هي القضايا الرئيسية؟
يأتي الاقتصاد المتعثر والعقوبات وحقوق المرأة من بين القضايا الرئيسية في هذه الانتخابات، حيث فقد العديد من الإيرانيين الثقة في الحكومة التي يعتقدون أنها غير قادرة على إحداث التغيير، وفق الصحيفة.
وحسب "نيويورك تايمز"، أدت العقوبات إلى إضعاف اقتصاد البلاد المتعثر بالفعل، إذ زاد الإحباط العام حيث يشعر البعض بوجود فجوة بين القادة الذين يبشرون بالتقشف بينما تنفق أسرهم بسخاء في الخارج.
وأضرت إعادة فرض العقوبات الأميركية في عام 2018 بصادرات النفط الإيرانية، مما أدى إلى تراجع إيرادات الحكومة واضطرارها لاتخاذ خطوات لا تحظى بشعبية مثل زيادة الضرائب وإدارة عجز كبير في الميزانية في سياسات أبقت التضخم السنوي بالقرب من 40 بالمئة، وفقا لوكالة رويترز.
ويبلغ معدل البطالة في إيران نحو 7.6 بالمئة، وفقا للبنك الدولي، مقارنة بنحو 9.6 بالمئة عندما تم انتخاب رئيسي.
فيما واصلت القوة الشرائية للإيرانيين الانكماش، حيث انخفضت قيمة الريال الإيراني في التداول الحر أكثر من النصف، وفقا لموقع تتبع العملة الإيرانية "بونباست"، ويسجل الآن 600 ألف ريال إيراني مقابل الدولار الأميركي.
متى ستعلن نتائج جولة الإعادة؟
أعلنت وزارة الداخلية عن جولة إعادة للانتخابات في اليوم التالي لنهاية التصويت في الجولة الأولى، ومن المرجح أن يعلن المسؤولون النتائج الأولية على الأقل بحلول السبت.
|