*د.محمد نور الدين
انشغلت الصحافة التركية، في الأيام القليلة الماضية، بحدثَين مهمَّين: الأوّل، نهاية الحرب على إيران؛ والثاني، قمّة «حلف شمال الأطلسي» التي انعقدت في لاهاي (هولندا)، على مستوى الرؤساء، ومثّلت أول لقاء شخصيّ بين الرئيسَين: التركي رجب طيب إردوغان، والامريكي دونالد ترامب.
ولعلّ أبرز ما صدر عن القمّة، تمثّل بالإعلان عن انعقاد دورتها المقبلة في إسطنبول، في حزيران من العام المقبل، وهو ما تراه أنقرة تعزيزاً للدور التركي داخل الحلف، تحت قيادة إردوغان.
وخلال اللقاء الذي جمعهما على هامش القمّة، تناول الزعيمان، وفقاً للمصادر التركية، الحرب في غزة، وتزويد تركيا بمقاتلات «إف-35»، وكذلك الحرب في أوكرانيا، والوضع في الشرق الأوسط عموماً.
وإذ لم ترشَح تفاصيل حول القضايا التي ناقشاها، فقد أغدقت الصحافة التركية الموالية الثناء على القمّة، كما على الرئيس الامريكي؛ .
صحيفة «حرييات»
ووفقاً لصحيفة «حرييات»، فإن «ترامب اهتمّ كثيراً باللقاء مع إردوغان، وشدّ على يده، وهو الرئيس الوحيد، حتى الآن، الذي لم ينتقده»، وهو ما يعدّ «مثيراً بالفعل». ورأت الصحيفة أن هناك مجموعة أسباب وراء استقرار العلاقة الإيجابية بين الرجلَين، من بينها أن «ترامب زعيم يحبّ القوة، ويرى في إردوغان زعيماً قوياً، كما إنه يحبّ العزيمة والتصميم والمتابعة لدى الرئيس التركي تجاه مختلف القضايا. وهو أيضاً يحبّ الحديث المباشر والصراحة، وهذا ينطبق على إردوغان. كما إن كليهما لا يحبّ الرئيس السابق جو بايدن».
أحمد داود أوغلو
وفي المقابل، رأى زعيم «حزب المستقبل»، أحمد داود أوغلو، أن ترامب حوّل «حلف الأطلسي» إلى «مراقب سلبي»، عبر تدبير الهجوم على إيران من دون معرفة «الناتو»، وحتى من دون إبلاغ أعضائه مسبقاً؛ وهذا، في رأي داود أوغلو، «انحراف بالديبلوماسية، وتهديد خطير؛ بل ويعاكس مبرّر وجود الحلف من أساسه».
صحيفة «جمهورييات»
وفي خضمّ الانشغال بقمة «الناتو»، لم تغبِ التعليقات حول نهاية الحرب بين إيران وإسرائيل، والتي اتفقت جلُّها على فشل العدوان في تحقيق أهدافه.
وفي صحيفة «جمهورييات»، رأى عارف قزليالين أن «إيران أَظهرت مقاومة ممتازة للهجمات الامريكية - الإسرائيلية. وإيران التي تعود بحضارتها إلى قرون مديدة، تختلف عن الدول العربية التي تأسّس معظمها باتفاق بين شيخ أو شيخين من زعماء القبائل».
وأضاف: «لقد أظهرت إيران أنها لا تسقط بالقنابل، وواجهت المعارضة الإيرانية خيبة أمل كبيرة»، متابعاً: «إذا كانت امريكا وإسرائيل قد خرجتا خاسرتَين، فإن تركيا، كما العادة، كانت على رأس الخاسرين، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي».
صحيفة «قرار»
وكتب طه آقيول، بدوره، في صحيفة «قرار»، أن «الحرب الإسرائيلية - الإيرانية لا تشبه الحرب في أوكرانيا. فهذه حرب احتلال أراض وضمّ مقاطعات، وهي مستمرة منذ ثلاث سنوات. هنا، المقاتلون ليسوا جيوشاً برية بل صواريخ وطائرات حربية ومن دون طيار، فيما العناصر الإستراتيجية للحرب هي منشآت تخصيب اليورانيوم والقواعد العسكرية والقادة الرفيعو المستوى والعلماء النوويون. إنها حروب ما بعد الحداثة. أمّا هجوم إسرائيل، فهو بلطجة ما بعد الحداثة.والرئيس الامريكي شريك فيها».
وأشار آقيول إلى أنه «في عام 2015، وقّعت امريكا وأوروبا اتفاقاً نووياً في شأن التخصيب. لو استمرّ، لكان عملاً رائعاً ولمصلحة الجميع.
ولكن، عندما جاء ترامب، ألغى الاتفاق عام 2018، وبعد فوزه الأخير، كانت الاستعدادات تجري للهجوم على إيران»، معتبراً أن «إسرائيل وامريكا أرادتا إلحاق الأذى بإيران، وقد فعلتا، ولكن طهران لم تستخدم أقوى أسلحتها، وهو مضيق هرمز، نظراً إلى العواقب التي قد تتأتّى من جرّاء ذلك على إيران نفسها»؛ أمّا تركيا التي «دانت إسرائيل بشدّة على خلفية هجومها، فكان ردّ فعلها على امريكا عقلانيّاً. والحديث عن أن تركيا هي التالية بعد إيران، خطأ من أساسه، ولا سند له»، بحسبه.
عبد القادر سيلفي
أما عبد القادر سيلفي، فتساءل في صحيفة «حرييات»، عمّا إذا «كنّا أمام وقف جدّي لإطلاق النار، أم أمام لعبة جديدة». ورأى أن «التذبذب في اتّجاهات الأحداث بين الحرب والسلم، هو واقع شرق أوسطي بامتياز.
والذي أوصَلَنَا إلى هنا، هو نتنياهو نفسه. المفاجأة كانت في وقف الحرب بعدما كانت التقديرات تشير إلى تصاعدها، على خلفية قصف إيران قاعدة العديد في قطر»، مضيفاً أنه «بضربها القاعدة الامريكية، حمت إيران سمعتها ونظامها ولم تقع في فخّ إسرائيل وتصعّد الحرب. بمعنى آخر، وجّهت ضربة أدّت إلى وقف النار».
واعتبر سيلفي أن «ما جرى أثبت أنه لا يمكن لإسرائيل مواصلة الحرب من دون امريكا. لذا، رضخ نتنياهو لوقفها، لأن ترامب أراد ذلك. لكن الرئيس الامريكي هذا، هو نفسه الذي كان يتحدّث عن السلام مع إيران، وبدأ المفاوضات معها، ولكنه على حين غرّة قام بمشاركة إسرائيل في ضربها»، متسائلاً: «هل وقف النار هذا جدّي أم تكتيك ومماطلة لتهيئة هجوم أكبر على إيران؟».
وأجاب: «ما دام نتنياهو في دائرة الشكّ، فإن وقف النار معلّق بخيط رفيع»، منتهياً إلى القول: «يمكن لكل طرف أن يقول إنه حقّق أهدافه. فإسرائيل ستقول إنها قضت على البرنامج النووي الإيراني، فيما ستقول إيران إنها أفشلت خطّة إسقاط النظام والدولة. أمّا ترامب، فسيقول إنه الرئيس الوحيد الذي ضرب إيران، وقضى على برنامجها النووي ووقف إلى جانب إسرائيل».
صحيفة «آيدينلق»
ورأى عصمت أوزتشيليك، من جهته، في صحيفة «آيدينلق»، أنه «بحربه على إيران، عجّل ترامب في انهيار الولايات المتحدة. استخدمت امريكا كلّ شيء مدمّر لتقول إنه لا خلاص لإيران. وليس معروفاً من أين انطلقت الطائرات الامريكية لضرب إيران. هل من قواعد في الولايات المتحدة (كما قيل)، أم من قواعد في المنطقة؟».
وأشار إلى أن «ترامب انتصر ودمّر البرنامج النووي الإيراني، ولم تَعُد هناك منشأة فوردو»، مستدركاً، نقلاً عن مصادر، بأن «الأضرار في فوردو كانت خفيفة، والتصريحات الامريكية حولها خادعة ومبالغ فيها.
إذ حتى اليورانيوم المخصّب نُقل سابقاً من المنشأة». وختم: «كانت الهجمات خطوة من ترامب لحفظ ماء الوجه في معركة خاسرة. إذا انتهت الحرب عند هذا الحدّ، تكون إيران انتصرت وستذهب الولايات المتحدة إلى انقسام وضعف. يقال إن أيّاماً عصيبة تنتظر ترامب».