* مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث "MERI"
ورثت الحكومة العراقية الحديثة التشكيل تحديات كبيرة تتطلب مواجهات فورية وحلولا عاجلة. وتتراوح هذه التحديات مابين ارتفاع معدلات البطالة والانخفاض المستمر في الأداء الحكومي، والفساد المستشري، وتفاقم الضغوط، وديناميكيات القوة الإقليمية والعالمية الطاحنة. وفي حين يقع العبء على عاتق القادة السياسيين والحكوميين العراقيين للتصدي لهذه التحديات، يمكن للمجتمع الدوالى أن يلعب أدوارا رئيسية في توفير الدعم الذي تشتد الحاجة إليه.
يعتبر الكثير من المراقبون بأن الحكومة الحالية هي الفرصة الاخيرة للعراق، بعد ما وصل هذا البلد الغني بثرواته البشرية و الطبيعية الى هذه الدرجة من الهشاشة، مع تراكم الأزمات والتحديات السياسية والامنية والمالية والاقتصادية والبيئية، ناهيك عن التحديات الخارجية. وأمام الحكومة مدة قصيرة لتحقيق اهداف سريعة لمواجهة هذه التحديات الكبيرة، بينما سقف التوقعات باتت مرتفعة جدا. لكن المهم في هذه المرحلة هو تقديم رؤى وسياسة وبرنامج واضحة قابلة للتنفيذ.
ومن هذا المنطلق، نظم مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (ميري)، بالتعاون مع مركز البيان للتخطيط والدراسات، ورشة عمل خاصة، جمعت نخبة من الخبراء وقادة الرأي من كبار مراكز الفكر ومعاهد بحوث السياسات ووسائل الإعلام العالمية والإقليمية. وكان الهدف من ذلك هو تبادل الأفكار حول التحديات (بموجب قواعد تشاتام هاوس)، وفك رموز التعقيدات وتقديم توصيات ملموسة بشأن السياسات إلى دولة رئيس الوزراء وآخرون من صانعي القرار داخل حكومة العراق. وأصحاب الشأن عامة. وعلى مدى يومين، تمت تغطية أربعة مجالات سياساتية رئيسية كما يلي:
*تحقيق الاستقرار في العراق وتعزيز مؤسسات الدولة
*التصدي للفساد وإزالة معوقات الاستثمار
*مواجهة تغير المناخ وشحة المياه
*الدعم والشراكة الدولية
أدى الحوارات ومداولات الورشة، التي حضر السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إحدى جلساتها، الى رفع مستوى فهم وتفهم الحاضرون للتحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة في العراق، وأبدوا استعدادهم لدعم جهود الحكومة، كل حسب منبره وإمكاناته. وفي غضون جلسات الورشة، قدم الكثير من المقترحات السياساتية التي يمكن تلخيصها بما يلي:
المقترحات العامة
١) يجب التمييز بين الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية في سياسات الدولة العراقية، في شتى القطاعات السياسية، والاقتصادية والأمنية والأخري. يمكن للسيد رئيس الوزراء تشكيل عدة فرق عمل لأنجاز تقارير سياساتية على شاكلة خارطات طرق. وتتكون الفرق من باحثين وخبراء في المجالات المختلفة بالتعاون مع مستشارين مختصين على مستوى مكتب رئيس الوزراء.
٢) صورة العراق في المسرح الدوالى بما يخص الجانب الأمني والبيئة الإستثمارية ونظامي الاقتصادي والمالي ليست صورة حسنة. يمكن للحكومة تغير ذلك من خلال خطوات عملية في تنويع الاقتصاد وإزالة العقبات الآنية للإستثمار، بما فيها محاربة الفساد وضمان الشفافية والعمل على سيادة القانون وضمان سلامة وأمن المشاريع.
٣) هناك أكثر من خمسون مادة دستورية ملزمة، والتي تساهم في بناء الدولة الفاعلة، لكن تنظيمها تنتظر التشريع. وهذا الفشل في التشريع أدى الى فراغات القانونية وأصبحت دافعا إضافيا لهشاشة الدولة العراقية، بغض النضر من التحديات الخارجة عن المؤسسات. على الحكومة الحالية تشكيل لجنة خاصة بتشريع القوانين، وبالتنسيق مع اللجان الموجودة في رئاسة الجمورية، من أجل تقديم جملة من التشريعات الملحة أو حث مجلس النواب لدفع ما هو موجود.
٤) يجب الاهتمام بالدراسات والبحوث التي يتم إجراؤها من قبل مراكز الفكر والبحث، ناهيك عن الجامعات، والاستثمار في دراسات أكبر لرسم سياسات الدولة بناء على الأدلة العلمية. وتخصيص مقاعد البعثات للإختصاصات الإنسانية، خصوصا في مجال السياسة والسياسات وقيادة المؤسسات والدراسات المجتمعية.
النظام الاقتصادي والمالي
٥) هناك حاجة ملحة للتخطيط الاستراتيجي للاقتصاد، لتشمل جميع القطاعات. فالعراق بحاجة الى رؤية وستراتيجية إقتصادية بعيدة المدي، لتترجم لاحقا الى خارطة طريق عابرة للوزارات والقطاعات وموزعة على محطات. ويمكن للحكومة تشكيل لجان عليا على مستوى مجلس الوزراء لتشرف على تطبيق خارطة الطريق هذه على مراحل.
٦) وفي نفس السياق، يجب تحديد ما يجعل العراق فريدا في اقتصاده الصناعي والزراعي، خصوصا في المجالات التي يمكن للعراق أن ينافس غيره من الدول في المنطقة، وتشجيع هذه القطاعات لضمان نجاحها وإستمرارها.
٧) هناك رأي دولي يؤكد بأن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية يساعد العراق في مأسسة الدولة ونظامها الاقتصادي والمالي. ويقترح المراقبون أنه آن الأوان للتسريع بإنضمام العراق لهذه المنظمة التي تعود للعراق بفوائد كبيرة على المدى المتوسط والبعيد.
أ) هناك رأي مخالف من قبل المستثمرين الداخليين الذين يرون عدم التوازن في المنافسة الدولية بين الدول النامية والهشة مقارنة بالدول المتقدمة إقتصاديا. لذا، يظن هؤلاء بأن العراق ليس قادر على الإستفادة من العضوية في منظمة التجارة العالمية.
ب) أن التدقيق في هذا الأمر واجب وربما يقوى موقع الحكومة، وأن لاتكتفي الحكومة بالعموميات والاراء الغير مدروسة أو المعبرة عنها من قبل أطراف المصلحة.
٨) يقترح أن يكون لمكتب رئيس الوزراء لجنة خاصة لدعم المشاريع الصغيرة لحث الشباب على الإعتماد على النفس والإبداع والتقليل من البطالة وتنشيط الاقتصاد المبني على الأعمال الصغيرة والمتوسطة. وهذه المبادرة ستكون بمثابة بناء النظام الاقتصادي الحديث من التحت الى الفوق، وبمشاركة الأغلبية الشبابية من الشعب.
٩) يقترح أن يعاد تأهيل مجلس الإعمار، لإعادة بناء البنية التحتية في جميع أنحاء العراق، وأن يكون هذا المجلس مرتبط بمكتب رئيس الوزراء مباشرة.
١٠) يعتبر الفساد الإداري والمالى من اهم معوقات الاستثمار والتطور في البلد ويجب أن يحتل المرتبة العليا من أولويات الحكومة، اذ ان الفساد المستشري في مؤسسات الدولة تحول دون انجاز المشاريع وامتناع الشركات العالمية على المشاركة في إعادة الاعمار. يضاف الى ذلك استخدام الروتين والبيروقراطية كوسائل لابتزاز الشركات وعرقلة أعمالهم.
١١) لاشك أن القضاء على الفساد يحتاج الى تشريعات من مجلس النواب، وقرارات وتعليمات من الحكومة وتطبيقهم من قبل مؤسسات الدولة بما فيها السلطة القضائية والتنفيذية. يقترح تشكيل لجنة مختصة لدراسة الفجوات في التشريعات والقرارات والتعليمات المانعة للفساد، وضياغه ستراتيجية قصيرة ومتوسطة المدى لملأ هذه الفجوات من قبل المؤسسات المعنية، التشريعية منها والتنفيذية.
١٢) استمرار حملة مكافحة الفساد والتركيز على الإجراءات التي تسبب الفساد في دوائر الدولة، بالإضافة الى التوصل الى نتائج من كشف الفاسدين وتقديمهم للمحاكم، وإعلان التطور في نشاط مكافحة الفساد بشكل شفاف وبعيد عن الاستهداف السياسي، والتركيز على خطاب رئيس الوزراء بتقديم الفاسد للعدالة كائنا من كان.
١٣) يمكن للحكومة تفعيل دور المفتشين في كل مؤسسة للدولة، بما يساعد على تطبيق القوانين والتعليمات المؤسساتية.
القوات الأمنية العراقية
١٤) هناك حاجة آنية لإعادة تنظيم وهيكلة القوات الأمن العراقية. يمكن لرئيس الحكومة، كقائد عام للقوات المسلحة، أن يبدأ مشروع بحثي لدراسة قضية تفشي السلاح ومأسة عملية القيادة والسيطرة لكافة القوات الأمنية والمسلحة وترجيح كفة قوى الدولة على كفة قوى اللادولة.
١٥) هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في مسألة التسليح المتكرر والتنوع العشوائي في تجهيز القوات المسلحة العراقية المختلفة. وينعدم التوازن في الوقت الحالى بين تسليح المؤسسات المتخصصة والغير متخصصة من حيث الكم والنوع.
١٦) حالة سنجار وغيرها من الحالات أصبحت شائكة وتتعقد مع الزمن، وإن تركت لطبيعتها، ستتعقد في السنين القادمة. يمكن للحكومة أن تبدأ بعملية مركزية يمكن لها أن تؤدي في النهاية الى عودة النازحين وإعادة الإعمار وإعادة الحياة الى طبيعتها، وذلك بتنفيذ اتفاقية سنجار والعمل بها نقطة بداية إيجابية.
الشراكة الدولية
١٧) رحب المشاركون بنهح الحكومة الجديدة وإنفتاحها على العالم على أساس المصالح المشتركة وحسن الجيرة وتوازن القوي. يمكن توظيف الجو الإيجابي الحالي وبوادر حسن النية تجاه العراق لجلب الإستثمار في شتى القطاعات.
١٨) هناك حاجة ماسة الى إيجاد آليات فعالة لمتابعة المشاريع والإتفاقات الدولية، حيث أن العراق يفتقر الى ذاكرة مؤسساتية في هذا المجال. فهناك إتفاقات ووعود تم إبرامها من قبل الحكومات السابقة، أو مشاريع أستراتيجية ودولية باشر بها حكومات سابقة ولم يتابعها الحكومات اللاحقة.
١٩) يقترح أعادة تنشيط اللجان الإقتصادية الثنائية الموحدة بين العراق والكثير من الدول وربطها مباشرة بمكتب رئيس الوزراء، وذلك من أجل تفعيل دور هذه اللجان للعمل مع تلك البلدان التي هي مهمة لاقتصاد العراق.
٢٠) العراق بحاجة الى نظام إنذار مبكر لالتزاماته الدولية، لتجنب الخسارة أو الإحراج أو التخلف عن دفع مستحقاتها في الوقت المحدد.
المناخ
٢١) مسألة تغير المناخ باتت ملحة ومعقدة للغاية. الدولة بحاجة الى إستراتيجية واضحة لفهم التحديات والتنبئات وتحديد ما يجب القيام به من قبل أصحاب الشأن حيال ذلك. من المتوقع أن يكون للحكومة برنامج معلن ومنشور لمواجهة تحديات البيئة وشحة المياه، وإدراتها من قبل الحكومة والمواطنين، خصوصا في قضية دعم الفلاحين وحثهم على إستعمال الأراضي الزراعية وتشجيع صناعة الأغذية. يمكن تشكيل لجنة عليا مختصة من رئاسة الحكومة، ومطعمة بالمختصين الداخليين والأجانب لرسم هكذا خارطة طريق.
٢٢) يقترح توزيع ملف المناخ الى مكوناتها لدراستها والإهتمام المؤسساتي في الوزارات المعنية بتبعات أزمة المياه وطرق إدارتها أو الحد من نتائجها السلبية. على سبيل المثال:
أ) الجفاف في المناطق الزراعية والأهوار وتأثيرها على الفقر، الصراع المجتمعي، التطرف، هجرة السكان من القرى الى المدن وتدني المنتوجات الزراعية في العراق ككل.
ب) تراجع كميات المياه التي تدخل العراق من دول الجوار وتسيسها من قبل الحكومات.
ج) الحد من سوء إدارة المياه في العراق وحث المؤسسات المعنية عل المستويين الوطني والمحالى على إعطاء إولوية قصوى الى التقليل من الهدر والنفايات والإستثمار في جمع المياه وبناء السدود.
الجانب السياسي
٢٣) يهتم المجتمع الدوالى بالعراق لكونه دولة حيوية وإستراتيجية في المطقة. هناك حالة تفاؤل حذر وحسن نية تجاه العراق في الوقت الحاضر، ويمكن للحكومة إستغلالها بالعمل على الإنفتاح وتوطيد العلاقات عن طريق الإستثمار الفعالى وبخطوات عملية تجاه جميع أطراف الصراع العالمي.
٢٤) من المتوقع أن توضح الحكومة خططها بشأن إنتخابات 2023، من حيث تأريخ الإجراء وتحديد الميزانية وكيفية إخراج العملية. اذ ان المجتمع الدوالى ترقب ويراقب هذه العملية عن كثب.
٢٥) يسود حالة من الترقب عما يحصل على الساحة السياسية خصوصا بما يتعلق بالعلاقة بين الحكومة والإطار التنسيقي، والمعارضة المتمثلة بالتيار الصدري. استمرار الحكومة بالإجراءات الإصلاحية في الجانب المالى والإداري وسيلة مهمة لتقليل ضغط المعارضة في المستقبل.
المشاركون
ابتسام الكتبي، رئيس مركز الإمارات للبحوث، الإمارات العربية المتحدة
أندرو باراسيليتي، رئيس تحرير المونيتر، الولايات المتحدة الأمريكية
أحمد الطبقجلي، زميل زائر، جامعة لندن – LSE
بلال وهاب، زميل أقدم، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
جوناثان لورد، مدير مركز برنامج أمن الشرق الأوسط، الولايات المتحدة
جسيكا فندلي، مكتب العراق، مؤسسة الجمهوريين الدولية، الولايات المتحدة
دوغلاس أوليفان زميل أقدم في مؤسسة أمريكا الجديدة، الولايات المتحدة
دلاور علاء الدين، رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث، العراق
حمزة حداد، زميل زائر، المجلس الإوروبي للعلاقات الخارجية
حميد الشطري، رئيس جهاز الأمن الوطني العراقي
حيدر حنون، رئيس هيئة النزاهة، العراق
طيف سامي، وزير المالية، العراق
يوسف البلوشي، أكاديمي في جامعة عمان، سلطنة عمان
لهيب هيغل، زميل أول في مجموعة الأزمات الدولية، بلجيكا
لوكاس لامبرتي، مدير قسم الشرق الأوسط لمؤسسة كونراد أديناور، ألمانيا
لويزا لفلوك، رئيسة مكتب واشنطن بوست في بغداد، الولايات المتحدة
مارك كميت، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العسكرية، الولايات المتحدة
محمد شياع السوداني، رئيس مجلس الوزراء العراقي
محمد علوية، مركز عشتار لدعم الديمقراطية، العراق
محمد النجار، مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الإقتصادية
مظهر الجبوري، نائب رئيس هيئة النزاهة، العراق
ستيف دريهاوس، مدير، المعهد الديمقراطي الوطني العراقي، الولايات المتحدة
سيمونا فولتين، صحفية خدمات الإذاعة العامة، الولايات المتحدة
عصام السعدي، نائب مستشار الأمن القومي العراقي
عباس العامري، المعهد العراقي للحوار، العراق
عباس كاظم ، زميل، أتلانتيك كاونسل، الولايات المتحدة
عالى طاهر الحمود، مركز البيان للتخطيط والدراسات، العراق
فرهاد علاء الدين، مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية
فريد ياسين، المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي المعني بالبيئة
رانيا العطار، إعلامية وصحفية
رناد منصور، زميل باحث أول في تشاتام هاوس، المملكة المتحدة
توبي دودج، أستاذ كلية لندن للاقتصاد، المملكة المتحدة
ابراهيم البغدادي، رئيس المجلس الإقتصادي العراقي
باقر كاظم المشاط، عضو مجلس ادارة المجلس الاقتصادي العراقي
جابر خليفة جابر، مدير شركة نفط الهلال – العراق
سليك نوري، مدير في شركة كار لصناعة الاسمنت، العراق
عبدالله القاضي، مدير شركة نفط الهلال، الإمارات العربية المتحدة
فراس نعيم الميالي، عضو المجلس الاقتصادي العراقي