*أ.د عامر حسن فياض
إن النهضة بمعنى نهوض الانسان لتعمير الاوطان تستحضر كل فكر أو فعل له جدوى واستبعاد كل فكر أو فعل بلا جدوى.
فلا جدوى ولا رجاء ولا فائدة من نتائج انتخابات دون اطر قانونية انتخابية مستقرة ومتكاملة تغطي وتنظم كل مراحل العملية الانتخابية، ولا جدوى من نتائج انتخابات دون كابح اخلاقي يمنع توظيف المال الفاسد واستخدامه، وصولا إلى سلوك انتخابي خارج عن جادات القيم النبيلة التي تغرز الثقة بين الحكام والمحكومين، ولا جدوى من نتائج انتخابات دون كابح الوعي السياسي، الذي يمنع اعتماد البواعث والدوافع التقليدية (الطائفية الانتقامية والعشائرية العتيقة والقومية المتعصبة والمناطقية الضيقة)، التي تقود الناخب للتصويت في صندوق يراد منه نتائج بناء جديد لوطن ومواطنين لا لتكريس كيانات ومكونات رعايا واتباع وزبائنية، ولا جدوى لثروة نفطية دون وجود قانون النفط والغاز يحفظ للشعب ثرواته ويكافح تضخيم ثروات الفساد والفاسدين،
ولا جدوى لتعددية سياسية حزبية دون تفعيل لتنفيذ قانون الأحزاب على أسس وأطر وطنية عراقية تتلاقى واقع حال التعددية المنحرفة إلى تعدديات تقليدية مذهبية وعشائرية وقومية وجهوية مناطقية ضيقة، ولا جدوى من شراكة وطنية دون وجود معارضة برلمانية ايجابية تراقب السلطة التنفيذية وترصد ادائها وتضغط من اجل المسائلة والمحاسبة على تقصيراتها.
إن من دون هذه الكوابح الثلاثة (القانوني – الاخلاقي – الوعي السياسي) لا غرابة في توقع التأخير والمماطلة في تشكيل الرئاسات الثلاث، ولا عجب في تفريخ ازمات من ازمات العوز التشريعي والعوق المؤسساتي والعجز الخدمي والعشق للماضي والعقم الانتاجي والعرج المعرفي والعزوف عن الاولويات والعبث بالمال العام.
وإن من دون هذه الكوابح الثلاثة لا عجب في تصاعد منسوب تضخم ولادات رجالات الساسة وهبوط منسوب ولادات رجال الدولة.
وإن من دون هذه الكوابح الثلاثة، يبقى الوطن عالقا في مهب الرياح الاقليمية والدولية بلا نهضة، ومفعولا به لا فاعلا ولا يراد له ولشعبه من هذا الآخر الإقليمي والدولي اصلاح الحال ولا حفظ المال ولا ضمان مستقبل للعيال.
وإن من دون هذه الكوابح الثلاثة لا جدوى من دستور ولا قوانين لا تحكم واضعيها، ولا جدوى من ديمقراطية دون استقلال ولا جدوى من استقلال دون ديمقراطية.. ولا جدوى من اقتصاد استهلاكي عقيم انتاجيا، ولا جدوى من استخدام تقنيات معرفة دون المساهمة في انتاجها، ولا جدوى من مكافحة الارهاب دون مكافحة الفساد والعكس صحيح.
ايضا لا جدوى من استيراد تقنيات وانظمة الذكاء الاصطناعي دون اعداد منتجين من مواطنين أذكياء في دور علم ومعرفة اكاديمية رصينة قادرة على المساهمة في إنتاج تقنيات وبرامج وأنظمة هذا الذكاء.
نؤكد جدوى هذه الكوابح ونحن في عالم مضطرب غلافه املس وناعم وبواطنه خشنة ومتوحشة وسلوكياته تافهة أو فوضوية يستحيل التعامل معه، دون التحصن بالوعي السياسي والتدرع بالأخلاق والتسلح بالقانون، وصولا إلى مجتمع محكوم بمنطق دولة لا بمنطق سلطة غنائم وسلطان نفوذ.