في وقت التزمت المحكمة الاتحادية العليا في العراق الصمت حيال قرار لمحكمة التمييز بشأن صلاحياتها، يتواصل الجدل في مختلف الأوساط السياسية والقضائية بهذا الشأن.
وفيما بدا أن القرارات التي سبق للمحكمة الاتحادية العليا أن اتخذتها بوصفها «قاطعة وباتة وملزمة لكافة السلطات»، فإنها لم تعد كذلك طبقاً لقرار الهيئة القضائية العليا في محكمة التمييز، إذ يفتح هذا الإجراء باباً للطعون بتلك القرارات ما يضع السلطة القضائية العراقية في دائرة الحرج فضلاً عن تقاطع الصلاحيات.
وفي مسعى منه لحل الخلاف بين أعلى سلطتين قضائيتين في العراق (المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التمييز)، استضاف رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان اجتماعاً مشتركاً ضم نواب رئيس محكمة التمييز ورئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية بحضور رئيس الإشراف القضائي.
وطبقاً لبيان السلطة القضائية فإن زيدان ناقش مع المجتمعين «اختصاص المحكمتين، واتفقوا على الالتزام بما نص عليه الدستور والقوانين النافذة التي حددت اختصاصات المحكمتين».
وشدد زيدان، بحسب البيان، على أنه «في حال التوجه للاجتهاد بما لم يرد به نص دستوري أو قانوني، يصار إلى عقد اجتماع مشترك للوصول إلى رأي متفق عليه».
وكان قرار محكمة التمييز الأسبوع الماضي بمثابة مفاجأة من الوزن الثقيل فتحت الباب لنقاشات جادة حول تشريع قانون خاص بالمحكمة الاتحادية، وآلية الرقابة عليها، وتعيين قضاتها، لتجنب تحولها إلى تهديد للوضع السياسي القائم منذ 2003 مثلما يرى العديد من السياسيين ورجال القانون.
وبينما أثبت هذا القرار أن هناك صراعاً صامتاً بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية، فإن محكمة التمييز بينت بالأدلة ما كان مسكوتاً عنه على صعيد القرارات التي كانت قد اتخذتها المحكمة الاتحادية العليا خصوصاً ضد الكرد والسنة وسط صمت شيعي كون أن المحكمة الاتحادية لم تكن تكتفي بتفسير مواد الدستور طبقاً للمادة 94 لكنها تعيد صياغة بعض النصوص لصالح ما تريد اتخاذه من قرارات وهو خارج صلاحياتها باعتبار البرلمان هو وحده السلطة التشريعية العليا في البلاد.
وفي الوقت الذي لم تظهر بعد تفاصيل ما دار في اللقاء الذي جمع الفريقين في مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى لكنه بدا بالنسبة لبعض المراقبين بمثابة عملية تسكين لا أكثر كون الخلاف بين الطرفين أساسياً ويتعلق بالسلطات الحصرية لكل طرف من هذه الأطراف. لكنه من جانب بدا محاولة لكبح جماح تغول بعض السلطات القضائية سواء على بعضها «بين الاتحادية والتمييز» أو على البرلمان والحكومة حيث سبق للمحكمة الاتحادية أن اتخذت قرارات عُدت باطلة لكنها كونها ملزمة فليس بوسع أحد الاعتراض عليها.
ويعد أبرز قرارين اتخذتهما المحكمة الاتحادية العليا وأثارا ضجة كبيرة هما قرارها القاضي بمنع وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري من الترشح إلى منصب رئيس الجمهورية في العام 2022 بعد انتخابات عام 2021 بتهمة التزوير، وقرارها الذي أنهى عضوية رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي العام الماضي بتهمة التزوير.