×

  بحوث و دراسات

  الزعامة المفخمة



*عبد المنعم الأعسم

 

منذ سبعمائة عام رصد ابن خلدون معايب المديح المفرط للسلاطين والساسة بعد أن ترتفع حظوظهم بـ "الترف والنعمة" حيث تحيطهم "ثلة من المرتزقين والوصوليين" فينتهي الأمر بهم إلى المغالاة بقدراتهم وتفخيم الذات فوق ما هي عليه، ويظهر ذلك عليهم على نحو سلوك طاووسي. الخيلاء الفارغة. الزهو بالمظهر. الاستعراضية. الأنـَفة. تصغير الآخرين وإذا ما أمكن قهرهم.

 وتحفظ الذاكرة الشعبية الفولكلورية روايات كثيرة عن الفجائع والمفارقات والمعارك المسرحية او الكارثية يرافقها النفخ في الزعامات فصار الأمر من لوازم ثقافة الخراب، تؤدي في ما تؤدي إليه خلق زعامة موهومة بالنفس لتصبح مركّبا من مركبات السايكولوجية المعتلة تأخذ صاحبها إلى ادعاء القوة، او الاستيهام بها تمثيلها او الشعور بها.

 ويؤكد محللو هذه الشخصية أن أصحابها يعانون في دواخلهم نوعا من الضعف يصل حد الجُبن، فليس غير الجبان من يحتاج إلى الزعم بانه قوة لا تقهر، ولا تُكسر، ولا تبارى، فيما الفارس يتحدث الآخرون والتاريخ عن مآثره وشجاعته وانتصاراته.

اللافت أن لوثة تفخيم الزعامات تبرز في ظروف الانحطاط والهشاشة والفشل، لتبدو كما لو انها عقوبة لصاحبها.. ثم للأمم التي لم تتعظ من التاريخ.


09/01/2025