×

  مام جلال ... حقائق و مواقف

  مام جلال وشركاء الوطن:النضال الموحد من أجل تأسيس عراق جديد



نص كلمة سماحة السيد عمار الحكيم خلال الحفل التأبيني بالذكرى السادسة لرحيل رئيس الجمهورية الأسبق مام جلال طالباني

بغداد 03-10-2023

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الميامين

الإخوة والأخوات الحضور ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

-نجدد التبريك بذكرى المولد النبوي الشريف ونسأله سبحانه السير على نهج رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) والتأسي بأخلاقه وسلوكه.

-نحتفي اليوم معا بذكرى رحيل المناضل الكردي والقائد الوطني والرئيس العراقي الأسبق مام جلال طالباني (رحمه الله) تزامناً مع اليوم الوطني العراقي ، وهنا يكون الحديث عن رجل تمكن بذكائه وفطنته السياسية والاجتماعية و وعيه العالي من الجمع بين ثنائية الدفاع عن (المكون و الوطن) معاً دون تناقض أو تعارض.

-فقد كان مام جلال رجلاً صلباً مناضلاً ومعارضاً لكل الظلمات التي طالت الشعب الكردي العزيز ولم يتخل عن قضيته الحقة في انقاذ بني جلدته من سطوة الجلادين وإرادة الطغاة الذين اعتمدوا التعصب والتعنصر لإبادة مكون أصيل من مكونات المجتمع العراقي وضرب وجوده وتهميشه ، وقد دافع وناضل مام جلال أمام كل تلك المحاولات الظلامية برفقة ثلة ثابتة من المناضلين والمعارضين الكرد الى جانب شركاء الوطن والمصير من المكونات العراقية الأخرى من القادة و المجاهدين الوطنيين، ليرسموا معاً صورةً كبيرةً عن النضال العراقي الموحد من أجل الهدف الأسمى لتأسيس عراق جديد ، تؤطره الوحدة والمواطنة والقانون والعيش المشترك.

-إن القادة العظماء هم الذين يتمكنون بإخلاص و مثابرة من تحقيق الأهداف النبيلة والمقاصد الخيرة ، بجمع الشتات وتوحيد الطاقات واقناع الجميع ، لا اخضاعهم ، وتوحيد الأهداف لا تقزيمها ، وتوزيع الأدوار لا احتكارها ، إيماناً منهم بأن وجودهم مرتبط بوجود الشريك الآخر ونجاحهم بنجاحه ، وأن يد الله تحمي و تسدد الخيرين المتراصين الموحدين.

-وقد كانت علاقة مام جلال وإخوتنا الكرد بأسرتنا (آل الحكيم) عميقة تاريخية ومشهودة ، ونحن نعتز كل الاعتزاز بهذا التاريخ الناصع الذي امتزجت فيه دماء شهدائنا وتوحدت فيه جهود قادتنا و تراصت فيه صفوف أبنائنا لتأسيس نظام جديد يكون الجميع فيه مواطنا من الدرجة الأولى بحقوق و واجبات متساوية و ظروف وامكانيات موحدة.

-إن شهداءنا الأبرار من المكون الاجتماعي الأكبر سواء من استشهدوا في المعارضة أو بعد عام ٢٠٠٣ ، قد شاطروا شركاءهم الكرد وفي مقدمتهم مام جلال طالباني والزعماء في المكونات العراقية الكريمة ، الرأي و النوايا في ضرورة بناء عراق جديد سمته الحرية والعدالة والسلام ، وهو الأمر الذي يجب التمسك به وعدم التراجع عنه ، فالأمة العراقية الواحدة بكل عناوينها وتنوعاتها الكريمة تكون أقوى و أكثر استقرارا وازدهارا على هذا الأساس.

-إن المسير و المصير ، الماضي والحاضر والمستقبل ، الوجود والنمو و التقدم و الحياة الكريمة ، والعزة والرفعة كلها مرتبطة بوحدتنا وتماسكنا ونضوج تجربتنا الديمقراطية وقدرتنا على حل الأزمات السابقة أو الطارئة في إطار القانون و الحوار البناء والآفاق المستقبلية للعراق.

-إننا وبعد مرور عقدين من الزمن وفي ظل الاستقرار الأمني الحاصل و الإرادة الحكومية الجادة في تقديم الخدمات و المضي نحو مزيد من النجاحات و الإنجازات ، يتوجب علينا أن نتكاتف جميعا ، شعباً وحكومة ، بكل مكوناتنا ، أحزاباً ومنظمات وفعاليات اجتماعية ، للحفاظ على هذا الاستقرار والعمل على تنمية البلاد في مختلف القطاعات ومواكبة النجاحات ومراكمتها.

-فالمناكفات والتقاطعات لن تبني الأوطان ، واليد الواحدة لا تفلح في إنجاز الطموحات العالية والاستحقاقات الوطنية الكبرى ، ولزاماً علينا جميعاً أن نعي بأن العراق يمثل الخيمة الجامعة التي نستظل وننعم بها دون تمييز.

فالأزمات والتحديات التي مرت بنا ، تحتم تعزيز الرؤية الصائبة والخبرة المتراكمة..

وهي ما جعلتنا أقوى مما كنا عليه..

وجـعلتنا أكـثر تـمسكا بـخيار الـدولـة الـقويـة.. الـدولـة الـراعـية.. والـمسؤولـة عـن أهـداف ومـصالـح الـوطـن والمواطن.

وهنا اسمحوا لي أن أذكر نفسي أولاً.. وإخوتي في المسؤولية الوطنية بأبرز ما يجب التركيز عليه في الواقت الراهن :

 

أولا/

إنـنا الـيوم نـملك طـاقـة شـبابـية كـبيرة فـي مـجتمعنا.. وبحسـب احـصائـيات وزارة التخـطيط فـإن الـعراق وصـل إلـى مـرحـلة مـا يـسمى بـ (الهـبة الـديـموغـرافـية) "وهي الـمرحـلة الـتي يـبلغ فـيها المجتمع ذروته فـي حجم السكان ممن هم في سن العمل ،مقابل أدنى نسبة للسكان المعالين من الأطفال والمسنين".

وهـذه الـطاقـة الـكبيرة والـمتوقـدة فـي أحـلامـها وطـموحـها.. إن لـم نـوفـق فـي تـوجـيه دفـتها نـحو الـمسار الـصحيح.. ستتحول إلى فعل غاضب يدمر هذه الفرصة الوطنية المواتية..

كـما يـجب عـلينا مساندة الـحكومـة فـي مـواجـهة هـذا التحـدي الـكبير.. وأن نـعمل معاً نـحو صـناعـة وتـنفيذ الحـلول الـناجـعة.. مـن خـلال دورنـا السـياسـي والتشـريـعي والـرقـابـي فـي مجـلس الـنواب..

ومن خلال الدور المرتقب في مجالس المحافظات التي تقع عليها المسؤولية الأكبر.

فالتحدي يجب تفكيكه أولاً ، وعدم النظر إليه بنظرة أحادية أو جزئية..

يـجب النظر لـمشكلة بـطالـة الشـباب وكـيفية تـوفـير فـرص الـعمل بـعين كـل مـحافـظة عـلى حـدة.. كـي نـتمكن مـن المعالجة الحقيقية وتعميم تجاربها الناجحة.

نـعم .. هـناك آلـيات يـجب تـنفيذهـا عـلى مسـتوى الـحكومـة الإتـحاديـة أولاً.. لكنها لا تقل أهـمية عن الـدور المحـلي المؤثر فـي مـعالـجة هذه التحديات ومواجهتها.

إن أي برنامج سياسي أو إنتخابي لا يتضمن كيفية توفير فرص العمل.. هو برنامج خارج عن الخدمة الواقعية..

وسيكون برنامج شعارات وأقوال فحسب..

لابد أن تتضمن برامجنا السياسية والإنتخابية آليات واضحة وعملية لمواجهة هذا التحدي..

-فالإشارة إلى وجود المشكلة ليس حلاً كافياً ، وإنما آليات المعالجة وأسقف التنفيذ هي الحل الوحيد والصائب..

ونقترح على مجلس الوزراء أن يخصص في اجتماعه الدوري فقرة ثابتة تعني بآليات توفير فرص العمل المطلوبة.

-يجب إصدار القوانين الكفيلة بتهيئة الأرضية المناسبة لتوفير فرص العمل..

-القروض المالية وحدها لا تكفي إن لم تكن معها أرضية مناسبة لإنجاح المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

-وفي هذا الصدد يأتي السؤال :هل ألزمنا مؤسسات الدولة بالتعامل مع الشركات الناشئة التي يملكها الشباب...؟

-وهل ألزمنا مؤسسات الدولة بالتعامل مع المنتج الوطني والمصانع الصغيرة التي يملكها الشباب..؟

-هل فرضنا على الشركات الكبيرة والمؤسسات العاملة في العراق أن توظف الطاقات العراقية المطلوبة..؟

-هل أعددنا خططا إستراتيجية في توجيه التعليم الجامعي وفق متطلبات سوق العمل المطلوبة..؟

كـل هـذه وغـيرهـا مـن الآلـيات الـناجـعة يـجب أن تـكون ضـمن أولـويـة الـحكومـة وبرامجها الـعملية.. كـي نتمكن من مواجهة هذا التحدي السكاني وتحويله إلى فرصة حقيقية مثمرة.

 

ثانيا:

 العراق بلد زراعي قبل أن يكون بلداً منتجا للنفط .. وهـذه الحقيقة مرتبطة بـتاريـخ العراق وتسميته ببلاد النهرين وأرض السواد ، لأنه بـلد أنعم الله عليه بأرض خصبة ومـياه وفـيرة وسـكانـه يـمتهنون الـزراعـة مـنذ آلاف السنين.

نعم .. نواجه تحدياً كبيراً في انخفاض مناسيب مياه دجلة والفرات.. لكن لدينا مياهاً جوفية كبيرة لم تسُتثمر بعد..

نـعم .. هـناك توقع ايجابي كـبير مـن قـبل دول المنبع .. لكننا أيضا نملك الـكثير مـن أوراق الـتفاوض السـياسـية التي تجعل العراق في موقف قوي في التفاوض الدولي.

وعودة العراق إلى مكانته الزراعية يجب أن تكون الهدف الأول لمسارنا الحكومي والخدمي..

وكل ما يرتبط بهذا الهدف يجب أن يحظى بالأولوية في التشريع والتنفيذ..

ومـواجـهة التصحـر وأزمـة الـمناخ يـجب أن تـكون مـن أهـدف إعـادة الـعراق إلـى مـكانـته الـزراعـية المعهودة.

بلد كبير كالعراق في عدد سكانه ومساحته لابد أن يكون توفير الغذاء ذاتياً من أولى أولياته..

ولابد من إيقاف دوامة الاستهلاك الأجنبي المدمر لعملة البلد واقتصاده.

فـأزمـة الـغذاء.. وتـوفـير فـرص الـعمل.. مـن أكـبر التحـديـات الـتي تـواجـهها الـدول.. والـعراق في مقدمة الـدول الـتي يجب أن تواجه هذه التحديات بخطط استباقية و واقعية.

حما الله العراق وشعبه وشبابه من كل سوء..

والرحمة والخلود لشهدائه..

والرحمة والرضوان للرئيس مام جلال في ذكرى رحيله السادسة وللملا مصطفى البرزاني والشهيدين الصدرين وشهيد المحراب الخالد آية الله السيد محمد باقر الحكيم (قدس سرهم) والشهداء الأبرار من قواتنا المسلحة وحشدنا الشعبي والبيشمركة.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 


05/10/2023