حرب شاملة في الشرق الأوسط.. خطر متزايد
تقارير من اعداد فريق الرصد في قناة المرصد
*صحيفة "فايننشال تايمز"
قد تدفع الضربات في بيروت وطهران إسرائيل وإيران إلى دوامة تصعيد خطيرة، ففي الساعات الأولى من فجر الأربعاء، أعلن الحرس الثوري الإيراني، اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وأحد أفراد فريق حمايته في طهران.
وهو ما وصفه أندرو إنغلاند في تقرير له في صحيفة "فايننشال تايمز" بـ"المقامرة الضخمة" من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
في غضون ساعات، شنت القوات الإسرائيلية غارة جوية على بيروت استهدفت أحد كبار قادة حزب الله، الجماعة المسلحة اللبنانية، بينما اتهمتها حماس وإيران باغتيال الزعيم السياسي للجماعة الفلسطينية في هجوم في طهران.
وقالت إسرائيل إنها قتلت فؤاد شكر، أحد قادة حزب الله والذي يعتبر مقرباً من زعيم الجماعة حسن نصر الله. لكنها لم تعلق على الضربة التي قتلت إسماعيل هنية، المسؤول الكبير في حماس. وعادة لا تنكر أو تؤكد الاغتيالات المستهدفة في إيران.
رسالة ردع
يرى الكاتب أنه لا شك أن نتانياهو يراهن على أن الضربات سترسل رسالة ردع إلى أعداء بلاده، ولكن ما يفعله رهانا عالي المخاطر يهدد بإشعال فتيل الحرب الشاملة في الشرق الأوسط التي تخشى المنطقة أن تندلع منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والهجوم الإسرائيلي اللاحق على غزة.
كانت إسرائيل تهدد بالرد منذ أن أدى هجوم صاروخي على مرتفعات الجولان يوم السبت إلى مقتل 12 طفلاً في ملعب كرة قدم، والذي ألقت فيه إسرائيل والولايات المتحدة اللوم على حزب الله.
لكن استهداف أحد كبار مساعدي نصر الله في معقل حزب الله في بيروت جاء أعلى مستوى من نطاق الردود المتوقعة.
وهذه هي المرة الأولى التي تشن فيها إسرائيل ضربة ضد حزب الله في العاصمة اللبنانية منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وكان شكر هو أبرز زعيم في الجماعة تقتله إسرائيل منذ سنوات.
بينا أدى مقتل هنية، بعد وقت قصير من انضمامه إلى كبار الشخصيات الأجنبية الذين حضروا مراسم أداء الرئيس الإيراني الجديد لليمين الدستورية، إلى رفع المخاطر إلى مستوى جديد.
ضربة موجعة
ووفق الكاتب، فإن هجوم طهران يشكل ضربة موجعة ومذلة ليس فقط لحماس، بل وأيضاً للجمهورية الإسلامية في لحظة بالغة الحساسية.
كما أشارت إلى أن إسرائيل التي لم تخف استعدادها لاستهداف قادة حماس أينما كانوا، مستعدة لمضاعفة جهودها حتى في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها بشكل يائس إلى خفض التصعيد.
والآن أصبحت المنطقة، التي تجتاحها حالة من القلق والتوتر منذ شهور، في حالة من التوتر الشديد في انتظار رد حزب الله، وإيران، وما يسمى بـ"محور المقاومة"، وهي شبكة من الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران.
يأتي ذلك فيما سارع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى تهديد إسرائيل بالتعهد "بالانتقام لدم هنية".
ويقول الكاتب إن إسرائيل وإيران دفعتا بعضهما البعض إلى حافة الهاوية من قبل، ولكن حتى الآن تتمسكان بضبط النفس من انفتاح الحرب على مصراعيها، وخاصة بعد أن تبادلتا الضربات الصاروخية والطائرات بدون طيار في أبريل (نيسان).
ولقد كانت إيران واضحة في أنها لا تريد صراعاً مباشراً مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، إذ إن هدفها الأساسي هو بقاء الجمهورية، وهو ما يعني إبعاد الصراع عن شواطئها والاعتماد على المتشددين الذين تدعمهم لشن هجماتهم بدلاً من ذلك.
لكن قرارها بشن أول هجوم مباشر على إسرائيل من الأراضي الإيرانية في أبريل (نيسان) أظهر أنها هي أيضاً على استعداد لرفع الرهانات إذا شعرت بالاستفزاز أو الضغط.
تصعيد مرتقب
ويرى الكاتب أن الضربات العديدة التي شنتها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) لم تنجح في ردع أعدائها.فقد ظلت إسرائيل تتبادل الضربات مع حزب الله بشراسة متزايدة منذ أشهر، وإن كانت هذه الضربات تقتصر إلى حد كبير على منطقة الحدود بين إسرائيل ولبنان.
ومن الصعب أن نتصور كيف لا يؤدي اغتيال شكر إلى إثارة رد فعل أكثر قوة، الأمر الذي يدفع الخصوم إلى مزيد من الانحدار في دورة التصعيد الخطيرة، كما يقول الكاتب.
لطالما كان هناك خوف من أن يؤدي سوء التقدير أو الاستفزاز إلى إشعال المرحلة التالية من الصراع، فمنذ السابع من أكتوبر (شرين الأول) تعرضت إسرائيل لإطلاق نار من قبل مجموعات مدعومة من إيران على جبهات متعددة وشنت ضربات في إيران وسوريا ولبنان واليمن.
والسؤال الحاسم الآن هو ما إذا كانت الخطوط الحمراء الضبابية بشكل متزايد قد تم تجاوزها، أو على وشك أن يتم تجاوزها.
ولم تخف إسرائيل عزمها على دفع مقاتلي حزب الله بعيداً عن منطقة الحدود، سواء من خلال الدبلوماسية المدعومة من الولايات المتحدة أو الوسائل العسكرية.
والواقع أن واشنطن اضطرت إلى إقناع حكومة نتانياهو اليمينية المتطرفة بعدم شن ضربة استباقية ضد الجماعة المسلحة اللبنانية في الأيام الأولى من حرب غزة.
ومن المنطقي أيضاً أن نفترض أن إسرائيل وحزب الله كانا يستعدان لحرب شاملة منذ عام 2006، عندما خاضا صراعاً دام 34 يوماً.
وفي ذلك الوقت، وجه حزب الله ضربة قاضية إلى إسرائيل، وقد أوضح المسؤولون الإسرائيليون أنهم سوف يتجهون هذه المرة إلى شن هجمات أكثر صرامة ونطاقاً، وليس على استهداف معاقل المسلحين فحسب.
عواقب كارثية
ويقول الكاتب إن مثل هذا الأمر من شأنه أن يكون كارثياً بالنسبة للبنان، الدولة التي تعاني من الركود الاقتصادي والسياسي، والتي أصبحت معرضة لخطر الانهيار الكامل في حال وقوع غزو إسرائيلي.
لكن العواقب المترتبة على ذلك بالنسبة لإسرائيل سوف تكون وخيمة أيضاً.
ذلك أن حزب الله، الذي يعتبر على نطاق واسع أقوى قوة مسلحة بين القوى غير الحكومية في العالم، يشكل عدواً أشد خطورة من حماس.
قال مسؤولون إيرانيون إن طهران ستدعم حزب الله بكل الوسائل إذا اندلعت حرب شاملة.
ومن غير المرجح أن يشمل ذلك ضربات مباشرة، على الأقل في البداية، بل تعبئة المسلحين من المتمردين الحوثيين في اليمن إلى الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا.
وهذا يعني تكثيف الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار على إسرائيل، لإرهاق دفاعاتها الجوية.
كما أن الولايات المتحدة، التي تعهدت بالتزامها "الصارم" بالدفاع عن إسرائيل، قد تكون في خطر الانجرار إلى صراع أعمق، حيث من المرجح أن تكون قواتها في العراق وسوريا أهدافاً.
وقد تواجه الشحنات الدولية التي تتعرض بالفعل للهجوم من جانب الحوثيين في البحر الأحمر تهديدات أكبر.
وتشعر الدول العربية بالقلق إزاء الآثار الجانبية المحتملة.
|