حوار مع رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي فائق زيدان
نحن الآن فخورون جدا بما حققناه من كوننا سلطة مستقلة تماما عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا إنجاز ينفرد به العراق عن دول المنطقة
بعد أن تولينا رئاسة مجلس القضاء بداية 2017 نجزم وبثقة أن استقلالية القضاء تامة وبشكل مطلق، وهذا هو السبب الأساسي لما نتعرض له بين الحين والآخر
العراق بلد عربي وهذه حقيقة لا يمكن لأحد نكرانها وعلاقة العراق بمحيطه العربي علاقة القلب بالجسد كل منهما مهم للآخر
هناك حقيقة تاريخية لا يمكن تجاوزها تتعلق بالدور الامريكي في إزاحة النظام الدكتاتوري من حكم العراق وبناء نظام جديد بعد 2003 قائم على أساس التداول السلمي للسلطة
قبل تشكيل آخر ثلاث حكومات (حكومة السيد عادل عبدالمهدي وحكومة السيد الكاظمي والحكومة الحالية) عرض علينا تولي منصب رئيس مجلس الوزراء من جهات متعددة وفي كل مرة كنا نرفض
*مجلة"المجلة"اللندنية
إبراهيم حميدي:رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، الذي يوصف بأنه الرجل القوى في العراق، خصّ "المجلة" بحديث شامل ونادر، قدم فيه رؤيته لاستقلالية القضاء العراقي وعلاقته بالقوى السياسية في البلاد، إضافة إلى موقفه من علاقات العراق بمحيطه العربي والإقليمي وامريكا.
يقول زيدان إنه منذ توليه رئاسة مجلس القضاء بداية العام 2017 "نخوض معركة شرسة لبناء قضاء مستقل يرسخ مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الدستور"، قائلا: "نحن الآن فخورون جدا بما حققناه من كوننا سلطة مستقلة تماما عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا إنجاز ينفرد به العراق بالمقارنة مع الدول العربية ودول المنطقة، وبعد أن تولينا رئاسة مجلس القضاء نجزم وبثقة أن هذه الاستقلالية تامة وبشكل مطلق".
كما دافع عن علاقة بغداد بواشنطن، قائلا: "من خلال لقاءاتنا الشخصية مع القادة السياسيين في العراق وكذلك مع من يمثل امريكا (...) نلمس من خلال هذه اللقاءات أن هناك رغبة متبادلة بين الدولتين في استمرار العلاقة الإيجابية وفق اتفاقات ثنائية تنظم أطر هذه العلاقة مستقبلا". وقلل من أهمية سعي نائب امريكي لممارسة ضغوط عليه، قائلا: "لا ننظر باهتمام إلى ما صدر من هذا النائب الامريكي لأننا نعرف جيدا موقف الإدارة الامريكية وكذلك موقف الكونغرس بشكل عام".
وهنا نص الحديث :
هاجسنا الأول تعزيز استقلالية القضاء
*كيف تصفون دوركم في مجلس القضاء الأعلى وتفعيل دوره في استقلالية القضاء وحياديته؟
- في بداية عام 2017 تسلمنا منصب رئاسة مجلس القضاء الأعلى وكان هاجسنا الأول تعزيز استقلالية القضاء وحياديته لأن هذا الهاجس هو حلم أي قاضٍ منذ اليوم الأول لعمله في القضاء بأن يكون مستقلا وحياديا وغير مرتبط بأي جهة، لذا حققنا إنجازا في هذا السياق يتمثل في فك ارتباط المعهد القضائي إداريا من وزارة العدل وضمه إلى مجلس القضاء، وحصل ذلك في منتصف عام 2017 بعد أشهر من تولينا المنصب.
وكان لهذا الإنجاز أثر مهم في شعور طالب المعهد القضائي بأنه لا يحتاج تزكية أو تدخل حزب باعتبار أن وزارة العدل هي من حصة الأحزاب في تشكيل أي حكومة.
لهذا حرصنا على أن يشعر القاضي منذ اليوم الأول للدراسة في المعهد القضائي بالاستقلالية التامة. كذلك زرعنا في نفوس جميع القضاة الثقة بالنفس وحررناهم من عقدة تدخل الجهات السياسية وغيرها في تغيير أماكن عملهم أو منحهم أو حرمانهم من المناصب القضائية في حال عدم الاستجابة لطلباتهم والآن القاضي يشعر بالقوة والطمأنينة في اتخاذ القرار الذي يقتنع به وفق القانون.
دور للقضاء بين المؤسسات الكثيرة في العراق
* منذ غزو امريكا للعراق، كان للقضاء دور بين المؤسسات الكثيرة في العراق، هل يمكن إعطاؤنا نظرة معمقة عن هذا الدور والتدرج فيه؟ وماذا عن دوركم الشخصي في ذلك؟
- بعد سنة 2003 ساهم القضاء في إعادة بناء الدولة من خلال التحقيق ومحاكمة المنتمين للتنظيمات الإرهابية التي اتخذت من العراق ساحة لنشاطها الإجرامي ودفع القضاء ثمنا كبيرا جراء ذلك حيث استشهد 85 قاضيا و187 موظفا. ونحن على المستوى الشخصي ترأسنا محكمة التحقيق المركزية منذ بداية سنة 2005 ولغاية 2013 وكانت أهم محكمة في العراق باعتبار أن لها الولاية على كافة المحافظات العراقية وتختص بالنظر في جرائم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، كذلك لسنوات عديدة كانت تختص بمكافحة جرائم الفساد المالي والإداري، ومن خلال ممارسة هذا الاختصاص كان لنا شرف المساهمة في الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة وإعادة بناء ما تم تخريبه، وكانت المنظمات الإرهابية خلال فترة سيطرتها على مناطق متعددة من العاصمة بغداد على مقربة من بناية المحكمة التي نعمل فيها لذا كنا لا نستطيع مغادرة المحكمة والذهاب إلى عوائلنا وكانت المحكمة هي مكان عمل وسكن في الوقت نفسه، حيث كنا نتخذ طاولة المكتب سريرا للنوم إلى أن عادت الحياة إلى طبيعتها تدريجيا.
وتم ترشحنا إلى عضوية محكمة التمييز سنة 2012 مع 23 قاضيا آخر ووافق مجلس النواب على هذا الترشيح وهنا انتقلنا إلى مهمة أخرى لا تقل أهمية عن السابقة حيث مارسنا دورا مهما في إعادة تقويم أداء المحكمة في الانسجام مع التوجه العام في مكافحة الإرهاب وبناء دولة ما بعد 2003 ثم ترشيحنا من مجلس القضاء الأعلى لمنصب نائب رئيس محكمة التمييز وهنا مارسنا دورا أكبر بحكم المسؤولية الإدارية الإضافية كون من يشغل هذا المنصب يصبح عضوا في مجلس القضاء الأعلى الذي يدير عمل القضاء في العراق وأيضا كانت فرصة لنا لتقويم الأخطاء وتمكين القضاة الجيدين في الوصول إلى مناصب مهمة في المحاكم وتصويب قرارات مجلس القضاء في حينه.
وسنة 2016 تم ترشيحنا أيضا بإجماع مجلس القضاء إلى منصب رئيس محكمة التمييز ووافق مجلس النواب على هذا الترشيح وهنا توسعت صلاحيتنا في تطوير العمل القضائي والإداري للمحاكم.
* وفي 2017 صدر قانون مجلس القضاء الأعلى النافذ حاليا...
-في سنة 2017 صدر قانون مجلس القضاء الأعلى الذي فصل إداريا عمل مجلس القضاء الأعلى عن المحكمة الاتحادية في حينها لأن رئيس المحكمة الاتحادية كان يرأس مجلس القضاء الأعلى بموجب المادة (45) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية (الملغى) بصدور دستور سنة 2005. لكن القانون 45 لسنة 2017 أعاد النص نفسه الذي كان معمولا به بموجب قانون السلطة القضائية رقم 26 لسنة 1963 وهو أن يكون رئيس محكمة التمييز رئيسا لمجلس القضاء الأعلى.
لذا تولينا المنصب في 23 يناير/كانون الثاني 2017، ومنذ ذلك الحين ونحن نخوض معركة شرسة لبناء قضاء مستقل قوي لا يسمح لأي جهة بالتدخل في عمله القضائي أو الإداري ويرسخ مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المادة 47 من الدستور وأن يكون سلطة موازية عمليا للسلطتين التشريعية والتنفيذية وهذا ما حصل فعلا، ونحن الآن فخورون جدا بما حققناه من كوننا سلطة مستقلة تماما عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا إنجاز ينفرد به العراق بالمقارنة مع الدول العربية ودول المنطقة.
استقلالية تامة وبشكل مطلق
* في تقييمك لأداء القضاء، كم تعطي نسبة لاستقلاليته عن الضغوطات السياسية، في بلد يتحكم فيه السياسيون في كل شيء؟
-الاستقلالية التي تحققت للقضاء منذ 2003 لغاية 2017 كانت نسبية وغير كاملة من حيث الأداء وتدخل الجهات السياسية وغيرها سواء في التأثير على القرار القضائي أو الإداري في القضاء.
لكن بعد أن تولينا رئاسة مجلس القضاء بداية 2017 نجزم وبثقة أن هذه الاستقلالية تامة وبشكل مطلق، وهذا هو السبب الأساسي لما نتعرض له بين الحين والآخر (شخصيا) من هجوم إعلامي تقف خلفه أجندات ومؤامرات سياسية لأننا متمسكون بالاستقلال المطلق للقضاء. وبحكم علاقاتنا الإيجابية الشخصية مع قادة البلد من السياسيين من مختلف الانتماءات القومية والدينية والتوجهات السياسية تمكنا من إيقاف ووضع حد لرغبة السياسيين في التدخل بعمل القضاء ووفرنا الحماية للتشريعات التي تخص القضاء والتوضيح لهم أهمية الحفاظ على استقلال القضاء.
حضور اجتماع الرئاسات الثلاث
* كيف تنظر إلى حضور رئيس مجلس القضاء الأعلى، أو رئيس المحكمة الاتحادية بعنوان اجتماع الرئاسات الثلاث عند حدوث أزمة، كما حدث في "أحداث تشرين" 2019؟
-في العراق دستوريا توجد ثلاث سلطات ،السلطة التشريعية يمثلها رئيس مجلس النواب والسلطة التنفيذية يمثلها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والسلطة القضائية يمثلها رئيس مجلس القضاء الأعلى.
لهذا يحصل في كثير من الأحيان ظرف ذو طبيعة سياسية خالصة يقتضي عقد اجتماع للرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب) يطلق عليه (اجتماع الرئاسات الثلاث).
في أحيان قليلة أخرى يحصل ظرف ذو طبيعة قضائية لذا يعقد اجتماع يحضره إضافة إلى الرؤساء الثلاثة أعلاه رئيس مجلس القضاء الأعلى ويسمى اجتماع (السلطات الثلاث) وليس الرئاسات لكن تختلط التسميات في الإعلام لذا أحيانا يسمى اجتماع (الرئاسات الأربع).
لم يسبق أن حضر رئيس المحكمة الاتحادية أيا من هذه الاجتماعات لأن الرئيس الحالي للمحكمة شغل المنصب سنة 2021 والرئيس السابق للمحكمة لم يحضر هذه الاجتماعات، أما حضوري أنا فقد كان يقتصر على الاجتماعات التي تدرج ضمن جدول أعمالها قضية قضائية ومثاله الاجتماعات التي حصلت سنة 2019 وما بعدها لأن هذه الاجتماعات كانت تتضمن مناقشة إجراءات القضاء في "أحداث تشرين" من حيث صدور مذكرات توقيف بعض المتظاهرين أو التحقيق في جرائم قتل المتظاهرين أو رجال الأمن والتحقيق في الجرائم التي رافقت المظاهرات وهذه قضايا لا يمكن (للرؤساء الثلاثة) مناقشتها وحدهم بل لا بد من وجود تمثيل للقضاء في هذا الاجتماع بشخص رئيسه لذا كنا نحضر هذه الاجتماعات.
* كيف يمكن وصف علاقتكم على المستوى الشخصي برئيس المحكمة الاتحادية، خصوصا بعد قرار محكمة التمييز إزاء قرارات المحكمة؟
-علاقتنا إيجابية شخصيا ووظيفيا كونه عمل تحت إدارتنا لسنوات طويلة وبحكم هذه العلاقة رشحناه سنة 2021 لتولي منصب رئيس المحكمة الاتحادية، أما الخلاف في وجهات النظر القانونية فمسألة طبيعية ولا يعني وجود خلاف شخصي سيما أنه أدرك ومعه أعضاء المحكمة الاتحادية اجتهادهم الخاطئ بإصدار القرار بتعديل فقرة في مادة من قانون التقاعد الموحد والخاصة بشروط تقاعد القضاة وأعضاء الادعاء العام لأن تعديل القانون مثل تشريعه ليس من اختصاص المحكمة الاتحادية إنما من اختصاص مجلس النواب وهذه بديهية لذا لم يكن أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز القضائية خيار آخر سوى الاجتهاد بإعدام قرار المحكمة الاتحادية الخاص بتعديل الشروط القانونية لتقاعد القضاة وأعضاء الادعاء العام.
عن شرط تحقق أغلبية الثلثين
*ما تفسيركم لموضوع اشتراط الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية أو تشكيل الحكومة؟
-شرط تحقق أغلبية الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية منصوص عليه في "المادة 70 الفقرة أولا" من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 التي نصت على "ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيسا للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه". ومن هذا النص يتضح جليا أن شرط الثلثين هو ليس من اجتهاد القضاء إنما نص دستوري ومعمول به منذ سنة 2005 بانتخاب الرئيس الراحل جلال طالباني من ثم الرئيس الأسبق فؤاد معصوم والسابق برهم صالح وأخيرا عبداللطيف رشيد بالرجوع إلى محاضر جلسة مجلس النواب الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية منذ 2005 وإلى انتخاب الرئيس الحالي سوف يلاحظ أن أول إجراء يقوم به رئيس مجلس النواب هو التحقق من حضور أغلبية ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب، وعندما يحصل نقاش على المستوى الشخصي مع جميع القادة السياسيين من مختلف الانتماءات يقرون بذلك بأنه الضمانة الدستورية للمكونات الأقل عددا في عدم تمرير قوانين مهمة أو إشغال مناصب مهمة دون موافقتهم ومثاله شرط أغلبية الثلثين لتشريع قانون مجلس الاتحاد في المادة 65 من الدستور. والبت في صحة عضوية أعضاء مجلس النواب في المادة 52 من الدستور أيضا بأغلبية ثلثي الأعضاء. كذلك الشرط نفسه (أغلبية الثلثين) مطلوب لتشريع قانون المحكمة الاتحادية في المادة 92/ ثانيا من الدستور.
رفضت رئاسة الوزراء 3 مرات
*هناك من يقول إن القاضي فائق زيدان يهيئ نفسه لمنصب رئيس الوزراء، بعد تقاعده من منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى. ما رأيك؟
- قبل تشكيل آخر ثلاث حكومات (حكومة السيد عادل عبدالمهدي وحكومة السيد الكاظمي والحكومة الحالية) عرض علينا تولي منصب رئيس مجلس الوزراء من جهات متعددة في كل مرة وكنا نرفض ذلك لأسباب عديدة أهمها عدم رغبتنا ممارسة العمل السياسي ورغبتنا في الاستمرار بالعمل القضائي لإكمال رسالتنا في بناء القضاء الذي نطمح إليه.
قناعتنا في عدم إشغال منصب رئاسة مجلس الوزراء باقية حتى في حال إحالتنا على التقاعد لأن الأسباب في رفض المنصب باقية نفسها وأقصد تحديدا عدم وجود رغبة في ممارسة العمل السياسي وتعقيداته.
فيدرالية اقليم كردستان أخذ شكله الدستوري بعد 2003 ونفاذ دستور 2005
* هل أنت قلق من تفكيك العراق؟ وكيف تنظر إلى الفيدرالية والعلاقة بين بغداد وأربيل؟
-لا يوجد عندي قلق من تفكيك العراق على الأقل (خلال المرحلة الحالية) لأن فرضية التفكك تثار بسبب وجود إقليم كردستان، وهذا الواقع حصل بعد غزو الكويت من قبل النظام السابق سنة 1990 وأخذ شكله الدستوري بعد 2003 ونفاذ دستور 2005.
من خلال معرفتنا الشخصية بالقادة الكرد سواء في أربيل أو في السليمانية لم نلمس منهم أي رغبة في الانفصال عن العراق بل على العكس وبحسب ما يصرحون به في اللقاءات الخاصة تمسكهم بوحدة العراق وبكونهم جزءا من العراق ضمن الأطر الدستورية التي نظمت الفيدرالية.
لكن المشكلة تكمن في تفسير النصوص الدستورية التي نظمت الفيدرالية والعلاقة بين المركز والإقليم خصوصا في ما يتعلق بإدارة الثروات الطبيعية وأقصد النفط والغاز وإدارة المنافذ الحدودية وإيراداتها وهذا الاختلاف في تفسير مواد الدستور هو الذي يجعل العلاقة بين المركز والإقليم تتأرجح بين المد والجزر بحسب فهم كل طرف لحقوقه وواجباته الدستورية.
علاقة العراق بمحيطه العربي والإقليمي
* كيف ينظر الأستاذ فائق زيدان إلى علاقة العراق بمحيطه العربي والإقليمي؟
* العراق بلد عربي وهذه حقيقة لا يمكن لأحد نكرانها وعلاقة العراق بمحيطه العربي علاقة القلب بالجسد كل منهما مهم للآخر. أما علاقته بدول الإقليم فهي الأخرى علاقة واقعية حتمية يفرضها الواقع الجغرافي والاجتماعي، وإزاء هذه الحقائق يحرص العراق على أن تكون علاقاته إيجابية مع الجميع وفق قواعد احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. ومن هذا المنطلق وباعتبار السلطة القضائية سلطة دستورية تعمل وفق السياق العام للدولة حرص القضاء العراقي على أن تكون علاقته في مجال اختصاصه مع جميع الدول العربية والإقليمية والعالمية بالمستوى نفسه لذا تبادلنا الزيارات الرسمية وتبادل مذكرات التفاهم والتعاون مع الدول العربية مثل قطر والكويت والأردن والسعودية والإمارات ولبنان وسوريا والمغرب، وإقليميا مع تركيا وإيران، وكذلك مع بقية دول العالم مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبيلاروسيا وأذربيجان مؤخرا. ونسعى لتعزيز هذا التعاون والانفتاح على بقية الدول العربية والعالمية.
العلاقة الإيجابية مع امريكا مهمة للعراق
*ما مستقبل العلاقة بين العراق وامريكا؟
-هناك حقيقة تاريخية لا يمكن تجاوزها تتعلق بالدور الامريكي في إزاحة النظام الدكتاتوري من حكم العراق وبناء نظام جديد بعد 2003 قائم على أساس التداول السلمي للسلطة بموجب الدستور وفق أسس ومبادئ الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي واحترام حقوق الإنسان.
ونحن في السلطة القضائية تحقق لنا لأول مرة الاستقلال الكامل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية بعد 2003 لذا نرى أن العلاقة الإيجابية مع امريكا مهمة للعراق على وفق المبادئ نفسها التي سبق وأن ذكرتها في العلاقة بين العراق ومحيطه العربي والإقليمي والتعامل مع العراق على أساس أن العراق دولة مستقلة ذات سيادة.
ومن خلال لقاءاتنا الشخصية مع القادة السياسيين في العراق وكذلك مع من يمثل امريكا سواء من خلال سفارتها في العراق أو الشخصيات الامريكية التي تزور العراق ونبحث معها التعاون بين البلدين في اختصاصنا القضائي نلمس من خلال هذه اللقاءات أن هناك رغبة متبادلة بين الدولتين في استمرار العلاقة الإيجابية وفق اتفاقات ثنائية تنظم أطر هذه العلاقة مستقبلا.
نعرف جيدا موقف الإدارة الامريكية
*حاول نائب امريكي الضغط عليكم في الكونغرس، وهذا قوبل بانتقادات وإدانات عراقية لأنه تدخل في شؤون العراق. كيف تنظرون إلى الأمر؟
-في الدول البرلمانية يكون لأعضاء مجالسها النيابية حرية التعبير عن رأيهم وموقفهم في مختلف المواضيع السياسية والاقتصادية والقانونية... إلخ. لكن هذا الرأي الشخصي لأي عضو مجلس نيابي لا يعبر بالضرورة عن رأي المجلس بشكل كامل أو رأي حكومة الدولة التي ينتمي إليها، لذا لا ننظر باهتمام إلى ما صدر من هذا النائب الامريكي لأننا نعرف جيدا موقف الإدارة الامريكية وكذلك موقف الكونغرس بشكل عام إضافة إلى أننا نعرف الأسباب الحقيقية التي دعت هذا النائب للتصريح بما صرح به وهو مؤكد تصريح غير دقيق ومبني على معلومات غير صحيحة مقدّمة له من أشخاص عراقيين متضررين من قرارات القضاء منهم موجودون داخل العراق وآخرون هاربون خارج العراق كونهم مطلوبين للقضاء، للأسف يعتقدون واهمين أن هكذا تصريحات يمكن أن تؤثر علينا.
من هو فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى بالعراق؟
من مواليد بغداد 1967 حاصل على شهادة البكالوريوس في القانون من كلية القانون في جامعة بغداد والماجستير والدكتوراه في القانون الدولي من الجامعة الإسلامية في لبنان.
عمل في مهنة المحاماة في بغداد ودرس في المعهد القضائي في بغداد 1997 وعين قاضيا في بغداد سنة 1999 حيث عمل في عدد من المحاكم المدنية والجنائية ومحاكم الأحوال الشخصية.
في سنة 2005 شغل منصب رئيس محكمة التحقيق المركزية التي تختص بالتحقيق في الجرائم المهمة في العراق.
في عام 2012 تم التصويت في مجلس النواب على تعيينه عضوا في محكمة التمييز.
في عام 2014 صدر مرسوم جمهوري بتعيينه نائب رئيس محكمة التمييز.
في عام 2016 صوّت مجلس النواب على تعيينه في منصب رئيس محكمة التمييز.
وفي عام 2017 صدر قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45 تم بموجبه فصل مجلس القضاء الأعلى عن المحكمة الاتحادية وأصبح رئيس محكمة التمييز تلقائيا رئيس مجلس القضاء بحسب نص القانون.
ماهي إنجازاته؟
1- ضم المعهد القضائي إلى مجلس القضاء إداريا بعد أن كان تابعا لوزارة العدل.
2- إدخال النظام الإلكتروني في إدارة الدعاوى وتنظيم عقود الزواج عبر الهاتف بنظام إلكتروني.
3- إجراء المحاكمات عن بعد بواسطة تقنية "الفيديو كونفرنس".
4- الشروع في إعادة بناء جميع أبنية محاكم العراق وبناء دور سكن للقضاة والموظفين.
5- زيادة عدد النساء القاضيات وتشكيل رابطة القاضيات العراقية والانضمام إلى رابطة القاضيات الدولية.
6- الانفتاح على القضاء العربي والإقليمي والدولي وإبرام مذكرات التعاون مع هذه الدول.
7- الانضمام إلى منتدى المحاكم التجارية الدولي ومقره لندن.
8- والإنجاز الأهم هو جعل السلطة القضائية من حيث المنزلة والقوة واقعيا بمنزلة السلطتين التشريعية والتنفيذية وتحقيق الاستقلال التام عنهما ورفض أي تدخل ومن أي جهة كانت.