*د. رائد البلداوي
في السياق القانوني والسياسي المعقد للعراق، تبرز المحكمة الاتحادية العليا بوصفها حارساً للدستور، متحملة تحديات غير مسبوقة ناجمة عن الديناميكيات السياسية بين الحكومة المركزية والأقاليم، خاصة حكومة إقليم كردستان. تُظهِر تجربة حكومة الإقليم، التي سبق لها أن انتقدت قرارات المحكمة ثم لجأت إليها لطلب أمر ولائي، التعقيدات الكامنة في هذه العلاقة وتأثيرها على مصداقية وسلطة المحكمة.
السياق التاريخي
تاريخيًا، أظهرت حكومة إقليم كردستان حرصًا على حماية استقلاليتها، معتبرة بعض قرارات المحكمة الاتحادية العليا تدخلات في شؤون الإقليم الداخلية. وقد وجدت نفسها مضطرة للجوء إلى نفس المؤسسة لطلب إيقاف مؤقت لإجراءات انتخابية، مستندة إلى ادعاءات بمخالفات دستورية. هذه الخطوة تشير إلى تعقيد العلاقة بين الإقليم والمحكمة، حيث تُعد الأخيرة ضامنًا للشرعية القانونية والدستورية.
الولاية القضائية للمحكمة
بموجب المادة (93) من الدستور العراقي، تمتلك المحكمة الاتحادية العليا السلطة لتفسير الدستور والفصل في النزاعات المتعلقة بتطبيق القوانين والأنظمة الاتحادية. هذا يمنحها سلطة قضائية عليا للنظر في مدى دستورية القوانين الانتخابية، ما يعزز مبدأ سيادة القانون.
التحديات في تطبيق العدالة
في الدعوى الأخيرة التي قدمتها حكومة الإقليم، يُظهِر طلب إصدار الأمر الولائي لتعليق الإجراءات الانتخابية تغيرًا ملحوظًا في موقف الإقليم. هذا الطلب يعكس تطور الاعتماد على المحكمة لضمان نزاهة العمليات الانتخابية ويُعد بمثابة اختبار لاستقلالية المحكمة وقدرتها على حماية النظام الديمقراطي.
استجابة المحكمة وتأثيرها
استجابة المحكمة لهذا الطلب بإصدار أمر ولائي مؤقت يُعزز من دورها الحامي للحقوق والحريات الأساسية والضامن للنظام الديمقراطي. هذا الإجراء يؤكد على أهمية المحكمة في الحفاظ على استقرار النظام القانوني ويعزز الثقة في نزاهة العمليات الانتخابية.
الخاتمة
من خلال التعامل مع الطعون القانونية مثل الدعوى التي رفعتها حكومة إقليم كردستان، تظهر المحكمة الاتحادية العليا قدرتها على التنقل بين المياه السياسية المضطربة، مؤكدة على أهميتها كمؤسسة قضائية قوية تحمي النظام الديمقراطي وتحافظ على الحقوق والحريات في العراق. الاعتراف بسلطة المحكمة يعكس نضجًا سياسيًا وقانونيًا، مما يبشر بمزيد من التعاون والتقدم نحو استقرار أكبر.