×

  قضايا كردستانية

  هل يستيقظ البروتوس الكردي من غفوته؟



*ميلاد عفرين

 

لا شك أن من أبشع الطعنات وأقبح عمليات الاغتيال التي يوثقها التاريخ البشري، هي لحظة اغتيال القيصر يوليوس، كونها أتت من يد حاشيته الغدارة والبعض ممن كان يثق بهم يوماً.

في ذلك الاجتماع حين انهال الكل عليه بالطعنات، ظل قيصر واقفاً رغم كل الطعنات التي سكنت جسده، حتى رأى صديق عمره “بروتوس” فمشى يوليوس قيصر نحوه وهو متخبّط بدمائه وفي عينيه نظرة رجاء وارتياح معتقداً أن صديق عمره جاء لينقذه، فقام “بروتوس” هو الآخر بطعنه بكل برودة دم، هنا قال قيصر جملته الشهيرة: (حتى أنت يابروتوس)! إذاً فليَمُت قيصر.

في الحقيقة لم تكن كثرة الطعنات سبباً في موته، بل كانت طعنة بروتوس هي الطعنه القاتلة، فهو لم يطعنه في جسده وإنما في شخصه، في إرادته، في آماله وفي ثقته، هنا فقط، سقط قيصر راضياً بالسقوط، مُعلناً انهزامه الذي كان لا بُد منه.

للأسف هذا ما حدث للكرد مع بعض الذين “يعتبرون أنفسهم” كرداً، وظهر ذلك جلياً في التحركات الأخيرة للمحتل التركي

الذي خلق لنفسه بروتوساً كردياً، يدخل على أكتافه إلى أراضيه، منتهكاً حرماته، حرمة جيرانه، لكي يقتل كردياً آخر رفض أن يكون ذليلاً مُهاناً من قبل أحفاد طوران.

المفارقة بين “بروتوس” القيصر آنذاك والبروتوس الكردي، هي أن الثاني يتمدد ويطعن منذ تسعينات القرن الماضي إلى يومنا هذا، فلا أحد يستطيع نسيان جدائل “بريتان” التي كانت ضحية صفقة عام 1992 مع العثماني الجديد في جبال كردستان، وكيف كانت ترمي بنفسها من أعلى درف صخرة، رافضة أن تكون تحت مقصلة أعداء الآباء.

من هناك إلى شنكال، يسجل التاريخ مرة أخرى واحدة من أقسى الخيانات الكردية أثراً، فالجميع رأى بأم عينه كيف يتدحرج أحفاد “بروتوس” خانعي الرؤوس إلى العربات هرباً تاركين أبناء جلدتهم يذبحون بصمت، ليقوم أبناء الشمس مرة أخرى بتلبية النداء وانتشال الكرامة الكردية من أيدي أصدقاء بروتوس.

اليوم ومع استعار العدو، مرة أخرى يطل علينا بروتوس بثوبه وخنجره المدسوس بالدماء من جديد، باسطاً ذراعيه للفاشية في مشهدٍ لا يختلف اثنين على تسميته بمصطلح الخيانة العظمى التي لطالما سمعنا عنها في كتاب يوليوس قيصر مراراً وتم تطبيقه في أرضنا.

على ما يبدو أن التاريخ سيكون محظوظاً مرة أخرى، وهو يسطر في كراسته اسماً بروتوسياً جديداً، من زمان ومكان آخر غير الذي سطره في روما.

هنا الأمر متروك لك بأن تختار من ستكون، يوليوس الذي سقط حراً نبيلاً غير خانع لأعدائه، أم بروتوس الذي تُضرب به أمثال الخيانة في جل لغات العالم.

*PYDrojava


21/07/2024