×

  المرصد الامریکي

  ما هو الدور الأوروبي المنتظر في الشرق الأوسط؟



 

 

*عن أوراسيا ريفيو

تجعل التغييرات في ميزان القوى العالمي، ولا سيما التحديات التي تفرضها الصين الصاعدة، من الضروري لواشنطن أن تحول المزيد من الموارد الدبلوماسية والاقتصادية من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ.

يتناول مقال ليون هادار في "أوراسيا ريفيو"  ضرورة اهتمام وافتراض حلفاء أمريكا في أوروبا أنه في ظل أي سيناريو متوقع في النظام الدولي المتطور، فإن الولايات المتحدة ستجد صعوبة أكبر في الحفاظ على دورها الحالي المهيمن في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

ويشير المقال لضرورة إعادة التكيف من قبل الاتحاد الأوروبي مع الحقائق العالمية المتغيرة الجديدة عن طريق تحويل الانتباه إلى الفناء الخلفي الجغرافي الاستراتيجي والجيو-اقتصادي، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويرى المقال أن الأوروبيين يحتاجون الآن إلى التحرك لبدء محور الاتحاد الأوروبي نحو الشرق الأوسط الذي امتلكوا معه علاقات تاريخية في السابق.

يورد الكاتب مجالات مثل الأمن والهجرة والطاقة والصراعات وآثارها المباشرة على أوروبا أكثر من أمريكا الشمالية. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة هي التي تستمر في دفع التكاليف العسكرية والاقتصادية الباهظة لتأمين المصالح المشتركة في الشرق الأوسط.

استفاد الأوروبيون في السابق من توفير الخدمات الأمنية من قبل الولايات المتحدة. وامتنع الأوروبيون في الأغلب عن استخدام قوتهم العسكرية لحماية مصالحهم في المنطقة.

ينوه المقال أنه في أعقاب نهاية الحرب الباردة وتلاشي التهديد السوفييتي في الشرق الأوسط، اتبعت الولايات المتحدة سياسة الهيمنة في الشرق الأوسط بدلا من التعاون مع أوروبا.

لكن الحفاظ على الهيمنة في الشرق الأوسط، وفي عملية تقليص دور الأوروبيين هناك، أثبتت أنها مكلفة بالنسبة للولايات المتحدة وانتهت بنتائج تضر بمصالح الولايات المتحدة.

ويثير الكاتب السؤال التالي: هل يمكن لقوة مهيمنة مرهقة، يتم جرها الآن من قبل الأوروبيين إلى الحرب في أوكرانيا، وإجبارها على تحويل المزيد من الموارد إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، أن تجد طرقًا لتحفيز شركائها الأثرياء على البدء في الاهتمام بالمصالح في ساحتهم الخلفية الاستراتيجية؟

ويرى الكاتب أن السيناريو الذي يفكر الاتحاد الأوروبي بموجبه في نشر قوات في المنطقة، يبدو الآن غير واقعي أكثر من أي وقت مضى.

فبريطانيا غادرت الاتحاد، وفي الوقت نفسه لم يُظهر أعضاء أوروبا الوسطى في الاتحاد الأوروبي وألمانيا، العضو الأقوى اقتصاديًا في الاتحاد الأوروبي، أي اهتمام بإبراز القوة العسكرية في الشرق الأوسط. وتواصل فرنسا اتباع سياستها التقليدية المتمثلة في الحصول على كعكتها، والاستفادة من الحماية الأمريكية في الشرق الأوسط، وتصر على أنها تسعى إلى "الاستقلال الاستراتيجي" عن حليفها العالمي.

يشير الكاتب إلى أنه في الوقت نفسه، لدى الاتحاد الأوروبي أداة مهمة أخرى من شأنها أن تسمح له بتوسيع نفوذه في الشرق الأوسط، في شكل الاتحاد من أجل المتوسط، ولكن لا يوجد له خطة ملموسة حتى الآن.

يرى المقال أن أعضاء الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إدراك القيود المفروضة الآن على استخدام القوة العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء العالم وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص في لحظة ما بعد القطب الواحد، والبدء في فعل شيء حيال ذلك.

ويشير إلى أنه لا يمكن منافسة الولايات المتحدة في الإنفاق العسكري وفي الوقت نفسه، أدت الحروب التي قادتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط إلى إرهاق القوات الأمريكية. وبالنظر إلى تجارب العراق وأفغانستان، لم يعد الشعب الأمريكي مستعدًا لتزويد حكومته بالمال والقوى البشرية التي تحتاجها لتأمين موقعها المهيمن، بما في ذلك في الشرق الأوسط.

لذلك، من وجهة نظر الكاتب ستحتاج واشنطن إلى العمل جنبًا إلى جنب مع القوى الإقليمية والعالمية الأخرى للحفاظ على الاستقرار في الخليج والشرق الأوسط بأكمله.

ولهذا فإن الخيار الذي يواجهه حلفاء أمريكا يجعلهم أمام قوة عظمى ممتدة وانعزالية تفتقر في النهاية إلى الإرادة والموارد اللازمة لمساعدتهم عندما يتم تحدي مصالحهم الوطنية الأساسية من قبل قوى عالمية أخرى أو تبدأ في تقاسم عبء السياسة في الشرق الأوسط وأجزاء أخرى من العالم، ما سيجبر الولايات المتحدة أيضًا على المشاركة في عملية صنع القرار معهم.

 

تخبط أمريكي

ويعتقد الكاتب أن إدارة الرئيس جو بايدن، تمامًا مثل إدارة ترامب وأوباما تتخبط في اتجاه تعديل موقعها المهيمن في الشرق الأوسط، مع إدراك القيود المفروضة على قوتها العسكرية والنفوذ الدبلوماسي حيث قبلت بمستوى معين من الإهمال الحميد الوساطة الدبلوماسية الصينية الناجحة بين إيران والسعودية لإنهاء الحرب في اليمن، والجهود المشتركة لروسيا والشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية وتركيا، لإعادة سوريا إلى المنطقة العربية.

ويشير الكاتب أن واشنطن لم تنجح في إجبار حليفتيها الاستراتيجيتين، السعودية وإسرائيل، على دعم العقوبات الاقتصادية على روسيا ومن المشكوك فيه جدًا أن الولايات المتحدة ستخوض حربًا ضد إيران لمنعها من التحول إلى دولة نووية. وبالتأكيد، أي خطة لتغيير النظام في طهران غير مطروحة على الطاولة.

في هذه البيئة الدولية والإقليمية الجديدة، فإن فكرة تقديم حوافز للاتحاد الأوروبي لتبني دور أكثر فاعلية في الشرق الأوسط تعني أن واشنطن لن تشن حروبًا أحادية الجانب في الشرق الأوسط دون التشاور وتلقي الضوء الأخضر من بروكسل إذا تريد واشنطن أن يشارك الأوروبيون في عبء تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. أو عندما تطلق استراتيجية مهمة لتعزيز السلام في الشرق الأوسط  مثل "اتفاقيات إبراهيم"، فإنها تحتاج إلى إدخال الاتحاد الأوروبي في الصورة في وقت مبكر.

ويرى الكاتب أنه بين وجود جنودك على الأرض وكونك لاعبًا هامشيًا، هناك سلسلة طويلة من خيارات السياسة التي من شأنها أن تسمح للاتحاد الأوروبي بلعب دور أكثر نشاطًا في الشرق الأوسط كشريك استراتيجي كامل للولايات المتحدة وذلك عكس أن تكون مراقبا أو متابعا لذلك لقد حان الوقت للسماح للأوروبيين بفعل شيء ما في الشرق الأوسط.

* ترجمة وتحرير الخليج الجديد


22/05/2023