وضعت المفوضية الأوروبية 1.5 مليار يورو على الطاولة من أجل برنامج الاستثمار الدفاعي الأوروبي حتى 2027، لكن مسؤولي الاتحاد الأوروبي رأوا أنه ليس كافيًا لتحقيق المطلوب.
طرحت المفوضية الأوروبية، أمس الثلاثاء 5 مارس 2024، أول استراتيجية صناعية دفاعية أوروبية لدعم تنافسية وجاهزية صناعاتها الدفاعية.
لكن هذه الخطط تحتاج إلى الحصول على موافقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء التي اعتادت حماية سيادتها الوطنية عندما يتعلق الأمر بالإنفاق العسكري والأسلحة. وفي هذا السياق، يستعرض تقرير لمجلة بوليتيكو أهم النقاط الرئيسة التي تكشفها الاستراتيجية المقترحة.
تفاصيل الاستراتيجية
حسب بوليتيكو، تشمل الاستراتيجية دفع الدول لشراء المزيد من الأسلحة معًا وتقليل شراء الأسلحة من الولايات المتحدة، وإدراج أوكرانيا في الاتحاد بنحو كامل، وضمان أمن الإمدادات، وتمويل التسهيلات لمواصلة إنتاج السلاح حتى أثناء تراجع الطلب، وتقليص الروتين في مشروعات الدفاع الأوروبي ذات الاهتمام المشترك.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل: “حرب روسيا الوحشية ضد أوكرانيا أعادت الحرب حامية الوطيس إلى أوروبا. وبعد عقود من خفض الإنفاق، يجب أن نستثمر أكثر في الدفاع، لكننا نحتاج إلى فعل هذا معًا وبطريقة أفضل”.
تأثر الصناعة الأمريكية
لفتت المجلة إلى أن أحد أهداف الاستراتيجية هو ضمان أن تشتري حكومات الاتحاد الأوروبي كميات أقل من الأسلحة الأمريكية. وتريد بروكسل أن يذهب نصف ميزانيات المشتريات الدفاعية الوطنية إلى شركات محلية بحلول 2030. لكن حاليًا، تُشترى حوالي 80% من الأسلحة من شركات أجنبية، وأكثر من 60% منها في الولايات المتحدة.
وردًا على سؤال لبوليتيكو عما إذا كانت الاستراتيجية الجديدة تمثل خبرًا سيئًا لصناعة الدفاع الأمريكية، لفتت نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، مارجريت فيستاجر إلى وجود صفقات سلاح تكفي الجميع، وقالت: “أوروبا ستحقق قدرًا أكبر من الاكتفاء الذاتي لكنها لن تكون مكتفية ذاتيًا بالكامل”.
لكن المفوض الأوروبي للسوق الداخلية، تيري بريتون، أجاب بأن صناعة الدفاع الأمريكية لا يمكنها تلبية كل احتياجات أوروبا، خاصة الذخيرة. وقال: “في قطاعات كثيرة سنحتاج إلى إنجاز المهمة بأنفسنا. هذا هو ما يُعرف بالجاهزية الدفاعية والاستقلال الاستراتيجي”.
أموال غير كافية
وضعت المفوضية الأوروبية 1.5 مليار يورو على الطاولة من أجل برنامج الاستثمار الدفاعي الأوروبي حتى 2027، لكن مسؤولي الاتحاد الأوروبي رأوا أنه ليس كافيًا لتحقيق المطلوب. ويريد بريتون صندوق دفاع بقيمة 100 مليار يورو. لكن المفوضية طرحت بعض الخطط لجمع الأموال.
وحسب بوليتيكو، أحد الخيارات المطروحة هو استخدام صناديق التماسك، وهي أموال لمساعدة الدول الأفقر على اللحاق بالدول الأغنى. وتريد المفوضية أيضًا أن يغير بنك الاستثمار الأوروبي سياسة الإقراض للسماح بالاستثمار في الدفاع.
ومن ضمن الخيارات أيضًا أن تقترض الدول ما تحتاج إليه لتعزيز صناعاتها العسكرية. إلا أن هذا يقسم الاتحاد، لأن فرنسا وبولندا وإستونيا تدعم الفكرة، لكن ألمانيا والدول المقتصدة الأخرى مرتابة. ويمكن كذلك الحصول على أموال إضافية من الأرباح غير المتوقعة للأصول الروسية المصادرة، لكن بوريل رفض ذلك الخيار.
تحسين الإنتاج
قد يستخدم برنامج الاستثمار الدفاعي الأوروبي الأموال لإنشاء صندوق لتسريع تحويل سلاسل الإمداد الدفاعية. وسيهدف الصندوق إلى تسهيل الوصول إلى تمويل الديون أو الأسهم للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي ستستخدم ثقل الاتحاد لتوسيع خطوط إمدادها لإنتاح السلاح.
لمواجهة التهديد الروسي.. الاتحاد الأوروبي يضع أول استراتيجية للصناعات الدفاعيةالصناعات الدفاعية الأوروبية
ووفق بوليتيكو، توجد كذلك خطة لمعرفة كيفية تحويل خطوط الإنتاج المدنية سريعًا لإنتاج المنتجات العسكرية. وهذه المبادرات ستكون مثيرة للجدل في العواصم الوطنية التي تشعر بالقلق من فقدان السيطرة على الصناعات الرئيسة.
ورغم ذلك، سيكون من الضروري تحديد التداخلات بين التصنيع الاستهلاكي والتصنيع العسكري من أجل بناء المصانع اللازمة لإبقاء التصنيع العسكري في حالة استعداد حتى لو انخفض الطلب.
تعارض مع الناتو
في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في فيلنيوس، في يوليو الماضي، اتفق القادة على خطة عمل للإنتاج الدفاعي لتعزيز القدرة المشتركة على الشراء والإنتاج. وفي هذا الشأن، قال الزميل بمركز الدراسات الشرقية البولندي والمسؤول السابق بالناتو، روبرت بيشزيل: “إذا اعتُبرت الاستراتيجية الجديدة متناقضة مع خطة الناتو، قد يُسبب هذا مشكلة سياسية”.
ونقلت بوليتيكو عن مسؤول بارز في الناتو قوله إن خطط الاتحاد الأوروبي لزيادة التمويل موضع ترحيب من الحلف، لكن ينبغي أن يركز الاتحاد الأوروبي على معايير الناتو للأسلحة، نظرًا لأن الغالبية العظمى من دول الاتحاد أعضاء في الحلف. وحذر أن “نشر معايير مختلفة سيخلق مخاطر”.
وفي هذا الصدد، استبعد بريتون المخاوف بشأن تعارض الاستراتيجية الأوروبية مع الناتو، موضحًا أن كل هذا يتم “بالتعاون الوثيق مع الناتو”.
وضع أوكرانيا
أشارت بوليتيكو إلى أن إحدى النقاط الرئيسة للمفوضية هي التعامل مع أوكرانيا كعضو في الاتحاد، يستطيع المشاركة في عملية الشراء الأوروبية المشتركة، ويحق للشركات الأوكرانية الحصول على الأموال من برنامج الاستثمار الدفاعي الأوروبي.
وفي هذا السياق، قال بريتون: “ستكون أوكرانيا قادرة على الاستفادة من دعم هذه الاستراتيجية لصناعتها الدفاعية وزيادة قدرتها الإنتاجية مثل أي شركة أوروبية”، مضيفًا أن الهدف هو الإعداد لاندماج جهاز الإنتاج الدفاعي الأوكراني مع نظيره الأوروبي. في حين قالت فيستاجر: “إنها إشارة لمستقبل أوكرانيا كعضو في الاتحاد الأوروبي”.