يوم تاريخي للعراق الجديد الديمقراطي

بارزان شبخ عثمان

في تلك الايام، التي كان مام جلال يزف فيها من جبال كردستان الشاهقة ثم في الجزء المحرر من اقليم كردستان في الاعياد والمناسبات، بشرى الاحتفال بعيد الاعياد في عراق جديد وحر وفي بغداد العاصمة، لجماهير شعب كردستان والعراق وشعوب المنطقة والعالم، كان من تزعزع وضعف ايمانهم بحتمية انتصار نضال الشعوب وسقوط الديكتاتوريات، مثلما كانوا يرون اندلاع الثورة الجديدة بعد فشل الثورة عسكريا في عام 1975 ونكسة الثوار محالا، كانوا كذلك يحسبون ظهور عراق مام جلال الحر ضربا من الحلم ومن المستحيلات.

ولكن مثلما حوَّل الاتحاد الوطني استحالة مابعد انهيار الثورة الى امر واقع وفجر الثورة والمواجهة من جديد، فان بشرى مام جلال لم تتحقق فحسب، بل ان كرسي رئاسة جمهورية العراق استقبل شخص الرئيس مام جلال. حين قال كرسي رئاسة الجمهورية يومها: تفضل سيدي ان هذا الموقع ستكون له قيمة وعزة بكم، لقد كان السادس من نيسان 2005 عندما صوت اول برلمان منتخب من الشعب وبالاجماع على تلك الشخصية لمنصب رئيس الجمهورية الذي ناضل على امتداد عشرات السنين ودون هوادة في سبيل عراق ديمقراطي واتحادي..

الرئيس مام جلال صار رئيسا للعراق، وعلق العراقيون عليه بمختلف ألوانهم آمال كبيرة في مختلف المجالات، ليس هذا فحسب بل ان دول الجوار العراقي ودول المنطقة والعالم يعلقون الآمال على ثقل وموقع الرئيس مام جلال، ليكون الرئيس الجديد للعراق الجديد مبعثا للامن والاستقرار والازدهار، بعد رئيس دكتاتوري ومغامر وشرير شكل خطرا على امن واستقرار المنطقة والعالم.

وبوجود الرئيس طالباني، فان جميع الدول وعلى رأسها الدول العظمى، فتحت في العراق ابواب المساعدة والاستثمار بسخاء. صحيح ان جميع المشاكل المتراكمة في العراق خلال العشرات من السنين ومنها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وانعاش البنى التحتية، لم تحل كلها خلال فترة وجود الرئيس مام جلال في الرئاسة، لكنه برز تعايش سلمي بين الاضداد وذلك نتيجة النظام والنهج السياسي المهم المتمثل بالتوافق الذي شكلت على أساسه الحكومة، لان المشاكل القومية والمذهبية كانت عميقة ومعقدة لدرجة انه حتى الاغلبية السياسية الحالية تعجز عن ايجاد توازن لها.

ان مكتسبات مهمة جدا تحققت خلال مدة رئاسة الرئيس مام جلال على المستوى العراقي والكردستاني، والجميع يشهد لذلك العهد بالحق الى يومنا هذا.

في الحقيقة ان الرئيس مام جلال العظيم، مع انه لبس عباءة العراق، الا انه لم يغفل ولو للحظة عن هموم كردستانه وحتمية عودة كركوك والمناطق المتنازع عليها ضمن دائرة التطهير العرقي، لاقليم كردستان، ولهذا فقد تمكن عبر عدد من المواد الدستورية من تثبيت حقوق كيان اقليم كردستان وحل مشاكل كركوك.

الرئيس مام جلال وباسلوبه الدبلوماسي الخاص وثقل شخصيته السياسية والاجتماعية ومن خلال فهمه وتعمقه في الدستور، استطاع ضمان نسبة اقليم كردستان من الموازنة كي لايواجه الاقليم ازمات اقتصادية وعدم حرمان الموظفين والمتقاعدين من الرواتب والرفاهية، لان نضاله كان من اجل رفاهية الشعب من جهة ومن جهة اخرى كان يدرك حقيقة انه لولا اسلوبه الناجح في التعامل مع المشاكل لما مررت حصة الاقليم من الموازنة بتلك السلاسة والسهولة.

وبالرغم من ايصاله علاقات العراق الدبلوماسية والسياسية والتجارية مع دول الجوار والمنطقة والعالم الى مستوى رفيع وفق مبدأ مراعاة المصالح المشتركة وحسن الجوار، فقد اسس لقناة من العلاقات بين اقليم كردستان ودول الجوار والعالم من دون تباه وغرور ومزايدة.

إن الرئيس مام جلال كان له رؤيته وستراتيجيته الخاصة للتأسيس للعراق الجديد وفق الاسس والمبادئ التي تضمن تعايش جميع المكونات القومية والدينية والمذهبية في العراق الذي يروم التأسيس له، ولهذا اعتبر التوافق أفضل وسيلة ومخرج يستحيل من دونه الآن تحقيق الاستقرار الشامل.

 وهذا الذي دفع رئيس الولايات المتحدة حينها الى وصف الرئيس مام جلال بـجورج واشنطن العراق، كما ان الرئيس الامريكي الحالي جو بادين وصفه بأفضل رؤساء العراق والجامع لشمل العراقيين.

من الواضح ان الاخرين من قادة وسياسيي العراق والدول العربية والعالمية يدركون بشكل افضل مدى خدمة الرئيس مام جلال لشعبه وسائر العراقيين، إذ تراهم يتحدثون بثناء وفخر عن دور هذا السياسي ورجل الدولة العظيم الذي كان يعرض في الايام الصعبة الخطط والحلول على طاولة المباحثات ويقنع جميع المختلفين ويجمعهم على نقاط مشتركة.

لو أراد السياسيون الكرد والعراقيون الخروج من هذه الازمة وهذا النفق المظلم، فليتخذوا من أفكار وطروحات مام جلال الصائبة، دليلا لهم للخلاص من الأزمات وايجاد سبيل واحد يوصلهم سريعا الى بر الامان.

* المسرى