فرست عبدالرحمن مصطفى: في عهد ريبوار طه.. كركوك من ساحة صراع إلى مدينة الأمل
كركوك، المدينة التي تتقاطع فيها اللغات والوجوه والألوان، لم تكن يوماً ساحة سهلة للإدارة. هي مرآة العراق المصغّرة، حيث يتجاور الحلم والصراع، وحيث يحتاج المسؤول أكثر من مجرد منصب، يحتاج إلى حنكة تمسك بخيوط متشابكة من التاريخ والسياسة والمجتمع.
حين تسلّم ريبوار طه منصب المحافظ، كان يدرك أنّ عيون الجميع عليه الكرد والعرب والتركمان والكلدان والآشوريون. كل طرف ينتظر إشاراته، كل مكوّن يبحث عن طمأنينة في قراراته. وهنا برز أسلوبه المختلف، اعتدال يحاول أن يجمع، وعمل ميداني يترجم الأقوال إلى خطوات ملموسة.
في خطابه الأول، لم يتحدّث عن طرف ضد آخر، بل عن شراكة، عن تعايش لا بد أن يكون أساس الإدارة في كركوك. لم يكتفِ بالوعود، بل نزل إلى الشوارع، زرع الأشجار، تابع مشاريع النظافة، ووقف مع طلبة الجامعات والرياضيين، وكأنّه يريد أن يقول “هذه المدينة لن تُدار من خلف المكاتب”.
في الحويجة، دعم مشروعاً للتدريب المهني بالشراكة مع الأمم المتحدة، ليمنح الشباب فرصة عمل ونافذة أمل. في الجامعة، استمع للأساتذة وشارك الطلبة همومهم. وفي المهرجانات، جلس بين الناس، صفق مع الجمهور، وأعلن أن الثقافة والفن ليست ترفاً بل قوة ناعمة تحفظ روح كركوك.
الإدارته ليست معجزة، لكنها محاولة واقعية لبناء توازن في مدينة اعتادت أن تكون نقطة توتر. عبقريته ليست في القرارات الصاخبة، بل في التفاصيل الصغيرة أن يزرع شجرة، أن يفتتح ورشة، أن يستمع للناس، أن يوزّع الأمل بالتساوي.
كركوك اليوم ما زالت تواجه تحدياتها الثقيلة، لكن حضور ريبوار طه أعاد شيئاً من الثقة بأن الإدارة يمكن أن تكون وجهاً إنسانياً، لا مجرد سلطة. وكأنّ اعتداله أصبح رسالة مفادها “المدينة للجميع، والعبقرية في أن تجعل الجميع يشعرون أنهم جزء منها”.
17/08/2025
|