×

  المرصد الخليجي

  3 سنوات على اتفاقيات إبراهيم.. ماذا تحقق من أهداف التطبيع؟



 

*المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW).

بعد ثلاث سنوات من تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، عبر "اتفاقيات إبراهيم"، لم يتم حقق أي من أهداف هذا التطبيع، إذ لا يمكن إحلال السلام من دون معالجة الأسباب الجذرية للصراع العربي الإسرائيلي، وفقا لدانا الكرد، وهي زميلة غير مقيمة في "المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW).

وبوساطة الولايات المتحدة، وقَّعت إسرائيل مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان في عام 2020 "اتفاقيات إبراهيم" لتطبيع العلاقات، بينما لا تزال تل أبيب تحتل أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.

دانا تابعت، في تحليل ، أنه "نظرا للتأثيرات المحلية والإقليمية، فمن الصعب أن نرى كيف يمكن لاتفاقيات إبراهيم وتوسيعها أن تحقق السلام أو الاستقرار، حتى على المدى القصير".

واعتبرت أن "الاجتماع الأخير بين وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ونظيرته الليبية نجلاء المنقوش يعد مثالا واضحا على ذلك؛ فما كان من المفترض أن تكون محادثات تحت الطاولة بشأن التطبيع أدىت إلى احتجاجات في جميع أنحاء ليبيا بمجرد أن كشفه عنها الإسرائيليون، وقد أجبر الغضب الشعبي الحكومة الليبية على اتهام المنقوش بالخيانة العظمى".

وحذرت من أن "ديناميكيات القمع الداخلي في الدول العربية تخلق علاقات غير مستقرة بين الدولة والمجتمع، ما ينذر بردود فعل إضافية في المستقبل. وحقيقة أن هذه الديناميكيات الاستبدادية مرتبطة بأفكار "التسامح" واندماج إسرائيل في العالم العربي ستكون كارثية بالنسبة للرأي العام، مما يجعل السلام المستدام في المنطقة أقل احتمالا".

و"يتطلب السلام المستدام معالجة الأسباب الجذرية للصراع، والتي تتمثل في التهجير والقمع (الإسرائيلي) المستمر للفلسطينيين، وضم إسرائيل لأراضٍ من الدول العربية المجاورة لها"، بحسب دانا.

وشددت على أن "محاولات التهرب من هذه القضايا والسعي إلى تحقيق "السلام" بالاسم فقط ستؤدي بدلا من ذلك إلى توسيع السيطرة الاستبدادية وزيادة القمع والدعاية التي تولد الاستياء ورد الفعل العنيف".

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي ترفض حتى الآن إقامة دولة فلسطينية مستقلة والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.

 

أهداف التطبيع

ومن الواضح أن التطبيع العربي الإسرائيلي لم يحقق أهدافه، ومنها السلام والاستقرار بين الدول الموقعة على "اتفاقيات إبراهيم"، وعزل التهديدات الإقليمية والتقليل من التدخل الإيراني والروسي والصيني، كما تابعت دانا.

وأضافت أن "هذا التطبيع العربي الإسرائيلي لا يمكن اعتباره سلاما، بل ينبغي أن يُفهم على أنه إدارة استبدادية للصراع، وقد غيرت تلك الاتفاقيات مشهد المنطقة، ويؤدي إتباع مثل هذه السياسة إلى مستقبل غير مستدام".

وأردفت أن "اتفاقيات إبراهيم سهّلت قدرا أكبر أكبر من التنسيق الأمني بين الدول الموقعة عليها، وفي أحيان كثيرة، كان هذا بمثابة تعبير ملطف لزيادة التنسيق حول القمع، فمثلا وسعت الإمارات نطاق تعاملها مع الشركات الإسرائيلية المتخصصة في التقنيات القمعية".

"يمكن للأنظمة العربية قمع أي بقايا معارضة متبقية في المنطقة، ويمكن لإسرائيل تسهيل الاستثمار في صناعات هذه الدول الدفاعية والأمن السيبراني مقابل المساعدة في تقليص المساحات التي تنتقد دورها في المنطقة وقمعها المستمر للفلسطينيين"، كما أضافت دانا.

واستدركت: "لكن التطبيع مع إسرائيل ليس هو المحرك الوحيد لهذه الاتجاهات، ففي أعقاب الربيع العربي، ضبطت الأنظمة العربية جهودها للسيطرة على الفكر الحر والمعارضة وقمعهما، فمثلا كثف مجلس وزراء الداخلية العرب جهوده لتسليم المعارضين وتسهيل القمع العابر للحدود".

ومضت قائلة: "مع ذلك، فإن التطبيع العربي الإسرائيلي يؤدي إلى تفاقم هذه الديناميكيات (القمعية) وزيادة قدرات هذه الأنظمة من خلال تنويع مصادر دعمها (...) ولا شك أن استقرار هذه الأنظمة (العربية الحاكمة) يشكل في نظر شريحة كبيرة من المؤسسة الأمريكية هدفا رئيسيا يتفوق على اعتبارات المساءلة الديمقراطية أو حقوق الإنسان".

 

مجرد خيال

و"غالبا ما تتم صياغة الحجة الداعمة للتطبيع العربي الإسرائيلي من حيث "استقرار" المنطقة وتسهيل التنمية الاقتصادية لتعويض المصادر الأخرى للتدخل الدولي، وخاصة من قِبل روسيا والصين وإيران، لكن هذا مجرد خيال يباع لأولئك الذين لا يدركون الحقائق الإقليمية"، وفقا لدانا.

وقالت إنه "على الرغم مثلا من تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، واصلت الحكومة الإماراتية توسيع علاقاتها مع إيران، حيث استقبلت وزير الخارجية الإيراني مؤخرا لبحث تعميق العلاقات بين البلدين".

وتابعت: "وبالمثل، أعادت السعودية فتح سفارتها في طهران (بعد قطيعة استمرت 7 سنوات) واستضافت محادثات مماثلة مع كبار المسؤولين الإيرانيين، كما وسعت دول الخليج (العربية) علاقاتها مع الصين".

ولفتت إلى أن "الإمارات أعلنت عن أول مناوراتها المشتركة مع الجيش الصيني في أغسطس/آب الماضي، فيما استضافت السعودية أول قمة بين الصين والدول العربية في ديسمبر/كانون الأول الماضي".

و"أخيرا، بدأت المنطقة برمتها في إعادة تأسيس العلاقات مع نظام (بشار) الأسد في سوريا، وتطبيع تدخل روسيا ودورها في الشرق الأوسط في المستقبل المنظور، ورفضت إسرائيل نفسها تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا (في مواجهة حرب روسية)، والتزمت الصمت إلى حد كبير في مواجهة العدوان الروسي، على الرغم من حث الولايات المتحدة لها على القيام بخلاف ذلك"، كما أردفت دانا.

* ترجمة وتحرير الخليج الجديد


04/09/2023