×

  قضايا كردستانية

  مرتكزات العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية



*محمد حسن الساعدي

منذ عام 2003 لم تكن العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية على أفضل أحوالها، وعلى الرغم من الموقف الموحد للكرد والعرب وتحديداً الشيعة تجاه الوقوف بوجه النظام السابق، ووقوفهم بخندق واحد ضد الظلم الصدامي، إلا أن جسور الثقة لم تكن متينة بين الطرفين، وهذا ما انعكس فعلاً بعد عام 2005 على تشكيل الحكومة الأولى في العراق. لذلك فإن أي حديث عن العلاقة بين إقليم كردستان وبين الحكومة الاتحادية هو حديث ذو شجون وفيه الكثير من الآلام والتساؤلات التي لم تستطع أي حكومة حكمت البلاد بعد سقوط النظام السابق أن ترسم معالم علاقاته، أو ترسم ملامح وآفاق التعاون بينهما.

الأزمات التي عصفت بالعلاقة بين الإقليم والمركز كثيرة، وعلى طول التاريخ.

ومنذ تمكنهم من الحكم الذاتي إبان حكم النظام السابق، وهم يرفعون راية القومية ويتمترسون خلفها لشعورهم أنها الخلاص من ظلم الطاغية، حالهم حال العرب الشيعة الذين هم الآخرون كانت هويتهم سببا في تعرضهم للقمع والظلم المفرط.

في دراسة واستطلاع أجرته بعض المراكز البحثية أكدت أن الوضع الداخلي لإقليم كردستان تغير عما كان عليه سابقاً، حيث تؤكد الاستطلاعات أن هناك اختلافاً في التوجهات بين حكومة السليمانية وبين أربيل، وأن الكرد في الأولى أكثر حريةً من الثانية، حيث يستطيع كرد السليمانية التعاطي الإيجابي مع الحكومات المحلية فيها، وأصبحت لدى القوى السياسية فيها رغبة حقيقية في تقرير مصيرها والانفصال عن أربيل بنسبة 70 في المئة، وأشارت إلى صعوبة عودة العلاقة بين أربيل والسليمانية والحكم الموحد كونه بات منتهياً مع تسلط أربيل على القرار الكردي عموماً.

الأحزاب السياسية في السليمانية وتحديداً الاتحاد الوطني الكردستاني باتت أقرب إلى بغداد من أربيل.

وسيكون على أربيل بذل المزيد من الجهود تجاه هذا الابتعاد، خصوصاً وأنها فقدت السند المؤثر في داخل الإقليم، بالإضافة إلى كونه المؤثر في العلاقة مع بغداد.

بالمقابل على الإطار التنسيقي أن يكون وعاء احتواء للمختلفين معه، سواء الأحزاب الكردية التي تريد المناورة من أجل كسب الوقت أو تلك التي تريد تحصيل قيمة أكبر مما تسميه استحقاقها كإقليم.

وكل هذا يمثل تحدياً للحكومة الاتحادية وقبلها الدستور الذي ينظم العلاقة بين جميع الأطراف ويجب العودة إليه عند الاختلاف والخلاف، على ألا يؤول هذا الطرف أو ذاك الدستور وفق رغباته وأهدافه، وأن تبقى المحكمة الاتحادية هي المخول الوحيد لتفسير وتوضيح المختلف عليه من بنود.

رغبة القيادات الكردية في أن تخرج من بوتقة الدولة العراقية، وأن تتعامل معها حكومة محمد شياع السوداني دولة ضد دولة جعلها تتغول كثيراً في مطالبها واللعب على ملف النفط والاقتصاد والمنافذ الحدودية، والتي أصبحت أهم منفذ لنهب الأموال وضرب اقتصاد العراق من الداخل.

 وهذا ما لمسناه في عدم تسليم واردات النفط إلى وزارة النفط العراقية، والتي هي المخول الرئيسي أمام العالم في التصدير والتعامل مع الشركات النفطية العالمية، وإن مثل هذا الإجراء غير القانوني كشفت عنه المحكمة الاتحادية وأبلغت الحكومة الاتحادية بعدم قانونية تسليم الأموال بهذه الطريقة، فهي غير قانونية وليس لها أي غطاء دستوري.

أعتقد أنه على الإخوة الكرد ألا يعولوا كثيرا على الدعم الدولي وأن يعوا تماما أن الحل داخلي، وعليهم مد جسور الثقة مع الحكومة الاتحادية والتعامل بشفافية مع ملف تصدير النفط ووارداته، وأن تكون هناك أرقام حقيقية لهذه الواردات.

 بالإضافة إلى تسليم المركز أسماء جميع موظفي الإقليم وبصورة شفافة وحقيقية، وأن تلمس حكومة السوداني هذه الثقة والشفافية في تعامل الوفد الموجود في بغداد.

كما على الحكومة العراقية أن تكون على قدر المسؤولية تجاه المواطنين العراقيين في العراق كافة، من شماله إلى جنوبه، وألا تجعل من ملف الرواتب منطلقاً لمعاقبة حكومة الإقليم، بل أن تجعل الجانب الإنساني هو المؤثر، وأن يكون سقف الدستور والقانون هو الفيصل في حل أي إشكال قادم بين العراق وإقليمه.

*صحيفة"العرب"اللندنية


08/10/2023