×

  المرصد الايراني

  ايران في تقرير مجموعة الازمات الدولية للعام 2023



*انترناشيونال كرايسز كروب

أدناه الترجمة العربية للجزء المتعلق بايران في تقرير مجموعة الازمات الدولية بعنوان “عشرة صراعات تجدر مراقبتها في عام 2023”:

الاحتجاجات الحاشدة ضد النظام الإيراني والقمع الوحشي الذي مورس ضدها وتزويد إيران بالأسلحة لروسيا، تركت الجمهورية الإسلامية أكثر عزلة من أي وقت مضى، في الوقت الذي تتفاعل فيه أزمة حول برنامجها النووي.

لقد شكلت الاحتجاجات التي تهز البلاد التهديد الأكثر حدة واستدامة لسلطة الجمهورية الإسلامية منذ الحركة الخضراء عام 2009. فقد خرج عشرات الآلاف، معظمهم من الشباب، وعلى رأسهم نساء وطالبات مدارس يرفضن الارتداء القسري للحجاب كرمز لكراهية النساء، وحالة القمع الأوسع، في أفعال تشكل تحدياً صارخاً للنظام. ورداً على ذلك، قتلت الحكومة الإيرانية مئات الأشخاص، بمن فيهم عشرات الأطفال. وتنفَّذ حالات إعدام المتظاهرين بعد محاكمات تعدّها مجموعات حقوق الإنسان زائفة. وثمة الآلاف في السجون، وكثيرون منهم يتعرضون لتعذيب مريع. ويصوّر النظام حالة التعبير الشعبية المؤكدة عن المشاعر المعادية للحكومة، لاسيما بين الشباب وفي المناطق النائية المهملة منذ أمد بعيد، على أنها مؤامرة خارجية. لكن قلة هم من يصدقون ذلك.

ويكمن التحدي بالنسبة للمتظاهرين الشباب الأبطال في كسب أفراد الطبقة الوسطى الإيرانية الأكبر سناً، والذين يتعاطف الكثير من أفرادها معهم لكنهم يخشون عنف النظام أو التغيير الجذري. وقد ينضم المزيد منهم إذا وصلت الاحتجاجات إلى كتلة حرجة، لكن دون انضمامهم يبدو من غير المرجح أن يحدث ذلك – على الأقل ما لم يحدث شيء آخر يرجح الكفة أو يظهر قادة من بين المحتجين. حتى الآن، ليس ثمة ما يشير إلى أن النظام سيتفكك. لكن لن يتمكن القمع أيضاً من تهدئة الغضب المجتمعي العميق. فقد انكسر شيء ما. ولا يستطيع النظام إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

في هذه الأثناء، توقفت المحادثات لإعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 منذ مطلع أيلول/سبتمبر، وباتت الآن في حالة تجمّد عميق. لقد تقدمت القدرات النووية لطهران بمراحل كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية.

فقد توسعت قدرتها على تخصيب اليورانيوم، وتقلص الزمن اللازم لإنتاج ما يكفي من المواد المنشطرة لصنع سلاح نووي إلى الصفر. كما تم الحد من مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كبير. وباتت اللحظة التي كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يأملون منذ وقت طويل بتحاشيها -  عندما يتوجب عليهم الاختيار بين احتمال حصول إيران على  قنبلة نووية أو استعمال القوة لمنع حدوث ذلك – باتت تلوح في الأفق.

حتى لو تمكنوا من تدبر الأمر بشكل ما لبضعة أشهر، فإن تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما ترفع قيود الأمم المتحدة المفروضة على الصواريخ البالستية الإيرانية، على بعد ومضة قصيرة. وبالنظر إلى أنهم يعدّون هذه القيود حاسمة لاحتواء قدرة إيران على نشر الصواريخ والطائرات المسيرة، لا سيما لمساعدة روسيا في أوكرانيا، فإن خيار القادة الغربيين الوحيد لمنع انتهاء صلاحيتها يتمثل في العودة إلى فرض عقوبات الأمم المتحدة. ومن المرجح أن يدفع ذلك إيران إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي – ما يعد سبباً محتملاً لقيام الولايات المتحدة وإسرائيل بشن الحرب. إن أي ضربة على البرنامج النووي الإيراني من شأنها أن تخاطر بإثارة تصعيد من الأفعال والأفعال المضادة في سائر أنحاء المنطقة. ومع غضب إيران من السعودية لدعمها للقنوات الفضائية التي تحمّلها طهران مسؤولية إذكاء نار الاحتجاجات، وتصاعد مواجهة متعددة الأوجه بين إيران وإسرائيل بوجود حكومة إسرائيلية جديدة مكونة من اليمين المتطرف، فإن المخاطر كثيرة.

في ضوء كل هذا، فإن إبقاء الباب مفتوحاً أمام الدبلوماسية أمر منطقي. العواصم الغربية، المستاءة جداً من القمع الذي تمارسه الجمهورية الإسلامية في الداخل، والغاضبة من إمدادها لروسيا بالأسلحة، وتعرضها للضغط من مكونات محلية ترفع الصوت وتنتقد بشراسة كل من ينصح بالتحدث إلى الإيرانيين، من المفهوم أنها قلقة من أن الانخراط مع طهران من شأنه أن يوفر شريان حياة للنظام. لكن حتى الآن، اختارت ألا تقطع الاتصالات نهائياً – جزئياً لأن بعضها بحاجة إلى التفاوض على إطلاق سراح رهائن لكن غالباً لأنها تأخذ التهديد النووي بعين الاعتبار. وبالنظر إلى العلاقات المسمومة اليوم، فإن آفاق إجراء محادثات لنزع فتيل الأزمة النووية تبدو قاتمة. لكن على الأقل فإن التوصل إلى تفاهم حول الخطوط  الحمر لكلا الطرفين من شأنه أن يساعد في المحافظة على إبقاء التوترات تحت السيطرة إلى أن يتاح مجال أكبر لخفض التصعيد والانخراط الدبلوماسي الجوهري. من الصعب توقع انتصار المتظاهرين إذا وصلت الأزمة النووية إلى مأزق – ويصبح ثمة احتمال أكبر في أن يغير النظام المحاصر الموضوع في الداخل ويفرض قبضة أشد إحكاماً.


18/01/2023