*فؤاد عثمان
استذكر العراقيون يوم الخميس 16/5/2024، واحداً من أكثر الأيام حزناً ومأساوية في تاريخ العراق القديم والحديث، ألا وهو “اليوم الوطني للمقابر الجماعية” الذي يعتبر ابشع جرائم النظام المقبور بحق الشعب العراقي، ضحايا المقابر التي توثّق (جزءاً) من جرائم النظام السابق بحق مئات الآلاف من المواطنين العراقيين من الذين دفنهم النظام في مقابر جماعية رجالاً ونساءً وأطفالاً وعجائز، حيث للكورد الحصة الاكبر من ضحايا هذه المقابر كون جميع ضحايا عمليات الانفال دفنوا في هذه المقابر في صحراء الجنوب و وسط العراق، وتم العثور على عدد من ضحايا المقابر الجماعية في مواقع عدة في السماوة و الديوانية والنجف و حمرين وتم اعادتهم الى احضان كوردستان ولازال مئات من الضحايا مجهول الاثر
من دواعي الاسف ان قليل من ضحايا المقابر الجماعية التي تم العثور عليهم في المقابر الجماعية لم يجرى لهم فحص حامض نووي DNA ناهيك عن عدم اجراء هذا الفحص لذويهم من اجل التعرف و المطابقة ، عليه لابد التأكيد في هذه المناسبة على ضرورة اجراء حملة شاملة و موسعة من اجل اخذ نماذج الدم من ذوي الشهداء بغية مطابقتها مع نماذج العظام التي تم العثور عليها والتي سوف يتم العثور عليها لاحقا.
ما يسعدني هذه السنة ونحن نحيي ذكرى ضحايا المقابر الجماعية هو تحقيق حلم طالما حلمت به منذ زيارتي الى مقابر الشخية الواقعة بين سماوة و سلمان حيث يحتوي الموقع حسب دائرة المقابر الجماعية على اكثر من 10 مقابر تم الكشف على 3 منها وتم فتح احداها سنة 2019 من قبل فريق المقابر الجماعية حيث كنت واحدا من هذا الفريق ، في السنة الماضية رافقت ذوي الضحايا في زيارتهم الى مقابر خطر ببالي بناء نصب في موقع شيخية و وضع قطعة كبيرة على طريق سماوة سلمان كدلالة على الموقع، وفعلا كتبت مذكرة وقدمت بصفتي ممثل عن منظمة الدفاع عن حقوق ضحايا المقابر الجماعية مذكرة الى رئاسة الاقليم و نائب رئيس حكومة الاقليم و حتى رئاسة الجمهورية لاجل استحصال الدعم المادي. لكن لم تلبي هذه الجهات طلبي مع الاسف .
لكني علمت فيما بعد ان الاخ عمر محمد ( من مجلة انفالستان) تحرك بنفس الاتجاء وقد تمكن من تريتب الامور وقد تم نقل 5 كتل كبيرة من احجار كردستان و بمناسبة ذكرى يوم المقابر الجماعية حيث يزور برفقة المنظمات الناشطة في مجال الابادة الجماعية محافظة السماوة ناقلين معهم هذه الاحجار وسوف يتم وضع هذه الكتل في مواقع المقار الجماعية التي تم الكشف عنها
وبصفتي عملت كثيرا على ملف المقابر الجماعية وشاركت في فتح كثير من المقابر الجماعية في الديوانية و السماوة و حمرين و مناطق اخرى و استنادا على ما اكد عليه الخبراء والمراقبون ارى بوجود تقصير من الجهات المعنية في اقليم كوردستان لمتابعة هذا الملف الى جانب تقصير تشريعي وتنفيذي بحق ذوي الضحايا، ارى من الضروري ان انضم الى المطالبين بتدويل الملف وأن يأخذ حقه في الساحة العالمية الإنسانية
بما يخص العدد الكبير من ضحايا الانفال في المقابر الجماعية كما اسلفت لم يتم العثور الا على عدد قليل من الضحايا لا تعد شيئا مقارنة بالاعداد الهائلة لضحايا الانفال البالغ 182 الف ضحية لازال مصيرهم مجهولة حتى الان،عليه يجب الاسراع في ازالة العقبات القانونية والادارية والمالية امام عملية البحث والتنقيب و تكثيق الجهود و التنسيق بين دائرة المقابرالجماعية في العراق و الجهات ذات العلاقة في اقليم كردستان (وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين) من اجل ذلك
ولابد ان نؤكد هنا ضرورة تعديل قانون رقم 5 لسنة 2006 المعدل بحيث يتم تحديد دور اقليم كردستان بدءا بالبحث والتنقيب مرورا بفتح المقابر و نقل الجثامين و اجراء فحص الحامض النووي في الطب العدلي وصولا باعادة دفنهم في مراسيم لائقة بمثواهم
ختاما كل اجلال و اكرام لضحايا المقابر الجماعية و ضحايا الانفال الذين قتلوا غدرا و دفنوا غرباء
رحم الله شهداء العراق من كل الأطياف والأعراق، وستبقى المقابر الجماعية وصمة عار في جباه المتباكين على النظام السابق
*صحفي و ناشط في مجال الابادة الجماعية