×

  قضايا كردستانية

  عن ضرورات تشكيل حكومة الإقليم في ظل التغيرات السياسية والإقليمية



*د. سمكو الشواني

شهد إقليم كوردستان العراق في الأشهر الماضية إجراء انتخابات برلمانية كانت محورية في تشكيل المستقبل السياسي للإقليم والعراق بشكل عام. ومع مرور الوقت، أصبح من الواضح أن تشكيل الحكومة في كوردستان لم يتم بعد، ما يطرح عدة تساؤلات حول أسباب التأخير وآثاره المحتملة على الإقليم وعلى الوضع العراقي ككل.

 

أولاً: الانتخابات والتغيرات السياسية في كوردستان والعراق

في الأشهر الأخيرة، جرت انتخابات في إقليم كوردستان، وهي تعد خطوة هامة نحو تعزيز الديمقراطية في الإقليم، لكنها تزامنت مع تغيرات سياسية وإقليمية كبيرة في المنطقة. كانت هذه الانتخابات تعبيرًا عن إرادة شعبية، وقد أسفرت عن فوز عدد من الأحزاب السياسية، إلا أن تشكيل الحكومة لم يتم بسبب الخلافات المستمرة بين الأطراف السياسية، خاصة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني (KDP) والاتحاد الوطني الكوردستاني (PUK).

تزامن ذلك مع صعوبات في العلاقة بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في بغداد، بالإضافة إلى التوترات الإقليمية بين القوى الكبرى في الشرق الأوسط، ما زاد من تعقيد الأوضاع.

 

ثانياً: أهمية تشكيل الحكومة في كوردستان

تشكيل حكومة إقليم كوردستان له أهمية كبيرة على عدة أصعدة. أولاً، الحكومة الجديدة ستكون المسؤولة عن إدارة شؤون الإقليم، وتحديد السياسات الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى التعامل مع قضايا الأمن والاستقرار. ثانياً، في ظل التحديات الاقتصادية التي يعاني منها الإقليم، مثل انخفاض أسعار النفط والتحديات المتعلقة بالموارد المالية، فإن وجود حكومة فعالة قد يكون هو السبيل الوحيد لضمان استدامة الأوضاع الاقتصادية في الإقليم.

أيضًا، هناك أهمية سياسية تتمثل في تقديم حكومة كوردستان الجديدة ورقة قوية للمفاوضات مع الحكومة الاتحادية في بغداد لا سيما في موضوعات مثل تخصيص حصة الإقليم من الميزانية الاتحادية، وملف النفط والموارد الطبيعية، وتفعيل المادة 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها.

 

ثالثاً: احتمالات المستقبل في العراق إذا لم يتم تشكيل الحكومة

في حال استمر التأخير في تشكيل الحكومة في كوردستان، قد تزداد حدة التوترات الداخلية بين الأطراف السياسية، مما يؤثر سلبًا على الاستقرار في الإقليم.

من الممكن أن يؤدي ذلك إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية أو إلى تهديدات أمنية نتيجة لفراغ السلطة. كما أن تأخير تشكيل الحكومة قد يعطل مشاريع التنمية أو يعيق تقدم الإقليم في مجالات مختلفة.

من جهة أخرى، يمكن أن تؤدي هذه الأزمة السياسية في كوردستان إلى تأثيرات سلبية على الوضع العراقي العام.

 إذ أن إقليم كوردستان يمثل جزءًا أساسيًا من العراق، وعدم استقرار الوضع فيه قد ينعكس على الاستقرار الوطني، خاصة في ظل الوضع المعقد الذي يواجهه العراق في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.

 

رابعاً: التأثيرات الإقليمية والدولية

لا يمكن إغفال التأثيرات الإقليمية والدولية في هذا السياق. ففي الوقت الذي يشهد فيه الشرق الأوسط تغييرات كبيرة في الخريطة السياسية، تتداخل مصالح القوى الكبرى في العراق.

 من هنا، فإن استمرار حالة عدم الاستقرار في إقليم كوردستان قد يؤدي إلى تدخلات أو تأثيرات من دول الجوار، مما يعقد الوضع أكثر. علاوة على ذلك، فإن استمرار الوضع الراهن قد يضعف قدرة إقليم كوردستان على تأمين حقوقه السياسية والاقتصادية في الساحة الإقليمية والدولية.

في الختام إن تشكيل حكومة إقليم كوردستان في الوقت الراهن يمثل خطوة حاسمة نحو ضمان استقرار الإقليم وضمان حقوق شعبه في العراق.

 تأخير هذه الخطوة يعكس تحديات سياسية كبيرة، ويجب على الأطراف المعنية العمل على تسوية خلافاتهم للوصول إلى حل يضمن تشكيل حكومة تمثل تطلعات الشعب الكوردستاني وتعزز استقرار الإقليم والعراق بشكل عام.


15/12/2024