رد العراق رسمياً ،على تصريحات مسيئة اطلقها نائب في الكونغرس الامريكي ،في محاولة للاساءة والمساس بالقضاء العراقي ،الذي يعد الضامن الاساسي للحقوق والحريات.
وانتقد برلمانيون وخبراء سياسيون وقانونيون، تحركاً في الكونغرس الأمريكي ضد القضاء العراقي، عادين إياه تدخلاً سافراً يستوجب رداً دبلوماسياً وقانونيا، وفيما جددوا مساندتهم للقضاء المعروف بنزاهته واستقلاله وحياديته، اعتبروا الموقف الذي عبر عنه النائب مايك والتز خرقا فاضحا للقانون الدولي.
رئيس مجلس النواب وكالة
وأدان رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي هذه الاتهامات.
ونقل بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب بالنيابة عن المندلاوي قوله-: أن "ما تناقلته وسائل إعلام أميركية بشأن التصريحات المسيئة لعضو الكونغرس الجمهوري (مايك والتز) ضد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، تدخلا سافرا في الشأن الداخلي العراقي، وسابقة خطيرة تضاف الى سجل أعمال حكومة بايدن التي ساندت وبشكل علني أبشع مذبحة جماعية اقترفتها العصابات الصهيونية بحق شعب غزة، واليوم تلوّح بالمساس بسيادة الدول ورموزها دون مسوغ قانوني يُبيح لها ذلك".
وطالب المندلاوي، "وزارةَ الخارجية بالتحرك عبر وسائلها الدبلوماسية وإيصال رسالة مباشرة برفض العراق بجميع سلطاته لمثل هكذا تدخلات وتصريحات مسيئة، صدرت من قبل عضو الكونغرس الأمريكي"، مؤكدًا أن "العراق بلد ذو سيادة، وعلاقاته مع جميع البلدان مبنية على أساس الاحترام المتبادل ".
وشدد على أن "مشروع القانون المزمع تقديمه للكونغرس من قبل النائب الجمهوري وفي حال إقراره سيشكل منعطفا خطيرا يؤثر بشكل أو بآخر في طبيعة العلاقات الثنائية بين البلدين".
وأكد المندلاوي "دعم مجلس النواب الكامل لرئيس السلطة القضائية، ورفضه المطلق لأية إساءة لسلطته ولجميع السلطات"، مشددا على "حرص رئاسة المجلس على متابعة مثل هذه التصريحات والاساءات واتخاذ كل ما يلزم لرفضها".
وزارة الخارجية
وأدانت وزارة الخارجية العراقية، موقف النائب مايك والتز.
وقالت الوزارة في بيان: إنها "تابعت تصريحات وتوجهات النائب في الكونغرس الأمريكي مايك والتز تجاه رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان".
وأكدت الوزارة رفضها التام لما جاء في هذه التصريحات من مساس بشخص رئيس مجلس القضاء القاضي فائق زيدان وبالحقوق الأساسية للدولة العراقية، والتي يمثل فيها القضاء الضامن الأساسي للحقوق والحريات.
و عدت الوزارة تلك التصريحات تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي العراقي، وأكدت، أن "محاولة التأثير على السلطة القضائية هو مساس بأهم مقومات كيان الدولة، والذي يقع على عاتقه تحقيق العدالة والمساواة واستقرار البلاد".
وعبرت وزارة الخارجية عن رفضها لمحاولات إقحام الكونغرس في هكذا قضايا، لكونها تشكل تدخلاً في سيادة الدول وأنظمتها القضائية.
فيما استنكر وزير التخطيط محمد علي تميم ، استهداف القضاء العراقي، من قبل احد اعضاء الكونغرس. ودان تميم في بيان (محاولة احد اعضاء الكونغرس النيل من مجلس القضاء الاعلى، من خلال تقديمه مشروع قانون بهذا الاتجاه)، مشدداً على إن (مجلس القضاء العراقي، يمثل ركيزة اساسية من ركائز الاستقرار وضمان العدالة في العراق، وهو رمز من رموز سيادة البلد، وان اي مساس به يمثل مساسا سافرا بهذه السيادة)، مؤكدا ان (الحكومة العراقية ستتخذ جميع الاجراءات القانونية والسياسية ، لايقاف مثل هذه التجاوزات على مجلس القضاء).
الإطار التنسيقي
بدوره، قال السياسي المقرب من قوى «الإطار» عزت الشابندر، تعليقاً على مشروع القرار الأميركي، في تدوينة عبر منصة «إكس»، إن «الاقتراح الأخير الذي قدّمه الجمهوريون في الكونغرس (لتصنيف القادة العراقيين) بصفتهم أدوات للنفوذ الإيراني في العراق، ويضع المؤسسة القضائية في المقدمة، مستهدفاً رئيسها بالاسم؛ هو إجراء مُدان، وتدخل سافر في الشأن الداخلي العراقي».ورجّح عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي، أن «يُسهم مشروع القانون في عزل العراق دولياً، كما أسهمت من قبل سياسات الرئيس الراحل صدام حسين».
وقال البياتي، في منشور على «إكس»، إن «تحرك (الكونغرس) الأميركي بتشريع قانون يفرض عقوبات على مجلس القضاء الأعلى ورئيسه خطوة خطيرة جداً، وتحتاج إلى جهود دبلوماسية سريعة، وليس تصريحات وبيانات من سياسيين بغرض المجاملة»، وتوقع «جهوداً عملية واضحة وجدية لعزل العراق دولياً».
ائتلاف دولة "القانون
من جانبه، اعتبر ائتلاف دولة "القانون" بزعامة نوري المالكي تصريحات السيناتور الأميركي "مساسا بجميع العراقيين"، وقال النائب عن الائتلاف عارف الحمامي، في تصريح صحافي مساء السبت: "المساس بالقضاء العراقي يعني المساسَ بكلِ العراقيين، وهذه سابقة خطيرة كونها استهدفت مجلس القضاء الذي نعتبره صمام أمان للدولة العراقية". وأضاف: "ندين ونستنكر هذا التجاوز الصارخ، وأن تصريحات كهذه أصبحت متكررة ويجب على القوى السياسية التعامل معها بحزم".
ديوان الوقف السني
كما أعلن ديوان الوقف السني، رفضه للتصريحات المسيئة لرئيس مجلس القضاء الأعلى.
وقال رئيس الديوان مشعان الخزرجي في بيان (تابعنا التصريحات المسيئة لرئيس مجلس القضاء الاعلى ، التي تعد محاولة للنيل من الرموز الوطنية في العراق، لتحقيق مآرب ومكاسب سياسية).وكان النائب عادل الركابي،قد رأى (موقف النائب الجمهوري في الكونغرس بحق القضاء العراقي غريب جدا). من جهته ، عد النائب حسين عرب في بيان أمس (هذه الدعوات هي محاولة للنيل من القضاء).
خرق فاضح للقانون الدولي
إلى ذلك، قال الخبير القانوني علي التميمي لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "العراق بلد ذو سيادة مستقلة وفقا لميثاق الأمم المتحدة بالمواد (1 و2 و3 و4) والمادة 18 من ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945 حيث أكد على استقلالية الدول وسيادتها وعدم جواز التدخل في شؤون الدول من أي دولة تجاه الدول الأخرى".
وتابع، أن "هذه المواد تعطي للدول الاستقلالية والحصانة الدبلوماسية من أي تدخل، أما هذا التدخل من الولايات المتحدة الامريكية يخالف ميثاق الأمم المتحدة ويخالف المواد التي تم ذكرها، وأيضا هنالك اتفاقية ثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية صدرت بعام 2008 سميت بالاتفاقية الإستراتيجية وتلزم في مادتها 27 الطرفين بمساعدة الطرف الآخر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ولذا فإن هذا التدخل يخالف الاتفاقية بشكل صريح وهذه الاتفاقية مودعة في الأمم المتحدة وبموجب المادة 102 من الميثاق ومخالفتها توجب على الأمم المتحدة مساءلة الولايات المتحدة الأمريكية عن هذا الخرق الفاضح للقانون الدولي ولهذه الاتفاقية".
وأشارت تقارير صحافية أميركية، إلى أن النائب مايك والتز (جمهوري عن ولاية فلوريدا)، عضو لجنتي القوات المسلحة والشؤون الخارجية في مجلس النواب، سيقدّم تعديلاً على «مشروع قانون الأصول الأجنبية». وتفيد التقارير بأن من شأن التعديل أن يطول رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إذ يُنظر إليه أنه من بين الشخصيات التي تعمل لخدمة المصالح الإيرانية في العراق.
وأفادت التقارير - من بينها صحيفة «بيكون فري» الأميركية - بأن الحكم، الذي أصدرته المحكمة الاتحادية في فبراير (شباط) 2022، وفسّرت بمقتضاه النصاب القانوني المطلوب لعدد أعضاء مجلس النواب الحاضرين خلال جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، منح قوى «الإطار التنسيقي» الخاسرة في الانتخابات تعطيل جلسة البرلمان، وبالتالي الالتفاف على نتائج الانتخابات، وإرغام الكتلة الصدرية الفائزة بأكبر عدد من المقاعد على الانسحاب من البرلمان، وإفساح المجال أمام قوى الإطاريين بتشكيل الحكومة.