×


  مام جلال ... حقائق و مواقف

  مام جلال… حكيم الأمة ورمز التعايش



*سوران الداودي

 

في الذكرى الثامنة لرحيل فقيد الامة  جلال طالباني (مام جلال)، نقف أمام مسيرة رجل أفنى حياته من أجل المبادئ القومية والوطنية التي آمن بها، وحوّلها إلى منظومة فكرية متكاملة بنى عليها مواقفه واسس عمله ، وصاغ منها نضاله السياسي والفكري. لم يكن مام جلال  مجرد قائد حزبي أو رئيس دولة، بل كان حكيم الأمة الذي امتلك القدرة على الجمع بين المختلفين والمتناقضين والمتخاصمين، وإدارة الأزمات برؤية شمولية قلّ نظيرها.

منذ شبابه الأول انخرط طالباني في الحركة التحررية الكردية  مدافعا عن حقوق شعبه في إطار مشروع وطني يسعى لتحقيق الديمقراطية والعدالة لجميع مكونات العراق. جمع بين الوعي القومي الكردي والحرص على الوحدة الوطنية العراقية ، فكان يرى أن حقوق الكرد لا تنفصل عن بناء عراق ديمقراطي يضم الجميع، وأن التعايش هو الضمانة الحقيقية لمستقبل الشعوب.

لقد مر العراق والمنطقة بفترات عصيبة  من الأزمات والحروب والانقسامات، وكان مام جلال حاضرا دائما في أصعب المنعطفات و في قلب الاحداث بل كان في الخط الاول لمواجهتها، مستندا إلى قراءة ثاقبة للتاريخ والسياسة ولطبيعة علاقات المجتمع العراقي مفعم بإيمان راسخ بالحوار كأداة وحيدة للحل. أدار التناقضات بين القوى العراقية والكردية والدولية بدهاء سياسي، واستطاع أن يكون صوت الاعتدال والعقلانية حتى في أوقات الغليان.

كثير من الأحداث التي أعقبت رحيله أظهرت بوضوح الفجوة التي تركها غيابه كما ان  الأزمات المتلاحقة كشفت عن سعة أفقه وعمق نظرته، وعن قدرة فريدة امتلكها في استشراف المستقبل واكتشافه مسبقا إضافة الى استباق التحديات قبل أن تتحول إلى كوارث. لقد كان يدرك أن العراق لا يستقر إلا  بالتعايش وقبول الآخر المختلف، وهي القاعدة التي بنى عليها اسس سياساته القومية والوطنية .

رحيل مام جلال لم يكن فقدانا لزعيم سياسي فحسب، انما كان خسارة لصوت الحكمة في العراق وكردستان.

غير أن مبادئه التي آمن بها الوحدة الوطنية، التعايش، الحوار، والعدالة  ما زالت تشكّل بوصلة تهدي الأجيال المقبلة وخارطة طريق للاتحاد الوطني الكوردستاني  والرئيس بافل جلال طالباني الذي عمل في اطار هذا الفكر بادوات ومنظومة جديدة تتناسب مع التطورات والمتغيرات الحاصلة على الصعيدين المحلي الكوردي والوطني والانفتاح على العالم بخطوات مدروسة .

ذكراه ليست مجرد استذكار لماضٍ من النضال، بل دعوة للاستمرار على ذات النهج الذي جسده في  نهج الحكمة والاعتدال.


05/10/2025