واشنطن تُخرج أرنب داعش.. ممنوع التطبيع بين أنقرة ودمشق
في وقت تَنتظر فيه دمشق خطوات ملموسة من جانب أنقرة، ومنها خصوصاً تعهُّد تركي شفهي بالانسحاب مع ضمانات روسية، برزت تصريحات امريكية لافتة في اتجاه معارضة مسار التقارب بين البلدين.
وأعلن مسؤول في الخارجية الامريكية أن بلاده تدعم الجهود لحلّ سياسي في سوريا، فيما تعارض تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق. وقال إنه «ما دام الحلّ السياسي متعثّراً، فإن الولايات المتحدة لن تطبّع العلاقات مع سوريا»، داعياً كل الدول إلى الضغط على دمشق لتطبيق القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن.
وفي السياق نفسه، برز بيان «القيادة المركزية الامريكية» حول استئناف تنظيم «داعش» نشاطه، وتزايُد عدد هجماته في الحوض العراقي - السوري، إذ لفت أيضاً إلى أن امريكا «ستواصل جهودها مع القوات الأمنية العراقية وقوات سوريا الديموقراطية لإلحاق الهزيمة بداعش».
وفي هذا الإطار، تساءل فاتح تشيكيرغه، في صحيفة «حرييات»، عن توقيت البيان باعتباره موجّهاً إلى تركيا، بما معناه «أنتِ واصلي برنامج التطبيع مع دمشق، أمّا أنا فسأواصل التعاون مع قوات سوريا الديموقراطية، أي حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديموقراطي».
وبرأي الكاتب، فإن «هذا هو بيت القصيد، وهو لافت لأنه يجيء قبل زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى أنقرة».ومن جهته، رأى عمر أونهون، آخر سفير تركي لدى سوريا قبل قطع العلاقات بين البلدين، أنه «رغم أن أنقرة تبدو الأكثر رغبة في اللقاء مع دمشق، لكن الواقع يُظهر أن الوضع ليس على ما يرام في سوريا.
وبسبب عدم سيطرة الأخيرة على كل أراضيها، والأزمة الاقتصادية هناك، إلى جانب استمرار العقوبات، فإن اللقاء بين الرئيسَين إردوغان والأسد سيكون لمصلحة الطرفين».
وأشار إلى أن الرئيس السوري ينتظر من تركيا خطوة ملموسة في ما يتعلّق بانسحاب جيشها، لكنه لم يَعُد مصرّاً على مطلب الانسحاب المسبق قبل حصول اللقاء، مقابل حصوله على ضمانات بالانسحاب اللاحق. ولفت أيضاً إلى أن هناك الكثير من المشكلات بين البلدين، «من اللاجئين إلى الترتيبات الأمنية؛ فحتى لو دخلت الديبلوماسية على الخطّ، فلا يمكن القول إن هذه المشكلات ستُحلّ فوراً». وعن ملف اللاجئين، ذكّر أونهون بأن «تركيا استقبلتهم بصورة مؤقتة على أن يعودوا إلى بلادهم فور استتباب الوضع.
لكن الوضع معقّد بحيث لا يُنتظر أن يعود كل هؤلاء إلى سوريا». وتطرّق إلى ملفّ المعارضة السورية، مشيراً إلى أن «تركيا أقامت منذ سنوات علاقة وثيقة معها، ودعمتها، والآن تطلب منها أن تلتزم الهدوء وتتعهّد لها بعدم تركها في منتصف الطريق. هذه مسألة صعبة جداً. فتركيا تدعم هؤلاء، ودمشق تنظر إليهم على أنهم إرهابيون».
وانتقد الكاتب والمستشار السابق لإردوغان، عاكف باقي، بدوره، سياسة تركيا تجاه سوريا، قائلاً: «لقد دخلنا إلى سوريا بعمليات متعدّدة، وقدّمنا الشهداء، ودعمنا الجيش الوطني المعارض، ولم نعرف بالضبط تكلفة ذلك. كل هذا من أجل وحدة الأراضي السورية التي نقول إنه لا أطماع لنا فيها، وليأتي إردوغان ويقول إنه يريد لقاء الأسد وليردّ الأخير بالقول إن «المشكلة هي في دعم تركيا للإرهاب والانسحاب من سوريا»».
وتابع باقي أن أنقرة تردّ على الأسد بالقول إنها «دخلت سوريا لمنع الإرهاب الكردي من تشكيل دولته»، ثم يسأل: «لماذا إذن تأسّس الجيش السوري الحرّ والحكومة المؤقتة ودعمتهما تركيا؟ هل كنا بحاجة إلى أن نصل إلى دمشق لكي نضمن الأمن على حدودنا؟».
وفي صحيفة «جمهورييات»، كتب عثمان غولجيك أن «إردوغان يشغل الرأي العام بأحاديثه عن اللقاء مع الأسد ليحرف الاهتمام عن مشاغل تركيا وأزمتها الاقتصادية»، معتبراً أن الرئيس التركي «افتقد إلى الأسد والأيام الخوالي. لكن ذلك بات حلماً وخيالاً».
ورأى أن «العلاقات مع سوريا ليست كالعلاقات مع السعودية والإمارات ومصر. هؤلاء يمكن أن تخاطبهم بـ»أخي» وتنتهي المشكلة. أمّا مع سوريا، فماذا سنفعل باللاجئين وبالجيش الذي أنشأناه هناك وسلّحناه ودرّبناه؟ والأخطر، التنظيمات الأصولية المتشدّدة في إدلب؟»، ثم أضاف: «لعلّ مشكلة اللاجئين هي الأسهل. عندما يحلّ الاستقرار في سوريا يعود ولو قسم منهم مع حوافز ومساعدات وبصورة سلمية».
وتابع: «يتحدّث إردوغان عن دولة الإرهاب الكردية في شرق الفرات، لكنه لا يتحدّث عن دولة الإرهاب الأصولية في إدلب، حيث اجتمع كل الإرهابيين الأصوليين في العالم والذين لهم خلايا إرهابية داخل تركيا. إلى أين سيذهب هؤلاء في حال قرّر الأسد مهاجمتهم؟ الخيار الوحيد هو ولاية هاتاي (الإسكندرون). فهل نحن مستعدون لهذا الخيار؟».
*صحبفة"الاخبار"اللبنانية
|