×

  بحوث و دراسات

  الوقت ليس في صالح أوكرانيا



*كوندوليزا رايس وروبرت غيتس

 

*واشنطن بوست

فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا الشيء الوحيد المؤكد الآن هو استمرار القتال والدمار. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لايزال ملتزما تماما بإعادة أوكرانيا كلِّها إلى السيطرة الروسية أو، إذا فشل في ذلك، تدميرها إلى حدِّ جعلِها بلدا غير قابل للنمو والتطور.

هو يعتقد أن َقَدَرَه التاريخي ورسالته المِسْيَانية (المثالية) إعادةُ تأسيس الإمبراطورية الروسية. وكما أشار زبيجنيو بريجينسكي قبل سنوات لا يمكن أن توجد إمبراطورية روسية بدون أوكرانيا.

لقد تعاملنا كِلانا مع بوتين في عدد من المناسبات. ونحن على اقتناع بأنه يؤمن أن الوقت في صالحه. بمعنى أن في إمكانه إنهاك الأوكرانيين وأن وحدة الولايات المتحدة وأوروبا ستتشظى ودعمهما لأوكرانيا سيتآكل في نهاية المطاف. من المؤكد أن اقتصاد روسيا وشعبها سيعانيان مع استمرار الحرب. لكن الروس ظلوا يتحملون ما هو أسوأ بكثير.

بالنسبة لبوتين الهزيمة ليست خيارا. فهو لا يمكنه التنازل لأوكرانيا عن الأقاليم الأربعة التي أعلن أنها جزء من روسيا. وإذا لم يتمكن من النجاح عسكريا في هذا العام سيلزمه الاحتفاظ بالسيطرة على المواقع شرقي وجنوبي أوكرانيا والتي ستتيح له نقاط انطلاق في المستقبل لشن هجمات جديدة تستهدف الاستيلاء على باقي ساحل البحر الأسود الأوكراني والسيطرة على كامل إقليم دونباس ثم التحرك غربا.

ثمانية أعوام تفصل بين استيلاء روسيا على شبه جزيرة القِرم وحربها على أوكرانيا قبل ما يقرب من عام. ومن المؤكد أن بوتين يملك من الصبر ما يكفي لبلوغ غايته.

في الأثناء على الرغم من أن رد أوكرانيا على الحرب كان بطوليا وأداء جيشها اتسم بالبراعة إلا أن اقتصادها في فوضى شاملة. لقد فرَّ الملايين من سكانها ويجري تدمير بنيتها التحتية. كما أن الكثير من ثروتها المعدنية وقدراتها الصناعية وجزءا كبير من أراضيها الزراعية تحت السيطرة الروسية.

قدرة أوكرانيا العسكرية واقتصادها يعتمدان الآن تماما تقريبا على شرايين إمداد الغرب وأساسا الولايات المتحدة.

 وفي غياب اختراقٍ أوكراني ونجاح رئيسي آخر ضد القوات الروسية ستتزايد الضغوط الغربية على أوكرانيا للتفاوض حول وقفٍ لإطلاق النار مع مرور شهور من الانسداد العسكري. في ظل الظروف الحالية أي وقف للنار عن طريق المفاوضات سيترك القوات الروسية في موقف قوي يمكِّنها من استئناف غزوها وقتما استعدت لذلك. وهذا غير مقبول.

السبيل الوحيد لتجنب مثل هذا السيناريو هو أن تقدم الولايات المتحدة وحلفاؤها لأوكرانيا بطريقة درامية وعلى وجه السرعة المزيد من الإمدادات والقدرات العسكرية التي تكفي لمنع شن هجوم عسكري روسي جديد وتمكين أوكرانيا من دفع القوات الروسية إلى الخلف في الشرق والغرب.

قدَّم الكونجرس أموالا كافية لمقابلة تكلفة مثل هذه التعزيزات. وما هو مطلوب الآن اتخاذ قرارات من جانب الولايات المتحدة وحلفائها لتزويد الأوكرانيين بمعدات عسكرية إضافية يحتاجونها وأهمها المدرعات المتنقلة.

موافقة الولايات المتحدة يوم الثلاثاء الماضي على تقديم مركبات "برادلي" المدرعة تستحق الثناء ولو أنها جاءت متأخرة.

 ولوجود تحديات لوجستية خطيرة تتعلق بإرسال دبابات "ابرامز" الثقيلة على ألمانيا والحلفاء الآخرين سدُّ هذه الحاجة. أيضا يجب أن يزود أعضاء الناتو الأوكرانيين بصواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيَّرة متقدمة وكميات كبيرة من الذخيرة بما في ذلك قذائف المدفعية والمزيد من قدرات المراقبة الاستطلاعية والمعدات الأخرى. هذه القدرات مطلوبة خلال أسابيع وليس شهور.

أعضاء الكونجرس وآخرون في منابرنا العامة يسألون باطِّراد "لماذا يجب علينا أن نهتم؟ هذه ليست معركتنا."

تعلمت الولايات المتحدة وبتكلفة باهظة في الأعوام 1914 و1941 و2001 أن العدوان غير المبرر والهجوم على حكم القانون والنظام العالمي لا يمكن تجاهلهما. لقد تعرض أمننا إلى التهديد في نهاية المطاف. واضطررنا إلى الدخول في الحرب.

هذه المرة تتعرض اقتصادات العالم (بما فيها اقتصادنا) للأثر التضخمي وخفض النمو بسبب عدوان بوتين الذي لا يحيد عن هدفه. ومن الأفضل وقفه الآن قبل أن يُطلَب المزيد من الولايات المتحدة ومن الناتو.

لدينا شريك قوي الشكيمة (مُمثَّلا) في أوكرانيا على استعداد لتحمّل عواقب الحرب بحيث لا نحتاج أن نفعل ذلك نحن بأنفسنا في المستقبل. خطاب الرئيس (الأوكراني) فولوديمير زيلينسكي أمام الكونجرس في الشهر الماضي ذكَّرنا بنداء (رئيس وزراء بريطانيا) ونستون شيرشل في فبراير عام 1941 " أعطونا الأدوات ونحن سنكمل المهمة."

نتَّفق مع إدارة بايدن في عزمها على تجنب المواجهة المباشرة مع روسيا. لكن بوتين المُتَجرِّئ قد لا يمنحنا ذلك الخيار.

السبيلُ إلى تجنب المواجهة مع روسيا في المستقبل مساعدةُ أوكرانيا على صدِّ الغازي الآن. ذلك هو درس التاريخ الذي يجب أن يرشدنا. وهو يحث على الإسراع بعمل ما يجب القيام به قبل فوات الأوان.

• كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية في الفترة من 2005 إلى 2009.

• روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي في الفترة من 2006 إلى 2011 .


18/01/2023