×

  شؤون دولية

  التصعيد التركي في العراق مهرب مناسب لأردوغان من الهزيمة الانتخابية



حالة من الترقب القلق

أربيل (العراق)- يخشى سكّان عدد من مناطق شمال العراق أن يعجّل تعثّر حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات البلدية التي أجريت مؤخّرا في تركيا بإطلاق العملية العسكرية واسعة النطاق التي هدّد أردوغان بشنّها ضدّ مقاتلي حزب العمّال الكردستاني المتمركزين في تلك المناطق.

وتستند تلك الخشية إلى وجود سوابق لزعيم حزب العدالة والتنمية في تصدير المشاكل السياسية والاقتصادية الداخلية التي يُسأل عنها حزبه بشكل مباشر نحو الجوار السوري والعراقي لتركيا في شكل تصعيد عسكري ضدّ مواقع الفصائل والأحزاب الكردية المعارضة للنظام التركي في البلدين.

وجدّد الرئيس التركي الأسبوع الماضي عزم بلاده على مواصلة التصدي لـ”الإرهاب في سوريا والعراق” وقرن في ذلك بين حزب العمال وتنظيم داعش.

وقال خلال حضوره مائدة إفطار رمضانية “إنه لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل تركيا والمنطقة برمتها”، مضيفا قوله إنّ سلطات بلاده “تتابع عن كثب محاولات إعادة تمكين التنظيمات الإرهابية التي تلفظ أنفاسها الأخيرة”، وإنّ “قوات بلاده تخوض كفاحا فعالا وناجحا للغاية ضد كل تلك التنظيمات دون أي تمييز”.

وأصبح الموضوع الأمني لاسيما الحرب التركية ضد الفصائل الكردية في سوريا والعراق، محورا أساسيا في حديث أردوغان عن إنجازات حكومته، في ظلّ تعدّد عثراتها وخصوصا في المجال الاقتصادي والمالي بسبب عجزها عن كبح التذبذب الكبير في قيمة الليرة التركية، فضلا عن التراجع الملموس في جماهيرية حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة.

وخسر الحزب اثنين من أهمّ معاقله في تركيا بعد تمكّن حزب الشعب الجمهوري من السيطرة على مجلسي البلدية في إسطنبول وأنقرة.

كما وضعت الانتخابات البلدية الأخيرة حزب أردوغان في مواجهة مباشرة مع المعارضة الكردية عندما فاز حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للكرد بمنصب رئيس بلدية إقليم فان بجنوب شرق البلاد.

وحاول حزب أردوغان الاستيلاء على المنصب وإسناده لأحد أعضائه لكنّ المجلس الأعلى للانتخابات قرّر إعادته إلى الفائز في الانتخابات إثر مظاهرات جرت في عدة مدن تركية.

ويقول متابعون للشأن التركي إنّ مواقع تمركز مقاتلي حزب العمّال الكردستاني في العراق تشكّل الموضع الأبرز لأردوغان وحكومته لتفريغ شحنة الغضب من الكرد الذين ساهمت سياسات حزب العدالة والتنمية وتوجّهاته في إشعال العداء القومي التركي ضدّهم.

وباتت مناطق شمال العراق خلال السنوات الأخيرة بمثابة خاصرة رخوة للتدخلات العسكرية التركية في الأراضي العراقية، حيث وسّع الجيش التركي بشكل غير مسبوق من مسرح عملياته في تلك المناطق وأقام العديد من القواعد الثابتة فيها وربطها بشبكة من الطرقات تصلها جميعا بالأراضي التركية، وكل ذلك في ظل غض السلطات العراقية الطرف عن تلك التدخلات.

وشملت الاستعدادات التركية لما سمته وسائل إعلام “هجوم الربيع الكاسح” إجراء اتّصالات سياسية وأمنية مكثّفة مع الجانب العراقي حيث زار كلّ من وزير الدفاع التركي يشار أوغلو ورئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن العراق، بينما استقبلت أنقرة كلاّ من مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض في زيارتين متتاليتين.

وقطعت الحكومة العراقية خطوة نوعية باتّجاه تطوير التعاون والتنسيق الأمني مع تركيا بشأن ملف حزب العمّال الكردستاني وذلك بتصنيف الحزب من قبل مجلس الأمن القومي العراقي تنظيما محظورا في العراق.

ونظرت أنقرة بأهمية شديدة لموقف المجلس كونه يفتح الباب لانخراط فعلي من قبل العراق في حرب تركيا ضد الحزب داخل الأراضي العراقية، وذلك بعد أن فشلت جهود عسكرية تركية متواصلة منذ نحو أربعة عقود في اجتثاث مقاتليه من مناطق شمال العراق التي شكّلت بتضاريسها الوعرة معاقل حصينة لهم.

وليست العمليات العسكرية التركية في شمال العراق من دون تأثير على أمن السكان وطبيعة حياتهم في مناطقهم.

وأوقعت تلك العمليات الكثير من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين جرّاء لجوء الجيش التركي في مواجهته ضدّ مقاتلي حزب العمّال الكردستاني إلى القصف العشوائي بالطائرات والمسيّرات والمدفعية، كما ساهمت بشكل كبير في تعقيد حياة السكان في تلك المناطق ومنعهم من مزاولة الأنشطة الزراعية التي تقوم عليها حياتهم بشكل أساسي.

وقال أردوغان الذي يعتزم زيارة بغداد قريبا إنّ بلاده أوشكت على استكمال تأمين حدودها مع العراق. وأكّد على الاستمرار في “مكافحة الإرهاب بكل تصميم بغضّ النظر عن العقبات التي تعترض العملية سواء داخل تركيا أو خارجها”، مضيفا قوله “أوشكنا على إتمام الطوق الذي سيؤمّن حدودنا مع العراق، وخلال الصيف القادم سنكون قد قمنا بحل هذه المسألة بشكل دائم”.

كما أعلن أنّ لدى بلاده “تحضيرات ستجلب كوابيس جديدة لأولئك الذين يعتقدون أن بإمكانهم تركيع تركيا عبر إقامة كيان إرهابي على حدودها”.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية، الأحد، “تحييد” ستة عناصر من حزب العمال بشمال العراق. وقالت عبر حسابها في منصّة إكس إن “الجيش التركي رصد الإرهابيين الستة في منطقتي كارا ومتينا قبل أن يحيّدهم بغارات جوية”.

*تقرير لصحيفة"العرب"اللندنية


21/07/2024