المرصد-خاص
اجتمع وفد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، المكون من رئيسيه المشاركين، تولاي حاتم أولاري وتونجار باكيرهان، ورئيسي كتلتهم البرلمانية، جولستان كيليتش كوتشي، وسزاي تملي، 27 مايو ٢٠٢٥مع رئيس وأعضاء حزب الحركة القومية.
وبحسب بيان للحزب الكردي، استمر الاجتماع بين رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي وفتحي يلديز وجلال آدان 40 دقيقة، جرى تبادل شامل للآراء حول التطورات في تركيا والمنطقة في جو بناء للغاية.
و نوقشت خلال الاجتماع التطورات التي أعقبت نداء السلام والمجتمع الديمقراطي، وعملية التحول الديمقراطي في تركيا، والاجتماع الذي عقده مجلس إدارة حزب الحركة الديمقراطية مع عبد الله أوجلان، وقرارات المؤتمر الذي أعلنه حزب العمال الكردستاني في 12 مايو/أيار.
كما نوقشت قضايا مثل الخطوات الواجب اتخاذها للمضي قدمًا في العملية، ودور البرلمان، والحزمة القضائية الجديدة، واللجنة المتوقع إنشاؤها في البرلمان، والدستور.
تم التأكيد على أهمية إنشاء لجنة مُخوّلة بالكامل داخل مجلس إدارة تركيا المركزي، وهو ما دعا إليه بهجلي أيضًا، واعتماد آلية تُمكّن الأحزاب السياسية من المشاركة بفعالية في هذه العملية.
بهجلي وكلمة مثيرة للجدل
الى ذلك ألقى زعيم حزب الحركة القومية (MHP) دولت بهجلي كلمةً علنيةً اليوم بعد أشهر من الغياب عن المشهد العام.
وجاءت تصريحاته غامضة حيث أشار إلى أن “كل شيء له وقت، وهذا الوقت يقترب” ليثير تساؤلاتٍ حول مغزاها السياسي، خاصةً بعد استقباله وفداً من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية الكردي في البرلمان صباح اليوم.بدأ بهجلي يومه باستقبال رئيسي حزب المساواة الشعبية والديمقراطية المشاركين، تونجر باكيرخان وتولاي خاتم أوغولاري، في جلسةٍ نادرةٍ بالبرلمان التركي.
ثم توجه إلى كيزيلجاهامام للمشاركة في مراسم إحياء الذكرى السنوية لشهداء الحركة القومية، حيث وضع إكليلاً من الزهور عند النصب التذكاري وألقى كلمةً أمام الصحفيين.
وفي أول ظهورٍ علنيٍ له منذ فبراير/شباط الماضي، بعد خضوعه لجراحةٍ في صمام القلب، استشهد بهجلي بأبياتٍ للشاعر الصوفي يونس إمره قائلاً: “كل شيء له وقت، وهذا الوقت يقترب.. لم يخضعوا لنير الظلم، ولم يستسلموا حتى لو وقعوا في كمائن الغدر. لم ييأسوا أمام المحن والصعاب”. ثم أضاف: “كما يقول شاعرنا الراحل: لا تهتم! هناك خالقٌ وهو النصير. لا تظن أن ظلم الظالم سيدوم. دعوة المظلوم تزلزل العروش. كل شيء له وقت”.
رسالة أثارت تساؤلات
أثارت تصريحات بهجلي، خاصةً بعد لقائه وفد حزب المساواة الشعبية والديمقراطية، تكهناتٍ حول إمكانية وجود رسائل سياسية خفية. فالعبارة المتكررة عن “الوقت المقترب” تُفسر في أوساطٍ سياسيةٍ على أنها إشارةٌ إلى تغييراتٍ محتملةٍ في المشهد التركي، ربما مرتبطةٍ بالتحالفات الانتخابية أو ملف المصالحة الوطنية مع الكرد. يذكر أن بهجلي كان قد ألغى جميع اجتماعات الحزب خلال فترة علاجه، واكتفى بإصدار بياناتٍ مكتوبةٍ حتى اليوم.
ردود الأفعال
لم تصدر حتى الآن تعليقاتٌ رسميةٌ من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية أو غيره على كلمة بهجلي، لكن مراقبين لاحظوا أن اختياره لشعر يونس إمره – الذي يجسّد قيماً إنسانيةً تتجاوز الانقسامات الإثنية – قد يحمل دلالاتٍ تتجاوز الخطاب التقليدي للقوميين الأتراك. فيما يرى آخرون أن الخطاب ظلّ ضمن الإطار المعتاد للخطاب القومي التركي، مع تركيزٍ على تضحيات الشهداء ورفض “الخيانة” و”المؤامرات”.
يُنتظر أن تكشف الأيام القادمة ما إذا كانت هذه التصريحات مجرد استعادةٍ للخطاب الرمزي أم أنها تمهيدٌ لتحولاتٍ سياسيةٍ أوسع في تحالف “الشعب” الحاكم.
بهجلي يدعو إلى تأسيس لجنة وطنية لإدارة “المرحلة الجديدة”
الى ذلك وفي بيان مطوّل ومفصلي بمناسبة إحياء الذكرى الـ106 لانطلاق حركة الاستقلال التركية في 19 مايو 1919، قدّم رئيس حزب الحركة القومية (MHP) دولت بهجلي قراءة سياسية لمستجدات الساحة التركية، وعلى رأسها إعلان حزب العمال الكردستاني (PKK) عن حلّ نفسه، معتبراً أن تركيا انتقلت إلى “مرحلة جديدة” تتطلب استيعاباً هادئاً ومسؤولاً، وحواراً شاملاً بين المكونات السياسية.
وأكّد بهجلي أن إعلان العمال الكردستاني حلّ نفسه في 12 مايو 2025، والالتزام بإلقاء السلاح، يُعدّ منعطفاً بالغ الحساسية والدقة في مسار مكافحة الإرهاب. ورغم إشادته بالأثر الرمزي لهذا القرار، شدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب تيقظاً، ورفضاً لأي استفزاز أو سوء فهم قد يعيد إشعال التوتر.
وأشار إلى أن “تركيا، بقيادتها القوية، باتت قادرة على تمزيق دائرة الكراهية، وفتح ستار المستقبل على حقبة خالية من الإرهاب”، لكنه حذر من “الانجرار خلف المزايدات السياسية أو المواقف الانفعالية التي تفسد هذه الفرصة التاريخية”.
دعوة لتأسيس لجنة برلمانية لبناء “تركيا بلا إرهاب”
بهجلي قدّم اقتراحاً عملياً لإنشاء “لجنة وطنية لوحدة الصف ومجابهة الإرهاب” تحت اسم: “استراتيجية تركيا بلا إرهاب في القرن الجديد”، داعياً إلى تشكيلها تحت رئاسة رئيس البرلمان التركي بمشاركة ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية في البرلمان.
وحدد بهجلي ملامح هذه اللجنة في سبع نقاط أساسية:
-تشكيل اللجنة من 100 عضو بمشاركة 16 حزباً ممثلاً في البرلمان.
-ضمان تمثيل كل حزب بعضو واحد على الأقل.
-السماح لكل حزب بترشيح خبيرين تقنيين لدعم عمل اللجنة.
-ترك حرية تحديد آليات العمل للجنة ذاتها.
-تولي رئيس البرلمان رئاسة اللجنة.
-اتخاذ القرارات بالأغلبية المطلقة.
-إحالة توصيات اللجنة إلى اللجان المختصة والجلسة العامة للبرلمان.
-تحذير من العودة إلى الاستقطاب
وطالب بهجلي الجميع، من مسؤولين وسياسيين وإعلاميين، بـالتحلي بالهدوء والحس الوطني، محذراً من “السقوط في مستنقع المهاترات والمناورات السياسية التي تخدم أعداء الوطن”. وشدد على أن: “المشكلة لم تعد إرهاباً فقط، بل أصبحت معركة وجود، تتطلب شراكة شعبية وحكومية عابرة للانتماءات”.
تركيا الجديدة… بلا وساطة خارجية
رأى بهجلي أن نجاح تركيا في دفع الإرهاب إلى التراجع، دون وساطة أو ضغوط أجنبية، إنجاز غير مسبوق، يجب أن يتوج بإجماع سياسي وشعبي يحصّن مكتسبات الأمن القومي. كما اعتبر أن: “الاستراتيجية الجديدة هي بُشرى لمستقبل تركيا كقوة إقليمية ودولية قادرة على معالجة أزماتها بإمكاناتها الذاتية”.
توازن بين السلام والقوة
قال بهجلي إن “السلام الحقيقي لا يُبنى على شعارات أو تنازلات، بل على التوازن بين الأمن والعدالة، وبين الدولة والضمير الشعبي”. وأضاف أن: “السلام يحتاج إلى جناحين: أحدهما حكمة الدولة، والآخر تضحيات الشعب. وبدونهما، لا تُبنى الدول ولا تُصان السيادة”.
وربط بهجلي بين التحولات الداخلية وبين الدور الإقليمي لتركيا، مشدداً على أن أنقرة باتت قادرة على أن تصبح مركزاً لتسوية النزاعات الإقليمية والدولية، في ظل ما وصفه بانهيار النظام الدولي القديم وولادة نظام جديد “تعيد فيه تركيا تموضعها من موقع الضحية إلى صانع الحلول”.
استدعاء الذاكرة التاريخية لـ 19 مايو
اختتم بهجلي بيانه باستدعاء رمزي لتاريخ 19 مايو 1919، مؤكداً أن بداية الكفاح من أجل الاستقلال آنذاك، يشبه كثيراً اللحظة التي تعيشها تركيا اليوم في سعيها نحو “مئوية بلا إرهاب”.
وشدد على أن تلك اللحظة التاريخية – بقيادة مصطفى كمال أتاتورك – كانت مثالاً على الدولة العميقة في وعيها، والشعب اليقظ في ضميره، داعياً إلى الاستلهام من ذلك النموذج في المرحلة الراهنة.
خاتمة: لا عودة إلى الوراء
ختم بهجلي بالقول: “السهم قد انطلق، والعودة إلى الوراء مستحيلة”. مؤكدا أن: “كل مؤامرة تستهدف اللحمة الوطنية ستُفشل، وكل محاولة لتشويه إنجازات الدولة ستُحبط، وأن تركيا ستبقى ملكاً لأبنائها دون استثناء، وستسير موحدة نحو مئوية جديدة بلا إرهاب، بلا وصاية، وبلا تردد”.، على حد قوله.