×

  کل الاخبار

  الجيش التركي يسيطر على قرى في دهوك ونزوح مئات العائلات



هدم كنيسة وحرق مئات الدونمات من الأراضي الزراعية

 

محمد الباسم:زاد الانتشار التركي في محافظة دهوك العراقية الحدودية مع تركيا، ، في تطور يظهر أنه مقدمة لعملية قد تشهدها المناطق خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، قد تكون الأكبر والأشد ضد مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، إذ سجلت الساعات الماضية تطورات أمنية، من بينها توزيع القوات التركية منشورات على المواطنين في قرى وبلدات حدودية أطراف محافظة دهوك، تدعوهم إلى الابتعاد عن مواقع وجود مسلحي حزب العمال لضمان سلامتهم.

وقالت مصادر أمنية عراقية إن القوات التركية سيطرت، خلال الأيام الأخيرة، على عشرات القرى في محافظة دهوك شمال العراق، ضمن عملية توغل جديدة في إطار حملة عسكرية أطلقتها أنقرة ضد حزب العمال الكردستاني منذ منتصف يونيو/ حزيران 2021.

وأشارت المصادر لـ"العربي الجديد" إلى أن مئات العائلات اضطرت إلى النزوح باتجاه مناطق أخرى، على أطراف مركز العمادية شمالي دهوك، مبينة أن آليات الجيش التركي دخلت مناطق ديمكا، بعد سلسلة هجمات بالقذائف على مخابئ ومقرات تابعة لمسلحي العمال الكردستاني.

وخلال الأيام الخمسة الماضية، تقدمت القوات التركية باتجاه مناطق "باليتي وكاني مآسي وقرى جبل متين". وكثفت أنقرة في الأيام الأخيرة ضرباتها عبر الطيران والمدفعية على مواقع حزب العمال الكردستاني وتحركاته في دهوك.

وأكد مختار قرية ميسكا التابعة لبلدة كاني ماسي في دهوك، أديب مجيد، نزوح جميع عائلات القرية وعددها 11 إلى مدينة دهوك بسبب الاشتباكات المستمرة بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، لافتاً إلى أن القرية تعرضت لقصف مدفعي خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى هدم كنيسة وحرق مئات الدونمات من الأراضي الزراعية.

هذا ووضع الجيش التركي حواجز عسكرية نقاطاً للتفتيش التي تعمل على إبعاد المدنيين عن مناطق قد تشهد معارك خلال الأيام المقبلة. وذكرت المنشورات التي وزعتها سيطرة تركية للمارين في طريق عقرة بمحافظة دهوك: "نتقدم بالاعتذار من حضراتكم لأننا أوقفناكم أثناء رحلتكم". ومنعت مرور سيارات الشركات السياحية إلى بعض المصايف التي يزورها العراقيون في أيام الصيف الحار، مثل مصيف "كلي شيرانه".

ونقل مراسل "العربي الجديد" عن شهود عيان تأكيدهم أن تدفقاً للقوات التركية والآليات الثقيلة وصل إلى قرى شمالية في مدينة دهوك، مع انتشار القوات السيّارة والراجلة، وعاملت المدنيين في تلك المناطق بطريقة مرنة، لكن القوات التركية لم تتحدث عن نيتها المستقبلية إزاء هذا التوغل العميق داخل الأراضي العراقية. وذكر سكان محليون أن خسائر سجلت في صفوف مسلحي عناصر العمال الكردستاني اضطرتهم إلى التراجع من مواقع كانوا يسيطرون عليها في العمادية والزاب وكاره.

 

التوغل في دهوك خرق للدستور

إلى ذلك، قال القيادي في ائتلاف النصر (ضمن ائتلاف إدارة الدولة) الحاكم في البلاد، عقيل الرديني إن هناك "قلقاً واسعاً من التوغل التركي الأخير، حيث شمل نصب سيطرات عسكرية وإقامة نقاط مرابطة وصولاً إلى مساع لإقامة قواعد عسكرية جديدة، وقد تجاوز حجم التوغل على مدار سنوات 150 كم، وصولاً إلى محيط العمادية وقراها في دهوك".

وأضاف الرديني في تصريحات للصحافيين يوم الاثنين، أن "التوغل التركي خرق للدستور العراقي، وأن صمت حكومتي بغداد والإقليم على ملف حزب العمال الكردستاني أعطى الحجة لأنقرة في التوغل في عمق الحدود، ويجب أن تكون هناك وقفة جدية للدفاع عن سيادة البلاد"، موضحاً أن "زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة إلى بغداد كان بالإمكان استثمارها في الصعيد الأمني، لكن للأسف حصل توغل مباشر في اليوم الثاني لزيارته".

وتواصل القوات التركية، منذ منتصف يونيو/ حزيران 2021، سلسلة من العمليات العسكرية الجوية والبرية في الشمال العراقي، ضمن نطاق نينوى وإقليم كردستان. وتتركز العمليات في سنجار، وقنديل، وسيدكان، وسوران، والزاب، وزاخو. وتضمنت العمليات الأخيرة قصفاً جوياً واغتيالات طاولت قيادات بارزة في حزب العمال الكردستاني.

 

تركيا تتجه نحو السيطرة على مناطق أكثر

كما تواصل "العربي الجديد" مع مصادر أمنية كردية في أربيل، قالت إن "القوات التركية سيطرت على سبع قرى بالكامل خلال الـ24 ساعة الماضية، وهي تتجه نحو السيطرة على مناطق أكثر لطرد واعتقال وتحييد عناصر العمال الكردستاني في محافظة دهوك، وقد تستمر هذه العملية طيلة فصل الصيف الجاري".

 

الصمت الحكومي في بغداد وأربيل متفق عليه

وأضافت المصادر أن "المواقف الأمنية والعسكرية غير معروفة بخصوص ما يحدث في دهوك، لكن كل ذلك يجري وفق اتفاق أمني جرى بين بغداد وأنقرة وأربيل، لأجل إنهاء مخاطر تستهدف الأراضي التركية من محافظة دهوك"، مشيرة إلى أن "الصمت الحكومي في بغداد وأربيل متفق عليه، لكنه قد لا يطول في حال ارتكبت القوات التركية أي إخفاق أو تجاوز على المدنيين".

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام إن قوات بلاده ستنفذ "عمليات مكافحة إرهاب أكثر عزماً وفعالية" على مدار شهور الصيف، كما تعهّد بأن تستكمل تركيا تأمين حدودها مع العراق بحلول الصيف، وتنهي ما بقي لها من عمل عسكري وأمني في سورية.

 

قمة الاستخفاف بالسيادة العراقية

من جهته، قال عضو الاتحاد الوطني، غياث سورجي، إن "الوضع ينذر بأزمة أمنية وعسكرية جديدة، لا سيما أن الجيش التركي يتقدم باتجاه عمق مدينة دهوك، وهذا الخرق يمثل قمة الاستخفاف بالسيادة العراقية"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "الوضع في دهوك مبهم وغير واضح، ومن واجب الحكومة العراقية أن توضح ما يحدث، ولماذا هذا الصمت تجاه وضع الأهالي المربك"، مشدداً على أن "الأتراك يريدون أن يتمددوا أكثر في مناطق إقليم كردستان".

 

حالة هلامية وجرثومية

وأكد الخبير الأمني، سرمد البياتي، أن "تمدد القوات التركية في مناطق دينارته باتجاه عقرة، وفي "كلي شيرانه" وفي مناطق أخرى وقعت تحت سيطرة الأتراك مثل "باولنه"، ويمكن اعتبار الانتشار التركي حالة هلامية وجرثومية، ومن واجب استخبارات الدولة العراقية والأسايش (الكردية) والتحالف الدولي أيضاً تحديد مواقع الأتراك وطريقة انتشارهم".

وأكمل البياتي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الأتراك وضعوا سيطرات ونقاط تفتيش في العمادية، مركز محافظة دهوك، وقد أمروا الشركات السياحية التي تزور المصايف بالعودة إلى بغداد ومناطق أخرى"، موضحاً أن "القوات التركية تعتمد حالياً على طريقة الدفاع المتحرك، لكن الحكومة العراقية عليها أن توضح ما يحدث حفاظاً على سلامة المواطنين العراقيين".

وأعرب سكان المنطقة عن استيائهم من تكرار هذه الهجمات التي تهدد حياتهم وممتلكاتهم. وأكدوا أن القصف التركي المستمر يتسبب في نزوح العديد من العائلات وتدمير مصادر رزقهم، داعين المجتمع الدولي والحكومة العراقية إلى التدخل الفوري لوقف هذه الاعتداءات وحماية المدنيين.

 

رفض سياسي

من جهته، دعا تحالف «قيم»، الذي يضم معظم الحركات والأحزاب المدنية، وضمنها «الحزب الشيوعي العراقي»، الأحد، إلى اتخاذ مواقف مناسبة وقوية، لحماية المواطنين من القصف التركي لقضاء العمادية بمحافظة دهوك.

وقال تحالف «قيم» المدني في بيان: «تستمر القوات التركية، منذ فترة ليست قصيرة، بانتهاك السيادة العراقية، وتُواصل توغلها العسكري، والقصف شبه المستمر لمحافظة دهوك، وبشكل خاص لقضاء العمادية، مع تواصل الاستهتار حد إقامة معسكرات ونقاط تفتيش ثابتة ومتحركة، وتهجير عدد من المواطنين من قراهم، مما يدحض حجة الحكومة التركية، وادّعاءها بأنها تلاحق حزب العمال الكردستاني».

وأضاف: «حتى الآن لم يجرِ اتخاذ أي إجراء رادع لوقف هذه الانتهاكات، سواءً من القوات التركية، أو من حزب العمال الكردستاني، الذي يستخدم الأراضي العراقية في أنشطة تضر باستقرار وأمن بلدنا»، وأكّد التحالف رفضه التام «لعدوان القوات التركية، وانتهاكها المستمر للسيادة».


11/07/2024