×

  المرصد الصيني

  قادة بريكس يدعون لإرساء نظام عالمي متعدد وإنهاء هيمنة الدولار



المجموعة تقر التوسع وتضع الشروط

 

*المرصد/فريق الرصد والمتابعة

عقدت يوم الأربعاء الجلسة الافتتاحية للقمة الـ15 لمجموعة الاقتصادات الكبرى الناشئة تحت شعار "بريكس وأفريقيا: شراكة من أجل النمو والتنمية المستدامة والتعددية"، بحضور الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا والصيني شي جين بينغ والبرازيلي لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في حين تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الفيديو من موسكو وناب عنه في القمة وزير خارجيته سيرغي لافروف.

ويشارك قادة 4 دول في القمة بصورة شخصية وهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، بينما يشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو، في حين يرأس الوفد الروسي المشارك في القمة وزير الخارجية سيرغي لافروف.

وفي خطوة مهمة على الصعيد العالمي، أعلنت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور، يوم الاربعاء أن المجموعة الخماسية التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، اتفقت في اجتماعها لليوم الثاني في جوهانسبرغ على التوسع.

وأوضحت الوزيرة ، أن دول بريكس اعتمدت وثيقة تحدد المبادئ التوجيهية وشروط التوسع، وفق ما نقلت رويترز.

 

ضرورة توسيع المجموعة وتعزيز دورها

دعا قادة عدد من دول مجموعة "بريكس" المشاركين في قمة جوهانسبرغ إلى إرساء نظام عالمي متعدد وإنهاء هيمنة الدولار، وشددوا على ضرورة توسيع المجموعة وتعزيز دورها في تعافي الاقتصاد العالمي.

وقال الرئيس الصيني إن على دول بريكس أن تنهض بمبدأ التعددية القطبية وتعزيز دور الأمم المتحدة، ودعا لتشجيع الدول على الانضمام إلى بريكس لإنشاء عالم أكثر عدالة، مضيفا أن عقلية الحرب الباردة لا تزال تشكل مصدر قلق للعالم اليوم.

ودعا شي دول بريكس إلى الالتزام بالتنمية السلمية والشراكة الإستراتيجية والأمن القومي لدول المجموعة، كما دعاها إلى لعب دور للوصول إلى تسوية سياسية في المناطق الساخنة لحل النزاعات.

 

 

عالم متعدد ومنصف

من جهته، قال الرئيس الروسي إن مجموعة بريكس تطالب بنظام عالمي منصف قائم على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وأضاف أن السعي للحفاظ على الهيمنة في العالم أدى إلى أزمة في أوكرانيا بمساعدة الدول الغربية.

وتابع بوتين أن مجموعة بريكس تسعى لإنهاء هيمنة الدولار الأميركي على المبادلات التجارية العالمية وتعزيز استخدام العملات المحلية، مشيرا إلى أن روسيا ستسعى خلال رئاستها القمة المقبلة لبريكس في مدينة كازان لتسهيل تطبيق القرارات المتعلقة بتوسيع المجموعة.

 

الحاجة لنظام تمويل عالمي

وفي كلمته بالقمة، قال الرئيس البرازيلي إن الدافع الذي أدى لإنشاء مجموعة بريكس يلهم قادة المجموعة من أجل بناء عالم متعدد عادل ومستدام.

وأضاف أن هناك حاجة لنظام تمويل عالمي لمساعدة الدول من أجل تحقيق التغيير، وتابع أن دول بريكس تشكل 41% من سكان العالم، مشيرا إلى سيناريو معقد شهد انتقالا من التعددية إلى عقلية الحرب الباردة.

كما قال دا سيلفا إن استخدام دول بريكس لعملة موحدة في المعاملات التجارية سيقلل من نقاط ضعفها.

أما رئيس الوزراء الهندي فقد أعلن أن بلاده تدعم توسيع مجموعة بريكس، مشيرا إلى اقتراح بمنح عضوية دائمة للاتحاد الأفريقي في مجموعة بريكس لتعزيز حضور دول الجنوب.

وقال مودي إن بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة بريكس يلعب دورا أساسيا في تنمية جنوب العالم.

من جانبه، قال رئيس جنوب أفريقيا إن على دول بريكس أن تحقق مصالح عالم الجنوب، داعيا الدول الصناعية للمساعدة في ذلك.

وأكد رامافوزا تصميم القادة على أن تحقق شراكة مجموعة بريكس التعافي الاقتصادي العالمي الشامل، قائلا إن المجموعة تسعى للعمل من أجل الاستدامة الدائمة وازدهار شعوب دول المجموعة.

وتبحث قمة جوهانسبرغ توسيع مجموعة بريكس لتضم المزيد من الدول التي عبرت عن رغبتها في الانضمام إليها.

وأعربت 40 دولة على الأقل عن اهتمامها بالانضمام إلى بريكس، من بينها إيران والسعودية وبنغلاديش والأرجنتين.

ودعي ما مجموعه 69 دولة لحضور قمة جوهانسبرغ، من بينها جميع الدول الأفريقية، وسبق أن عبّر عدد من هذه الدول عن الرغبة في الانضمام للتكتل، ومن بينها الجزائر ومصر وإثيوبيا.

 

 

أبرز تصريحات القادة

أدلى قادة مجموعة بريكس بتصريحات هامة، تعبر عن رؤية المجموعة لدورها العالمي.. فما أبرز هذه التصريحات؟

 

الرئيس الصيني

قال الرئيس الصيني، شي جين بينغ، ، إن تعافي الاقتصاد العالمي، "لا يزال مضطرباً" ونسبة النمو تقل عن ثلاثة في المئة.

وأضاف الرئيس الصيني، خلال مشاركته بفعاليات اليوم الثاني لمجموعة "البريكس"، أنه يجب على دول المجموعة الالتزام بالتنمية السلمية وتعزيز الشراكة الاستراتيجية فيما بينها.

وأضاف أنه يتطلع إلى العمل مع قادة هذه الدول لمناقشة خطط تضامنها وتطويرها في العصر الجديد، والعمل من أجل "قمة مثمرة" والسعي من أجل "حوكمة عالمية أكثر عدلاً وإنصافاً".

كما لفت شي، خلال لقائه مع نظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، إلى أن دول "بريكس" كتبت  قصة رائعة عن التنمية المشتركة لدول ذات أنظمة وثقافات ومناطق مختلفة.

 

رئيس البرازيل

في مستهل كلمته، قال الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إن “تحالف بريكس يخطط لإدخال نظام خاص واستخدام عملات وطنية في المبادلات التجارية بين أعضاء التكتل”، في الوقت الذي يزداد فيه الحديث عن سعي دول المجموعة الـ5 وهي البرازيل والهند والصين وروسيا وجنوب إفريقيا، والتي تشكل حوالي ربع الاقتصاد العالمي، إلى تقليل الاعتماد على الدولار.

وأوضح الرئيس البرازيلي، في أثناء كلمته بقمة التكتل الاقتصادي في جنوب إفريقيا، أن تحالف بريكس يدعم وجود تجارة عالمية أكثر إنصافًا من الوضع الحالي، حسب ما نقلت عنه وسائل علام عالمية.

وخلال كلمته، لفت الرئيس البرازيلي، المحسوب على اليسار، إلى أن مجموعة بريكس ودول الجنوب تحقق نموًّا اقتصاديًّا أكثر من أي مجموعة اقتصادية أخرى على مستوى العالم. وكان الرئيس البرازيلي قال في وقت سابق، إنه يريد أن تنضم الأرجنتين إلى مجموعة بريكس للدول الناشئة، في الوقت الذي تعاني فيه جارة البرازيل من نقص الاحتياطيات الأجنبية.

 

الرئيس الروسي

من جانبه، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن العقوبات الغربية على روسيا تعوق إمدادات الغذاء الروسية ومدفوعاتها المصرفية، مضيفًا أن هناك دول ذات سيادة تعرضت لعقوبات وتجميد أصولها المالية، وفرضت الدول الغربية على روسيا عقوبات غير مسبوقة، كما جمدت أصولها في الخارج، بسبب الحرب مع أوكرانيا.

وأشار الرئيس الروسي، الذي يشارك عبر الفيديو بسبب صدور مذكرة اعتقال ضده من قبل محكمة العدل الدولية، إلى التحديات التي تواجه مجموعة بريكس من تقلبات أسعار الطاقة والتصرفات غير المسؤولة من عدة دول. ويرأس الوفد الروسي المشارك في القمة وزير الخارجية سيرجي لافروف.

وعرج بوتين على أهمية التخلص من استخدام الدولار في التسويات التجارية والتعامل الاقتصادي بين دول تحالف بريكس، موضحًا أن الأمر “عملية لا رجعة عنها”. وأوضح الرئيس الروسي أن التعاون بين مجموعة بريكس قائم على الاحترام المتبادل بين الدول الأعضاء، مشيرًا إلى أن العالم يشهد ارتفاعًا في أسعار السلع الأساسية والحبوب في ظل حالات التضخم الحالية.

 

رئيس الوزراء الهندي

أما رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودى، فقال إن مجموعة بريكس ظهرت كبارقة أمل للاقتصاد العالمي منذ سنوات.

وأوضح رئيس الوزراء الهندي، في أثناء كلمته بقمة التكتل الاقتصادي بريكس في جنوب إفريقيا، بثتها فضائية سكاي نيوز عربية، أن الدول أعضاء تحالف بريكس تشهد نموًّا اقتصاديًّا متواصلًا وأن الهند من أكثر الدول التي تشهد نموًّا اقتصاديًّا في العالم، مشيرًا إلى أن بلاده رصدت 110 مليارات دولار لتطوير البنية التحتية من أجل دعم النمو الاقتصادي والاستثمار.

كان رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى، قال إن قمة دول البريكس ستوفر فرصة لأعضائها لتحديد مجالات التعاون المستقبلية ومراجعة التطوير المؤسسي، خاصة أن البريكس تتبع أجندة تعاون قوية فى مختلف القطاعات.

 

ستراتفور: الخلافات الداخلية تبطئ توسع "بريكس"

الى ذلك يرى موقع "ستراتفور" الأميركي أن قمة مجموعة دول "بريكس" الاقتصادية الـ15 التي تستضيفها جنوب أفريقيا في الفترة من 22 إلى 24 أغسطس/آب الحالي قد تضع أخيرا الأساس لمعايير وآليات العضوية المستقبلية لتوليد تدفقات تجارية ومالية أكبر باستخدام العملات غير الغربية، رغم أن الخلافات الداخلية ستبطئ هذا التقدم.

وذكر الموقع الأميركي أن هذه القمة هي الاجتماع الأهم للكتلة (التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) منذ 9 سنوات؛ وسيكون أيضا أول حدث يحضر فيه قادة الكتلة بشخوصهم منذ بدء جائحة كوفيد-19 عام 2020.

وأضاف أن روسيا والصين تريدان استخدام بريكس لكبح جماح هيمنة الغرب على المؤسسات العالمية والنفوذ الدولي من خلال توفير بديل لمجموعة السبع (G-7).

ومع ذلك لفت إلى إعراب الهند والبرازيل عن قلقهما بشأن أهداف بكين وموسكو في استخدام بريكس لتحدي مجموعة السبع، نظرا لعلاقاتهما الوثيقة مع الولايات المتحدة وأوروبا، وأنهما ببساطة ليس لديهما نفس التوترات الجيوسياسية مع الغرب مثل الصين وروسيا.

وعدد ستراتفور بعض الخلافات بين المجموعة وقال إنها قد تمنع قادتها من الاتفاق على التوسع في هذه القمة، لكن قد يطور الأعضاء معايير للتوسع الرسمي أو الشراكات.

وأشار إلى احتمال اتفاق دول بريكس على بعض الآليات لزيادة المدفوعات والتجارة بالعملات المحلية، لكنه رجح أن تكون مناقشة عملة للبريكس وإزالة الدولرة خارج جدول الأعمال.

 

خطوة نحو عالم متعدد الأقطاب

هذا وحسب تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، في 18 أغسطس الحالي، جذبت قمة هذا العام قدرًا كبيرًا من الاهتمام الدولي، بسبب التكهنات بشأن ما إذا كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سيحضر شخصيًا، وبسبب العدد الكبير من الدول التي أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة.

لكن بوتين لن يحضر القمة شخصيًّا، وسيشارك افتراضيًّا. وأشارت المجلة إلى أن مسؤولين من الدول الراغبة في الانضمام إلى المجموعة سيحضرون شخصيًّا، مثل رئيس بوليفيا ووفد من الأرجنتين. وتقول جنوب إفريقيا إن أكثر من 40 دولة أعربت عن اهتمامها بالانضمام، منها السعودية، والإمارات، وإندونيسيا.

 

هدف مشترك

منذ تأسيسها في 2009، واجهت الدول الأعضاء في بريكس مجموعة من الخلافات، لكنها استمرت في عقد الاجتماعات بشأن مجموعة واسعة من القضايا، مثل الحوكمة الصحية، والأعمال التجارية، والزراعة.

ووفق فورين بوليسي، كان هذا ضمن إطار الاعتقاد المشترك بأن الروابط الاقتصادية والسياسية بين أعضاء المجموعة ستساعد في قيادة الانتقال إلى عالم لا تكون الولايات المتحدة هي القوة المهيمنة عليه.

 

عالم متعدد الأقطاب

عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، حاولت الدول الغربية إقناع بقية العالم بعزل نفسه اقتصاديًّا وسياسيًّا عن موسكو. لكن معظم دول الجنوب العالمي لم تشارك في هذه الحملة لعدة أسباب، منها المخاوف الاقتصادية، وتاريخ العنف بالوكالة الذي شهدته الكثير منها أثناء الحرب الباردة، والاستياء من ازدواجية المعايير في معاقبة الدول.

وعلى الرغم من أن الحملة الغربية نجحت في حشد الدعم لأوكرانيا واستعرضت عضلات حلف شمال الأطلسي (الناتو) والغرب كقطب من أقطاب القوة العالمية، فإن الاهتمام المتزايد بعضوية بريكس يُعد تأييدًا للهدف الذي روجت له المجموعة كثيرًا، وهو نظام عالمي متعدد الأقطاب، حسب المجلة الأمريكية.

 

بنك التنمية الجديد

كان أحد الإنجازات الأساسية لمجموعة بريكس هو إنشاء بنك التنمية الجديد في 2015. وعلى عكس البنك الدولي، تمتلك الدول النامية حصة تصويت أكبر في بنك التنمية الجديد، وبعض القروض تتم بالعملات المحلية بدلًا من الدولار الأمريكي.

وفي مايو الماضي، قالت رئيسة بنك التنمية الجديد، ديلما روسيف، إن البنك يهدف إلى تقديم 30% من قروضه بعملات الدول الأعضاء، في الفترة بين 2022 و2026.

وفي تصريحات لمجلة فورين بوليسي، قال الخبير الاقتصادي بجامعة إبميك البرازيلية، دانيال سوسا، إن القروض غير الدولارية “تحمي المقترضين من التذبذبات في قيمة الدولار الأمريكي”.

 

توزيع القوة العالمية

ولفتت فورين بوليسي إلى أنه في ظل الاهتمام المتزايد ببنك التنمية الجديد والنادي السياسي لمجموعة بريكس، تراهن المزيد من الدول على إمكانية استحداث خريطة موزعة بنحو أكثر توازنًا للقوة العالمية.

وحسب ما كتب الأستاذ بجامعة توركواتو دي تيلا في الأرجنتين، خوان جابرييل توكاتليان، والباحثة بالمعهد الوطني البرازيلي لدراسات العلوم والتكنولوجيا، مونيكا هيرست، في دورية السياسة الدولية والمجتمع، فإنه في الجنوب العالمي “يوجد تصور متنامي بأن التخلص من هيمنة الدولار هي خطوة نحو العالم متعدد الأقطاب”.


23/08/2023