استضاف صالون كوردستاني نوي، الأحد، ندوة للتعرف بكتاب (تاريخ لن يختزل) للكاتب والصحفي محمد الشيخ عثمان.
ويتمحور الكتاب حول مكانة ومفاخر وفضائل الرئيس العراقي جلال طالباني، وهو بمثابة سجل لمقالات ولقاءات الراحال، والعديد من مقالات الكُتَاب والمُفكرين من إقليم كوردستان والعراق والعالم العربي.
والكتاب من من منشورات مكتب إعلام الاتحاد الوطني الكوردستاني، ويتحدث عن مكانة الرئيس مام جلال وإنجازاته في فترة ما قبل سقوط الدكتاتورية عام 2003 مرورا بفترة رئاسته للجهورية وحتى وفاته.
وأشار مؤلف الكتاب محمد الشيخ عثمان إلى أن “تاريخ الرئيس جلال طالباني زاخر بمحطات هامة للمواقف والمفاخر والإنسانية، ومن الممكن أن يغدو سبيلا أبديا للحياة ولثقافة سياسية صائبة، بحيث ينعكس على حاضر الجماهير العراقية والكردستانية ومستقبله والوطن كذلك”.
وأكد الشيخ عثمان إعداد “الكتاب وفق مراحل، إذ يحصر فترة ما بين عام 2003 وقبل سقوط النظام الدكتاتوري مرورا بمرحلة رئاسة الرئيس مام جلال إنتهاء بحقبة المرض ورحيل فخامته”.
واضاف :مسارات الانسداد السياسي الاخيرة اظهرت بروز عقليات تريد القضاء على الدستور عبر الطعن في مشروعيته وان هذا الكتاب يوثق ما عمل من اجله الرئيس مام جلال وبقية الاباء المؤسسيين للعراق الجديد من اجل دستور يضمن استقرار العراق السياسي والاجتماعي والمصيري بحيث يعتقد جميع المكونات ان هذا الدستور يضمن حقوقهم وان مصير البلد محتوم بالشراكة والتوافق بين جميع المكونات في الحكم والقرار .
ويقول المشرف على مكتب إعلام الاتحاد الوطني الكوردستاني ستران عبد الله عن الكتاب إن “ما يرويه الرئيس مام جلال في وقفات على منصات السياسة والسرد والخطاب هو غيض من فيض يحتاج الى تبويب والى جردة حساب دقيقة ربما يمكن تداركه في جهد مبارك آخر وهو ما نحن بصدده في مركز المرصد بمعية الرفاق في المكاتب الاخرى. ونحن ندرك أن المهمة الاصلية في هذا المجال يقع على قاتع مكتب الاعلام. ونحن لها واجباً وشرفاً”.
وختم قائلا :هذا الكتاب مختصر لافكار الرئيس الخالد مام جلال في الفترة التأسيسية للعراق الجديد.. لو استمر نهج طالباني في التوافقية و التوازن السياسي واحترام الدستور لامكننا الاستمرار في تراكم التجارب و تجنب الكثير من الاخطاء.
البصمة الاخيرة على الغلاف
وفي الغلاف الاخير للكتاب كتب المشرف على مكتب إعلام الاتحاد الوطني الكوردستاني ستران عبد الله:
حقاً أنه تاريخ لا يمكن أختزاله، لا يمكن حصره في كتاب بل في مكتبة و مجلدات.
فسطور الكلمات مدحاً و وقفة وتقييماً موضوعياً وسرداً لوقائع في محطات التاريخ لا يمكن أن يوفي هذه القامة حقه و هذا القائد مكانته.
وما هذه اللفتة على عجالة في ذكراه الخامسة الا استدراك لما لا يمكن أستدراكه كله.
وما يرويه الرئيس مام جلال في وقفات على منصات السياسة والسرد والخطاب هو غيض من فيض يحتاج الى تبويب والى جردة حساب دقيقة ربما يمكن تداركه في جهد مبارك آخر وهو ما نحن بصدده في مركز المرصد بمعية الرفاق في المكاتب الاخرى. ونحن ندرك أن المهمة الاصلية في هذا المجال يقع على قاتع مكتب الاعلام. ونحن لها واجباً وشرفاً.
وبعض ما يكتبه الاصدقاء والاحبة تكملة لهذا الكتاب هو أيضاً باقة من كتاب الوفاء ستعقبها آخريات بإذن الله.
مقدمة الكتاب
تحت عنوان "وقفة إجلال" كتب معد الكتاب مقدمة جاء فيه
كان يردد دائما ولكن بنبرة التنبيه والتحذير ان الانسان فان و الرحيل لامفر منه ولكن هنالك نوعان من الرحيل ، رحيل يمثل فخرا وعزة للراحل وذويه واصدقائه و الجماهير ، والاخر موت بائس ومخز يحظى به عملاء الاجانب و الارهابيون والقتلة والاشرار واعداء الشعب والوطن والانسانية ،وكان يقصد بذلك ان على الانسان ان يعيش و يجهد في حياته بإباء و كرامة ويحتل مكانة مرموقة في المجتمع وصفحات التـاريخ وإلا فان الخيار الثاني سيكون من نصيبه .
احدى الصفات او السمات الاساسية التي وجدناها في شخصية الرئيس مام جلال انه كان يبغي الحياة بعز وشموخ ملؤها الانسانية والوئام والتآخي ويتقبل فكرة الرحيل بما يتحدث التاريخ حوله ومايقول عنه الشعب،لذلك عاش كسياسي واعلامي وقانوني ، نبيلا مع الجميع و متسامحا مع الاعداء و مساندا للمظلومين و محبا للارض والانسانية ومناصرا للمضطهدين اينماكانوا وحاميا لراية الديمقراطية و حقوق الانسان وحق التعبير عن الرأي ،و سنوات عمره كانت زاخرة بالنضال الفكري والدبلوماسي وشكل مثالا للمناضل الاصيل، وكان ذا رؤية ثورية وتوقعات صائبة اضافة الى كونه مفعما بالمعنويات العالية ودوما يسخر جل امكاناته ومساعيه في خدمة القضية المشروعة لشعب كردستان، وكذلك تغيير الواقع العراقي من النظام الشمولي الى نظام ديمقراطي تعددي اتحادي وكانت قناعته ثابتة بانه دون عراق ديمقراطي لايمكن للقضية الكردية ان تتقدم وللاهداف ان تتحقق.
وكان في وقت واحد رمزا للدفاع عن حرية التعبير والحريات العامة و رائدا للذود عن المبادئ الوطنية والقومية وكذلك مناهضا للظلم والاحتلال والاضطهاد بكافة اشكالها،ومناصرا للسلم والحرية والاخوة بين الشعوب كافة وفق مبدأ المساواة والمصالح المشتركة.
انطلاقا من هذه الحقائق نستطيع القول جازما ان اقليم كردستان والعراق الديمقراطي الاتحادي الذي ينعم بالسيادة وخارطة الطريق الدستورية الخاصة به، هو ثمرة نضاله الفكري والسياسي وبقية الآباء المؤسسين للنظام الديمقراطي في العراق وكردستان.
ومن ابرز ما كان يتميز به الرئيس مام جلال ايضا في المراحل التاريخية العصيبة لقضايا كردستان والعراق والمنطقة هو انفتاحه على العالم وذهنيته المتحررة وايمانه بالحداثة والاستنارة وقناعته بكون السياسة فن الممكنات وبالعلمنة والاعتدال كنهج ثابت تفاديا للمشكلات والتعصب والانقسامات وكذلك تعزيز الوئام والعمل التشاركي كقناعة راسخة مع توافر ثوابت الاعتراف بالآخر المغاير.
ورغم اعتزازه بكرديته وما له فيها من جذور وحضور، الا انه لم يكن متعصبا قوميا وكان منفتحا على الجميع بلاتمييز وفوق الميول والاتجاهات والعواطف وقد انعكس ذلك في مواقفه السياسية المتعددة وتعاطيه مع الملفين العراقي والكردستاني ايام النضال ومابعد سقوط النظام الدكتاتوري ومراحل العملية السياسية الانتقالية و كتابة الدستور و درء المزيد من الحروب والاقتتال الداخلي عن العراق ،مثلما استطاع طي صفحة الخلافات والانقسامات في كردستان من جهة وتعزيز العلاقات بين اقليم كردستان والمركز الاتحادي ومحيطه من الجوار العراقي من جهة اخرى .
وعند اوج حاجة العراق واقليم كردستان للقاسم المشترك، ولشخصية يمكن ان تجمع شمل الأطراف المشتركة في العملية السياسية، جسد الرئيس مام جلال هذا الدور كقاسم عراقي مشترك بحق .
وبمواقفه المشهودة طيلة فترة نضاله وانشغاله بالسياسة اصبح ظاهرة ليس على الساحة الكردستانية بل في عموم الساحة العراقية ورمزا كبيرا و نموذجا للرئيس الديمقراطي في المنطقة والعالم، مواقفه وتعاطيه مع الاحداث التي مرت بالعراق ودوره في لملمة البيت العراقي وتضييق فجوة الخلافات بين المتخاصمين كان محل اهتمام المراقبين والمتابعين للملف العراقي لذلك المراجع العظام اعتبروه " صمام امان" والساسة وصفوه بـ"خيمة الحكمة والقاسم المشترك".
عند الحديث عن الرئيس مام جلال ستطغى الحاجة على الحزن في ثنايا الجميع ولذلك نستفسر ونقول :"لوكان موجودا لما حصل مايحدث ولما كنا بهذا الحال "وهي عبارة توجيهية بنفس الوقت للساسة وصناع القرار بان العودة والسير على خطى ونهج مام جلال ضرورة وطنية وحاجة آنية .
من السهل كتابة الكثير من الشجن لرحيله وتداعيات غيابه على حياة المواطن ومسار التوازنات والتوافقات بين اطراف العملية السياسية على مستوى العراق واقليم كردستان، فالحديث عن الحزن والحاجة والشوق لاينصف نضال و حنكة الرئيس مام جلال بل عبر الحديث عن مآثره و مسيرة حياته و ادواره في مختلف مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والقانونية والجماهيرية باساليب متنوعة مثل الكتب والكراسات والبرامج والافلام الوثائقية والبحوث والدراسات حول قراءاته وتعامله مع الاحداث والمستجدات وكيفية ممارسة دور قيادي محنك .
لذا فان هذا الكتاب ومايليه من كتب عديدة، يمثل تجسيدا لتلك القناعة في كيفية التعامل مع رحيل مام جلال عبر التذكير بمواقفه و افكاره و نهجه المعتدل ليكون بمثابة خارطة طريق دبلوماسية لكيفية التعاطي مع العلاقات والاختلافات ودرء المشاكل والازمات كوفاء وتوثيق لما قدمه طوال سنوات حياته النضالية من اجل القضية الكردية وحقوق شعب كردستان و المسالة العراقية ومسارها التعددي الديمقراطي و حقوق الانسان والمساواة وحرية الرأي.
وهذا الكتاب الذي اعده مركز المرصد في مكتب اعلام الاتحاد الوطني الكردستاني وغيره من المجلدات والاصدارات ترسيخ لحيقية ان التاريخ سيذكر في سفره الخالد باحرف كبيرة بانه رئيس لم يختلف عليه العراقيون رغم صعوبة الاتفاق بينهم في جميع الامور ولم يضف المنصب شيئا اليه بل العكس هو من اضاف للمنصب تقاليد جديدة من يحتذي بها من الحكام في العراق والمنطقة سيدخل التاريخ بعز وإباء ويبقى حيا في ضمائر الشعب كما يعيش الرئيس مام جلال في ضمائرنا كرمز وطني وانساني جامع.