×

  فاجعة شنكال

  عن دور الحزب الديمقراطي في إبادة الإيزيديين ومساعي إنهاء المقاومة



*زانا سيدي

 

 

*صحيفة"Ronahi ":

لا شك في أن تركيا تسيطر اليوم، على جنوب كردستان اقتصادياً وسياسياً وحتى ثقافياً، لكن عندما هاجم داعش مدينة هولير مطلع 2015، وهدد مسعود البرزاني على تخوم هولير، عقب ذبح ثلاثة من مقاتلي البيشمركة، لم تبد تركيا أيّ موقف، بل كانت تقف وتتفرج على تلك الأّحداث لأّن داعش في الأساس هو صنيعها، ما الرسائل التي حاولت تركيا إظهارها للحكومة والشعب هناك، مرةً أخرى وقفت حركة التحرر الكردستانية “مقاتلي الكريلا”  في وجه هذا المخطط الذي استهدف كردستان، ودافعت عن مناطق مختلفة حاول داعش السيطرة عليها في جنوب كردستان.

يُعرف الحزب الديمقراطي الكردستاني بأنه مؤيد للسنّة وتعود علاقاته مع المملكة العربية السعودية والكويت ومصر إلى زمن ملا مصطفى البرزاني، اتسعت هذه العلاقة في عهد مسعود البرزاني وشملت تركيا فيما بعد، وتحوّل مسعود البرزاني إلى أداةٍ بيد تلك الدول للوقوف سياسياً ضد التيار الشيعي، فما كانت التوترات بين البرزاني من جهة والجعفري ونوري المالكي من جهة أخرى إلا حرباً بالوكالة يخوضها البرزاني.

لعبت جميع القوى والدول المذكورة أعلاه دوراً في ظهور داعش. وحضر معظمهم اجتماعاً بحضور مسؤولين أمريكيين في العاصمة الأردنية عمان، في حزيران 2014 أُعلن في الاجتماع عن داعش، وحسب الوثائق، حضر الاجتماع مسرور البرزاني رئيس الوزراء الحالي في جنوب كردستان، وسكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني فاضل ميراني.

أعلنت إيران عن مسوّدة ومضمون اجتماع الأردن، وبذلك أصبحت جميع الأطراف المعنية واضحة، على الرغم من أن الحزب الديمقراطي الكردستاني نفى تورطه في ذلك.

كانت أهداف داعش واضحة في القضاء على الشعوب في سوريا والعراق، في مقدمتها الكرد ومشروعهم الجديد، وإضعاف تأثير حركة التحرر الكردستانية خدمةً لتركيا، والحد من النفوذ الإيراني، وما تشكيل الحشد الشعبي الذي يشكل الشيعة عمادها الرئيس، سوى أداة إيرانية لمحاربة تمدد داعش، حيث انحاز داعش في البداية إلى جبهة النصرة “جناح القاعدة في سوريا” لتثبيت أقدامه، لكن سرعان ما أعلن استقلاليته وإعلان اسمه “الدولة الإسلامية في العراق والشام”.

بالتزامن مع التخطيط لهجوم داعش لاستهدف مناطق مختلفة في روج آفا وشنكال، سارعت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني لحفر الخنادق على الحدود بين روج آفا وباشور كردستان، لمنع السكان من اللجوء إلى مناطق كردستان الجنوبية في أوقات الشدة، حينها بدأت بوادر التعامل بين داعش والحزب الديمقراطي الكردستاني تطفو على السطح.

وصل داعش في 3 آب إلى تخوم شنكال، وسبق ذلك انسحاب قوات الديمقراطي الكردستاني من المنطقة، سقطت معظم المناطق العربية السنية في العراق قبل ذلك واستسلمت لداعش، حتى أنها أصبحت جزءاً من قوة داعش وشكلت حاضنةً له.

بالقرب من شنكال، ارتكب داعش مجازر بحق أهالي قرى سبيكس، شيخ شدير وكوجو، اعتقلوا الرجال واغتصبوا النساء، لم يكن يتوقع من داعش غير ذلك وخاصة أنه يهاجم منطقة كردية، كانت قوة متعطشة للدماء، كانت خيانة البرزاني السبب الرئيس في تلك المأساة، فروا من المنطقة في غضون ساعتين إلى دهوك. وكان القائد عبد الله أوجلان قد طالب بحماية الإيزيديين في شنكال قبل وقوع الهجوم بأعوام، حيث كان تدمير الكرد معنوياً وتصفية البعض جسدياً في شنكال له دلالاتٌ تاريخية، وعملية ممنهجة لعب فيها البرزاني وأبو بكر البغدادي رأس الحربة، لإلحاق ضربة للوجود الكردي، وكان هجوم المجموعات المرتزقة على سري كانيه قبل ذلك بعامين في ذلك الإطار، لكن في شنكال كان التنسيق على أعلى المستويات، والهدف واحد وهو احتلال منطقة الجزيرة وإلحاقها بجنوب كردستان ليتحكم البرزاني فيها.

 

 

ملحمة درويش عبدي وإعادة إحيائها في شنكال

استطاع مقاتلو “الكريلا” الذين أعادوا ملحمة “درويش عبدي” إلى الأذهان، إلى جانب مقاتلي وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة من إنقاذ ما يقارب 300 ألف إيزيدي، وفتح ممراً آمناً من جبل شنكال إلى روج آفا، وتحريرها بعد ذلك ودحر داعش وحلفائه هناك، في الوقت الذي هزم فيه داعش في معركة كوباني، ليفشل مخطط أردوغان والبرزاني وحلفائهم في احتلال روج آفا وشنكال.

لم يقاتل الحزب الديمقراطي الكردستاني ضد قوات الاحتلال وأعداء الكرد منذ عام 1975، وكان فقط معادياً للقوات الكردية، وأيضاً من أجل السلطة والمال وبمساعدة جيش الاحتلال.

منذ تسعينيات القرن الماضي، أراد الحزب الديمقراطي الكردستاني تصوير حزب العمال الكردستاني للشعب في جنوب كردستان، على أنه قوة معادية للكرد، لكن الأفعال تثبت عكس ذلك، وخاصة بعد عام 2000 تم الترويج أن حزب العمال الكردستاني قوة ضعيفة، ولا يمكنه الدفاع عن أي مكاسب، لذلك استمروا في ترديد هذه الكلمات “لماذا لا يذهبون لإنقاذ كردستان، لقد أنقذنا كردستان، ودعهم يذهبون أيضاً لإنقاذ كردستان”.

لكن نضال وكفاح حزب العمال الكردستاني وحرب المجموعات الناجح ضد قوى الاحتلال، أدى لإفراغ هذه الكلمات، وكشف في الوقت نفسه حقيقة أخرى مفادها أن المقاتلين أصبحوا القوة الوحيدة للشعب مكاناً للثقة والأمل لقد عبّرَ الشعب عن ذلك في شوارع كركوك والسليمانية ومخمور برفع أعلامPKK  وصور القائد عبد الله أوجلان واستقبال مقاتلي الكريلا.

 

الديمقراطي الكردستاني رأس حربة قوى الاحتلال ضد حركة التحرر الكردستانية

بالاشتراك مع تركيا، تخوض قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني حرباً ضد مقاتلي الكريلا في جبال كردستان، بلغت ذروتها أعوام 1992 و1995 و1997 حتى 1999.

تتجدد هذه الممارسات مرة أخرى، وتحاول قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني إشعال فتيل حرب جديدة تخدم المحتل التركي، لم تتوقف الهجمات التركية على جبال كردستان تحت مسميات مختلفة منذ 24 من نيسان 2021 في مناطق آفاشين وزاب ومتينا.

إن الغرض من هذه العمليات هو حصار حزب العمال الكردستاني في رقعةٍ جغرافية ضيقة في جنوب كردستان، وقطع أوصاله، وبالتالي القضاء التام على تلك القوات خلال السنوات القليلة القادمة، ولا يمكن فهم استخدام الأسلحة الكيمياوية والنووية التكتيكية بوحشية ضد الكريلا إلا في ذلك الإطار، يستخدم الناتو وأوروبا والولايات المتحدة القوة الكاملة في هذا الهجوم.

من جهتها، تقوم قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني باستخدام المرتزقة الكرد السوريين تحت مسمى “بيشمركة روج” الذين فروا من روج آفا وتحوّلوا إلى مرتزقة يحاربون مقابل مبالغ مالية، في حربها ضد مقاتلي الكريلا في جبال كردستان خلال الأشهر الماضية.

على الرغم من استفزازات الديمقراطي الكردستاني وحربه ضد مقاتلي الكريلا، وتسبّبه في استشهاد عددٍ من المقاتلين خلال الأشهر الماضية، توجه مراد قره يلان عضو اللجنة القيادية في حزب العمال الكردستاني بالحديث إلى الديمقراطي الكردستاني قائلاً  إن “علاقات الحزب الديمقراطي الكردستاني وتعاونها الاستخباراتي مع دولة الاحتلال التركي لا يخدم الشعب الكردي وحتى لا يخدم مصلحة الحزب نفسه، حتى لو تهيأ لهم ذلك، حيث إن الوضع يزداد حساسية وخطورة على كامل الشعب الكردي، وهي مسألة وجودية؛ لأن تركيا تستهدف الوجود الكردي وتسعى للقضاء عليه، ونحن نناضل ونقاوم في وجه هذه المخططات والمؤامرات، ومن المفروض أن يقدم الحزب الديمقراطي الكردستاني المساعدة لنا وليس العكس”.


09/08/2023