*المرصد /فريق الرصد والمتابعة
أعلن الكرملين اعتقال 11 شخصا، بينهم المنفذون الأربعة المتورطون بشكل مباشر في الهجوم على حفل لموسيقى الروك في قاعة "كروكس سيتي" للحفلات الموسيقية قرب موسكو وقال إن جهاز الأمن الفدرالي يعمل على تحديد الجهة المتواطئة مع الذين ارتكبوا الهجوم.
وقالت لجنة التحقيقات الروسية يوم السبت نقلا عن بيانات أولية إن ما لا يقل عن 135 قتلوا في الهجوم، ونبهت إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع. وأشارت اللجنة إلى أن المشتبه بهم اعتقلوا في منطقة بريانسك الروسية قرب الحدود الأوكرانية.
وقال جهاز الأمن الروسي إن المشتبه بهم في الهجوم خططوا لعبور الحدود وكانوا على تواصل مع أشخاص على الجانب الأوكراني.
وكان تنظيم الدولة أعلن مسؤوليته عن الهجوم، وقال في بيان نشره على تليغرام إن مقاتليه "هاجموا تجمعا كبيرا في ضواحي العاصمة الروسية موسكو"، وأضاف أن المقاتلين "انسحبوا إلى قواعدهم بسلام".
وقالت السلطات الروسية إن مسلحين أطلقوا النار خلال حفل لموسيقى الروك في قاعة "كروكس سيتي" للحفلات الموسيقية قرب موسكو وأشعلوا حريقا في القاعة.
ودخل المهاجمون المبنى وهم يرتدون زيا مموها، وفتحوا النار وألقوا قنبلة يدوية أو قنبلة حارقة، وفق ما أفاد صحفي في وكالة ريا نوفوستي للأنباء في مكان الواقعة.وذكرت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أن الحريق -الذي اندلع في قاعة الحفلات- امتد إلى مساحة 12 ألفا و900 متر مربع.
وقال مسؤول أامريكي لوكالة "رويترز" إن الولايات المتحدة لديها معلومات استخباراتية تؤكد إعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عن هجوم بالرصاص استهدف حفلاً موسيقياً قرب موسكو يوم الجمعة وأسفر عن سقوط ما لا يقل عن 125 قتيلاً.
فماذا نعرف عن الفرع الأفغاني للتنظيم المعروف باسم "داعش - ولاية خراسان" ودوافعه لمهاجمة روسيا؟
"داعش – ولاية خراسان"
ظهر تنظيم "داعش – ولاية خراسان" في شرق أفغانستان أواخر 2014 وسرعان ما ذاع صيته بسبب وحشيته الشديدة، واستمد اسم خراسان من كلمة قديمة أطلقت على منطقة شملت أجزاء من إيران وتركمانستان وأفغانستان.
وشهد عدد أعضاء التنظيم، وهو أحد أكثر التنظيمات الإقليمية التابعة لـ"داعش" نشاطاً، انخفاضاً منذ تسجيله أعلى مستوياته في 2018 تقريباً. وألحقت حركة "طالبان" والقوات الأامريكية خسائر فادحة بالتنظيم.
وقالت الولايات المتحدة إن قدرتها على زيادة النشاط الاستخباراتي ضد الجماعات المتطرفة في أفغانستان مثل "داعش – ولاية خراسان" تراجعت منذ انسحاب القوات الأامريكية من البلاد في 2021.
لدى "داعش – ولاية خراسان" تاريخ من الهجمات، منها هجمات استهدفت مساجد داخل أفغانستان وخارجها.
وفي وقت سابق من العام الحالي، اعترضت الولايات المتحدة اتصالات تؤكد أن التنظيم نفذ تفجيرين في إيران أسفرا عن مقتل قرابة 100 شخص.
وفي سبتمبر (أيلول) 2022، أعلن مسلحو التنظيم مسؤوليتهم عن تفجير انتحاري تسبب في سقوط قتلى بالسفارة الروسية في كابول.
وكان التنظيم مسؤولاً عن هجوم على مطار كابول الدولي في 2021 أدى إلى مقتل 13 جندياً أامريكياً وعشرات المدنيين خلال عملية الإجلاء الأامريكية الفوضوية من أفغانستان.
وفي وقت سابق من مارس (آذار) الجاري، قال أكبر جنرال أامريكي في الشرق الأوسط إن "داعش – ولاية خراسان" يمكن أن يهاجم مصالح أامريكية وغربية خارج أفغانستان "خلال أقل من ستة أشهر ومن دون سابق إنذار".
لماذا يهاجمون روسيا؟
على رغم أن الهجوم الذي نفذه "داعش – ولاية خراسان" في روسيا أمس يمثل تصعيداً كبيراً، فإن خبراء قالوا إن التنظيم عارض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السنوات القليلة الماضية.
وقال كولين كلارك من مركز "سوفان"، وهو مجموعة بحثية مقرها واشنطن، "ركز تنظيم (داعش – ولاية خراسان) اهتمامه على روسيا على مدى العامين الماضيين وتضمنت دعايته مراراً انتقاداً لبوتين".
وقال مايكل كوجلمان من مركز "ويلسون" الذي مقره واشنطن إن "داعش – ولاية خراسان"، "يرى أن روسيا متواطئة في أنشطة تضطهد المسلمين باستمرار". وأضاف أن التنظيم يضم أيضاً بين أعضائه عدداً من المسلحين القادمين من آسيا الوسطى الذين لديهم مظالمهم الخاصة حيال موسكو.
أوكرانيا تنفي تورطها
وفور إعلان الهجوم بدأت الشكوك تحوم حول علاقة أوكرانيا به، وبهذا الصدد أكد ديمتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الجمعة أن بلاده "ستقضي على" القادة الأوكرانيين إذا تبين أنهم مسؤولون عن الهجوم الدامي على قاعة للحفلات الموسيقية في ضواحي موسكو.
وقال ميدفيديف عبر تليغرام "إذا ثبت أنهم إرهابيون تابعون لنظام كييف يجب العثور عليهم جميعا والقضاء عليهم بلا رحمة باعتبارهم إرهابيين، بمن في ذلك قادة الدولة التي ارتكبت هذا العمل الفظيع".
من جهتها، سارعت أوكرانيا إلى إعلان أنه لا علاقة لها بالهجوم، وقال مستشار مكتب الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك في بيان عبر تطبيق تليغرام إن أوكرانيا "ليس لها أي علاقة" بالهجوم.
وأضاف بودولياك أن "هذه الأحداث تحمل علامات الإرهاب الذي تمارسه قيادة الدولة العدوانية (روسيا) ضد شعبها"، مؤكدا أن "أوكرانيا -عكس الاتحاد الروسي- لم تستخدم أبدا أساليب الحرب الإرهابية أو الإرهاب في حد ذاته".
بوتين معلنا الحداد: سينال منفذو الهجوم ومدبروه العقاب
الى ذلك أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحداد الوطني على ضحايا الهجوم الإرهابي على مركز "كروكوس" التجاري بضواحي موسكو الجمعة، مؤكدا أن جميع المتورطين فيه سينالون العقاب الحتمي.
وفي كلمة متلفزة إلى مواطني روسيا، ألقاها اليوم السبت، وصف بوتين ما حدث في "كروكوس" بأنه هجوم إرهابي دموي وهمجي، مشيرا إلى أنه أودى بحياة "العشرات من الأشخاص المسالمين والأبرياء".
وأعرب بوتين عن امتنانه لطواقم الإسعاف ورجال الإطفاء وعمال الإنقاذ الذين بذلوا قصارى جهدهم لإنقاذ الأرواح.
وقدم بوتين في كلمته أخلص تعازيه لذوي ضحايا هجوم "كروكوس"، وقال إن البلاد كلها والشعب كله يشارك مأساتهم، ووعد بتوفير كل الدعم المطلوب للعائلات المتضررة.
وأعلن الرئيس يوم الأحد 24 مارس يوم حداد وطني.
وأكد بوتين أنه "تم العثور على جميع الجناة الأربعة المنفذين المباشرين للهجوم الإرهابي، أولئك الذين أطلقوا النار وقتلوا الناس، وتم اعتقالهم"، مضيفا أنهم حاولوا الاختباء متجهين نحو أوكرانيا، حيث تشير المعطيات الأولية إلى أنه تم إعداد منفذ لهم من الجانب الأوكراني لعبور حدود الدولة".
وذكر بوتين أنه تم اعتقال ما مجموعه 11 شخصا، مضيفا أن الأجهزة الأمنية تعمل الآن على تحديد وكشف قاعدة المتواطئين مع الإرهابيين، من أولئك الذين زودوهم بوسائل النقل، وأعدوا طرق الهروب من مكان الجريمة، والمآوي المجهزة ومخابئ الأسلحة والذخيرة.
وأكد بوتين أن جميع منفذي هذه الجريمة ومنظميها ومدبريها سينالون العقاب العادل والحتمي، وقال: "سنحدد ونعاقب كل من يقف وراء الإرهابيين، من أعد هذا العمل الوحشي، هذا الهجوم على روسيا وعلى شعبنا".
وشدد الرئيس الروسي على أن "الإرهابيين والقتلة الذين لا قومية لهم ولا يمكن أن تكون، يواجهون مصيرا واحدا لا يحسدون عليه هو الجزاء والنسيان. ولا مستقبل لديهم".
وأضاف: "واجبنا المشترك الآن أن نكون معا في صف واحد، وأعتقد أن الأمر سيكون كذلك، لأنه لا يمكن لأحد ولا لشيء أن يهز وحدتنا وإرادتنا، وتصميمنا وشجاعتنا، وقوة شعب روسيا الموحد. لن يتمكن أحد من زرع بذور الشقاق والذعر السامة في مجتمعنا متعدد الأعراق".
وقال: "لقد مرت روسيا مرارا بأصعب المحن التي كانت لا تطاق أحيانا، لكنها خرجت منها أكثر قوة. وسيكون الأمر كذلك الآن أيضا".
إدانات دولية
وعلى الصعيد الدولي، أعربت الأمم المتحدة عن حزنها إزاء الهجوم، وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أمس الجمعة إنه سيتم إصدار بيان بشأن الحادثة، كما أدان مجلس الأمن الدولي أمس ما وصفه بأنه "هجوم إرهابي شنيع وجبان".
ووصفت إيطاليا هذا الهجوم بـ"العمل الإرهابي الشنيع"، في حين أعربت إسبانيا عن "صدمتها" وأكدت تضامنها مع الضحايا، كما أدانت تركيا الهجوم وقدمت تعازيها إلى روسيا شعبا وحكومة.
من جهتها، استنكرت الولايات المتحدة الحادثة، واعتبرت أنها "هجوم مسلح مروع"، أما فرنسا فأعلنت تعاطفها مع ضحايا الحادث "المروع"، وقالت إنه "ينبغي تسليط الضوء على هذه الأعمال الشنيعة".
كما قدم الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم السبت "تعازيه" إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد الهجوم، وأكد أن "الصين تعارض الإرهاب بكل أشكاله وتندد بشدة بالهجوم الإرهابي وتدعم بحزم جهود الحكومة الروسية للحفاظ على الأمن والاستقرار" في البلاد، وفق ما نقلت وكالة الصين الجديدة للأنباء.
وعلى الصعيد العربي، أدانت كل من العراق ومصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات والبحرين وفلسطين الهجوم، وأعربت عن تعازيها لحكومة وشعب روسيا، مع تأكيد رفضها التام واستنكارها كافة أشكال العنف والإرهاب.
كما أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان عبر منصة تليغرام فجر السبت الهجوم، وأعربت عن تضامنها الكامل مع روسيا وشعبها وعائلات الضحايا.