الملفات الاقتصادية والطاقة تتصدر لقاءاته في موسكو
بدأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مباحثاته مع القادة الروس وفي مقدمتهم الرئيس فلاديمير بوتين، الذي كان قد أعلن الأسبوع الماضي أنه «ينتظر بفارغ الصبر» هذه الزيارة.
وأعلن المكتب الصحافي للكرملين أن بوتين،اجرى (الثلاثاء) محادثات في الكرملين مع رئيس الوزراء العراقي، حول الوضع في الشرق الأوسط، وكذلك سبل تطوير التعاون الروسي - العراقي.
وقال الكرملين في بيانه الصحافي حول هذه الزيارة إنه «ستتم دراسة قضايا تطوير التعاون الروسي - العراقي متعدد الأوجه، بالإضافة إلى المواضيع الحالية على جدول الأعمال الدولي، وفي المقام الأول الوضع في الشرق الأوسط، بشكل شامل».
يُذكر أن موسكو أعربت عن التزامها دعم مشروع طريق التنمية، وهو نظام من الطرق والسكك الحديدية والبنية التحتية للطاقة التي ستربط موانئ الشرق الأوسط بتركيا، ومن هناك إلى أوروبا.
وجرى، خلال اللقاء بين السوداني وبوتين، عقد اجتماع موسع ضم الوفد الرسمي العراقي والجانب الروسي، تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، وآليات تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات الحيوية، وفي مقدمتها ملف الطاقة، وتطوير قطاع الصناعات النفطية، وكذلك مناقشة تواجد الشركات النفطية الروسية في العراق، الذي يشهد حركة كبيرة في مجال الاستثمار، ضمن رؤية الحكومة وستراتيجيتها في النهوض بالاقتصاد العراقي وتنويع موارده.
المشاركة في أعمال منتدى اسبوع الطاقة الروسي
وشارك رئيس مجلس الوزراء العراقي يوم الأربعاء، بأعمال منتدى أسبوع الطاقة الروسي/ REW، بدورته السادسة المنعقدة بالعاصمة الروسية موسكو، التي يزورها حالياً بدعوة رسمية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.وتأتي مشاركة السوداني في أعمال المؤتمر، من أجل توسعة آفاق التعاون والشراكة في مجال الطاقة، وتطوير مجالات استثمار الغاز العراقي، وفق ما تبناه البرنامج الحكومي بخصوص هذا القطاع، بالإضافة إلى استقطاب الشركات الراغبة بالاستثمار في العراق وإدخال التكنولوجيا المتقدّمة، فضلاً عن تعزيز مسارات تنمية الطاقات البديلة والمتجددة.
السوداني أشار خلال مشاركته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأعمال المنتدى ، إلى أن "التصدير توقف اثر قرار هيئة التحكيم الدولية في باريس وايضاً بسبب الآثار التي رافقت الزلزال على الجانب التركي (من الانبوب) الذي خضع للفحص والكشوفات"، مستطرداً أن العراق تلقى مؤخراً "إشعاراً من الأصدقاء في تركيا بأن الخط جاهز لاستئناف التصدير".
وأدلى السوداني بكلمة خلال المنتدى، في ما يلي أبرز ما جاء فيها:
التعاون في مجال الطاقة، في مواجهة تحديات الكهرباء وصناعات النفط والبتروكيماوياتِ والغاز، هي خطواتٌ ستوفّر التقدّم، وتسندنا في مواجهة تصاعد الطلب على الطاقة.
يسعى العراق إلى تنويع مصادر الطاقة، وعدم اعتماد اقتصاده على النفط فقط.
وضعت حكومتُنا نُصب أعينها التحوّل العالميَّ بالطاقة، والمتمثلة بمشاريع خفض الكاربون، ومشاريع كفاءةِ الطاقة.
مع وجود التزامات لتقليل الانبعاثات الكاربونية إلى غاية سنة 2045، باشرنا بإطلاق مشاريع خفض الكاربون بتمويل من سندات الكاربون لمشاريع الغاز في حقل شرق بغداد.
يمكن للبلدان تحسين كفاءة الطاقة؛ فقيود المناخ هي لمكافحة الآثار المناخية للوقود الأحفوري، وليس الوقود نفسه، من أجل أنْ يبقى النفط منافساً من حيث البصمة الكاربونية.
قطع العراق شوطاً في مجالات الطاقةِ المتجددة، عبر إضافة سعات توليد شمسية تُقدر بثلاثة آلافِ ميكاواط.
وضعنا هدفاً لتغطية ثلث الحاجة المحلية للكهرباء عبر استثمار المصادر المتجددةِ بحلول عام 2030.
مستمرون في ترقية تقنيات استخراج الوقود الأحفوري، ومراعاة الجوانبِ البيئية في هذا المجال.
حكومتنا ماضية في الاستثمار الأمثلِ للغاز، في ظلِّ تنامٍ عالميّ في الطلب على الغاز، الذي يتجاوز المعروض بكثير.
الأنظمة المتعاقبة على العراق، ومنذُ اكتشاف النفط، لمْ تستثمر الغاز ولجأتْ إلى حرقه، ما تسبب بهدر هذه الثروة وتلوث البيئة.
تضاعفت المشكلة مع ضياع الفرص، وتنامي الحاجة للطاقة الكهربائية، واضطرار العراق إلى استيرادِ الغاز.
استثمار الغاز عبر جولتيّ التراخيص الخامسة والسادسة، سيصنع الفرصة للعمل والتعاون مع الشركاء العالميين، وسيؤدي إلى المزيد من التكامل.
نؤكد قدرة العراق واستحقاقه، لما يمتلكهُ من موارد وإمكانيات تؤسسُ لأرضية رصينةٍ للشراكة.
اخترنا مقاربةً تواجه التحدّيات، وتجمعُ المُتباعدين، إلى جانب تنويع مصادر الطاقة وطرق النقل، من أجل تقليل المخاطر، وتحقيق تعاون اقتصادي وترسيخ الأمن.
وضعنا مشروع طريق التنمية، موضع التنفيذ، ومضينا بمشاريعه، وهو يحملُ حزمةً من الأهداف الاقتصادية الإيجابية على المديات المتوسطةِ والطويلة.
نسعى إلى إيجاد ترابط عمليّ ممكنٍ وواعد، بين دول المنطقة والعالم، من خِلالِ مشروعِ طريقِ التنمية.
إننا بأمسِّ الحاجة إلى التنسيق المشترك، ومنع التنافسِ السلبي، من أجل تحقيق التوازن في سوق الطاقة.
يشكِل البعض على آلية التنسيق المعتمدة في (أوبك +)، لكننا نؤكد على ضرورة التوازن بين العرض والطلب، ومنع الانهيارات الاقتصادية، وتبعاتها السياسيةِ والاجتماعية.
إنَّ آليات التنسيق هذه لا تستهدف أسعار النفط فقط، بل تدعم استقرار السوق عالمياً، بضمان مصلحة المنتج والمستهلك والمستثمر، على حدٍ سواء.
وضعت حكومتنا في سُلّم أولوياتها الإصلاح الاقتصاديَّ وتنويع الاقتصاد، عبر المشاريع المتكاملةِ للطاقة والصناعة والبتروكيماويات والأسمدة والخدماتِ المجتمعية.
وضعنا مخططاً يضمُّ 11 حقلاً لتكونَ باكورةَ الانطلاقِ نحو هذه المشاريع.
ندعو الشركات العالمية المختصة لاستثمار هذه الفرصِ الواعدةِ في ظلِّ التزامٍ حكوميّ بتهيئة وتحسين بيئة العمل أمام القطاع الخاص المحليّ والأجنبي.
نحن بحاجةٍ إلى تنسيق جهودنا ورصد موازناتٍ وضخِّ استثماراتٍ مشتركة وكبيرة في التقنياتِ الحديثة والبنية التحتية اللازمة لتطوير تقنياتِ الاستخراج والتكرير.
دبلوماسية السوداني «المنتجة»
وعلى الرغم من ارتباط بغداد وموسكو بعلاقات تاريخية تعود إلى أكثر من نصف قرن فإن السوداني أطلق بعد وصوله إلى السلطة مصطلحاً جديداً في إطار النهج الخارجي لحكومته سماه «الدبلوماسية المنتجة».
وبينما يتطلع السوداني إلى زيارة الولايات المتحدة الأميركية نهاية العالم الحالي تلبيةً لدعوة تلقاها من الرئيس جو بايدن مؤخراً، فإنه كان قد زار كلاً من فرنسا وألمانيا ووقّع عقوداً مع كبريات الشركات الألمانية والفرنسية في مجالات الطاقة والاستثمار.
وفيما تبدو العلاقات بين بغداد وواشنطن منذ احتلال الولايات المتحدة للعراق، عام 2003 وإلى اليوم، محكومة بمواقف متباينة بين القوى السياسية العراقية، لا سيما المقربة من إيران، فإن العلاقات بين العراق وروسيا بقيت مستمرة بنفس الوتيرة التي كانت عليها أيام الأنظمة العراقية السابقة التي لطالما ارتبطت بعلاقات قوية مع الاتحاد السوفياتي السابق وفي مقدمتها العلاقات التسليحية. لكنّ السوداني، وطبقاً لنهجه في مجال «الدبلوماسية المنتجة»، يتطلع لبناء علاقات على مستوى آخر في مجالات النفط والطاقة والاستثمار، حيث يعمل داخل العراق الكثير من الشركات الروسية المهمة في مثل هذه المجالات.