أكد وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي أننا سنواصل دبلوماسية الجوار التي اتبعتها الحكومة السابقة وقال: نسعى لإدارة الصراع مع امريكا وليس لمعالجة الصراع والتوترات معها لانه لا جدوى من وراء ذلك بسبب ان الكثير من هذه التوترات ناجم عن سلسلة من الخلافات في الرؤى البنيوية معها.
وفي حوار مع التلفزيون الايراني مساء الجمعة قال عراقجي: إن توفير المصالح الوطنية والأمن القومي والعزة الوطنية هي المهام الرئيسية الثلاث لوزارة الخارجية، وجميع أنشطة وزارة الخارجية وسياستنا الخارجية تندرج تحت إحدى هذه المهام الثلاث.
وقال عراقجي موضحا المهمة الأولى: نسعى لتوفير المصالح الوطنية للبلاد، وهذه المصالح بالدرجة الأولى هي المصالح الاقتصادية، ولكننا نتصور أيضا مصالح أخرى إلى جانب الاقتصاد.
وتابع وزير الخارجية: مهمتنا الثانية هي تعزيز الأمن القومي للبلاد، وتعزيز الأمن القومي هو دعم قوة الردع للبلاد من خلال الدبلوماسية، والمهمة الثالثة هي ترسيخ عزة البلاد ومكانتها الدولية.
وفي شرحه لأولويات وزارة الخارجية، قال: الأولوية الأولى هي الجيران، فالمنطقة المحيطة بنا مليئة بالكثير من الفرص، في مجال المصالح الوطنية والأمن القومي، وان الحراك الذي بدأ في عهد إدارة الشهيد آية الله رئيسي سيستمر بقوة.
وفي شرحه للأولويتين الثانية والثالثة، قال وزير الخارجية: الأولوية الثانية هي توسيع مجال الدبلوماسية ليشمل أفريقيا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا وغيرها من المناطق التي ربما حظيت باهتمام أقل. هناك العديد من الفرص في هذه المجالات التي يمكن استغلالها بالنسبة لنا. الأولوية الثالثة هي الدول التي كانت مع الجمهورية الإسلامية خلال الأوقات الصعبة وساعدتنا في مجال مواجهة العقوبات، واليوم لدينا علاقات مميزة للغاية معها، وسنعززها ونواصلها بقوة أكبر.
وقال: الأولوية التالية هي القوى الناشئة التي تلعب دورا على الساحة الدولية، دول مثل الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل وإلى حد ما تركيا وغيرها من الدول المعروفة بالاقتصادات الناشئة أو القوى الناشئة.
*العلاقات مع الدول الاوروبية
وأكد عراقجي: هناك دول ليست من أولوياتنا في الوقت الحالي، مثل الدول الأوروبية؛ لأن علاقاتنا معها شهدت الكثير من التقلبات في السنوات الأخيرة. لقد اعتمدت سياسات خاطئة وأحياناً عدائية تجاهنا. سيكون لدينا تفاعل من منطلق العزة وموجه نحو الفرص معها على أساس الاحترام المتبادل ومن موقف متساو. وكما قال قائد الثورة الاسلامية، إذا وضعت (هذه الدول) سياساتها الخاطئة والعدائية جانباً، فسوف تكون في أولوياتنا مرة أخرى.
*العلاقة مع امريكا
وحول العلاقة مع أمريكا قال: نحن لا نتطلع إلى حل الصراع والتوترات مع امريكا. لأن الكثير من هذه التوترات ناجمة عن سلسلة من الخلافات في وجهات النظر الأساسية. نحن نبحث عن إدارة الصراع مع امريكا. إذا كان هذا الصراع قائما، فليس من الضروري أن يدفع الشعب الإيراني أي تكاليف عليه. في السياسة الخارجية، من واجبنا أن نقلل من تكاليف هذا الصراع قدر الإمكان، وأن نخفف ضغطه على الشعب، وأن لا نسمح بتشكيل إجماع دولي ضدنا. وأعتقد أن السياسة الخارجية يمكن أن تتحرك بشكل جيد جداً في هذا الاتجاه، ومع المبادرات التي يمكن طرحها يمكن تقليل تكاليف هذا الصراع وعدم السماح له بتجاوز سلسلة من المراحل وإلحاق خسائر فادحة بالبلاد.
وقال عراقجي: أعتقد أنه ضمن هذا التهديد والعداء الذي مارسته أمريكا ضدنا على مر السنين، برزت الكثير جدا من الفرص، وقد استفادت الجمهورية الإسلامية من الكثير من هذه الفرص وهي الآن في وضع يكون فيه التوازن الاستراتيجي في مستوى أعلى بكثير من الاعوام الماضية.
*الاتفاق النووي
وفي شرحه لمفاوضات إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) في نهاية الحكومة الثانية عشرة، قال: عندما هُزم ترامب في الانتخابات وأصبح بايدن رئيساً، أعربت أمريكا عن اهتمامها بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. وهذا الطلب لم ترفضه إيران، بل تم وضع شروط له، وهي الشروط التي أصبحت تعرف بالمواقف الحاسمة للنظام، والتي عبر عنها قائد الثورة الاسلامية ، كما وافق مجلس الشورى الإسلامي على قانون العمل الاستراتيجي في ذات المجال.
وتابع وزير الخارجية: بناء على طلب الامريكيين، بدأت المفاوضات بشأن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2021 وفي إطار المواقف الحاسمة للنظام وقانون العمل الاستراتيجي، أجريت ست جولات من المفاوضات، استمرت في عهد الشهيد رئيسي ومرت بمراحل لم تكتمل بأي حال من الأحوال.
وأكد عراقجي: إن إحياء تلك المفاوضات الآن ليس سهلاً كما كان في الماضي، وعلينا جميعاً أن نعلم أن الظروف الدولية قد تغيرت. وفي هذه الأثناء، حدثت الحرب الأوكرانية، التي كان لها تأثير عميق على النظرة الأمنية الأوروبية وما يسمى بالترتيبات الأمنية الدولية. لقد غيرت الحرب في غزة والمجازر التي وقعت هناك، أوضاع المنطقة بالكامل. لقد انقضت بعض التواريخ التي كانت موجودة في خطة العمل الشاملة المشتركة نفسها، وبالتالي لا يمكن إحياء الخطة بشكلها الحالي. بمعنى آخر، يجب إعادة فتح هذه الوثيقة وتغيير أجزاء منها.
وشدد على أن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة والمفاوضات ليست مهمة سهلة، وقال: عندما تفتح وثيقة، يكون من الصعب للغاية إعادة تجميعها. وكانت مفاوضات العام 2021 تتعلق بكيفية العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. لم يكن للخطة نفسها أي مفاوضات، لكن الظروف تغيرت الآن قليلاً. ولم يعد من الممكن تنفيذها بهذه الطريقة. يجب تشكيل مفاوضات جديدة. وبطبيعة الحال، الوضع في أوروبا صعب. أمريكا مشغولة بالانتخابات ولن تكون المهمة سهلة، ولكننا سنبذل قصارى جهدنا.
وقال وزير الخارجية: إننا نعتبر هذه مهمة وواجب على أنفسنا لتقليل تكاليف العقوبات على الشعب ومحاولة رفع العقوبات. وإن شاء الله سنضع في جدول الأعمال استخدام كل الامكانيات العلمية والسياسية والقانونية للبلاد، ونأمل أن نتمكن من اتخاذ خطوة إيجابية في هذا الاتجاه.
وقال عراقجي: سنتابع تحييد العقوبات مع رفع العقوبات. إن تحييد العقوبات المفروضة هو على عاتق الحكومة بأكملها ورفع العقوبات هو مسؤولية وزارة الخارجية حصرا. ومع ذلك، فإننا لن ننخرط في مفاوضات استنزافية. يجب أن نسعى إلى رفع العقوبات بشكل موحد، وبالطبع نحن لسنا في عجلة من أمرنا لبدء المفاوضات.
وتابع: ينص برنامج سياستنا الخارجية أيضًا على أن المبادئ التوجيهية للسياسة الخارجية للحكومة الرابعة عشرة هي أولاً الدستور، وثانيًا السياسات العامة للدولة التي أعلنها قائد الثورة في مجال السياسة الخارجية، وثالثًا الإجراءات والمبادئ التوجيهية من قائد الثورة، وخاصة المبدأ الاستراتيجي "العزة والحكمة والمصلحة". والرابع هو وثائقنا رفيعة المستوى مثل وثيقة الافاق المستقبلية وخطة التنمية السابعة وقوانين مجلس الشورى الإسلامي والتي يعد قانون العمل الاستراتيجي أحدها. هذه هي مبادئنا الأساسية التي تحدد إطار حركتنا. لذلك لن تكون هناك قطبية ولا ازدواجية، وسنتحرك بحزم في إطار هذه المبادئ وسنستخدم كل قدراتنا وامكانياتنا لضمان المصالح الوطنية للبلاد.
*محور المقاومة
وأشار وزير الخارجية إلى أن قضية محور المقاومة ليست في الأساس قضية منفصلة عن إطار الصراع مع أمريكا وقال: إن محور المقاومة هذا تشكل بناء على سلسلة من المثل العليا وله مدرسته الخاصة . إن محور المقاومة سيكون مدعوما من الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أي موقف. وهنا نقول إن بعض صراعاتنا مع أمريكا لا يمكن حلها، لأن الامور التي نؤمن بها لا تسمح بحل هذه الصراعات. لذا، عندما نصل إلى هذا الصراع، فإن مهمتنا هي الإدارة.
وقال عراقجي: بالتأكيد، دعم شعب لبنان، دعم شعب فلسطين المظلوم، وخاصة في غزة، ودعم الشعب في اليمن، دعم الشعوب في أي مكان آخر في العالم الإسلامي، وخاصة في منطقة محور المقاومة، ستكون من بين السياسات الثابتة للحكومة الرابعة عشرة.
وفيما يتعلق بتوجهات بعض الدول بشان مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، قال وزير الخارجية: سياستنا الخارجية ستحاول الانخراط بشكل فعال في هذا الأمر. وطلبت من زملائي في وزارة الخارجية أن يضعوا خطة في هذا المجال، ونأمل أن تكون لدينا خطة محددة نتحرك بناء عليها. وكما يعترف العالم كله بدور إيران في الميدان، عليه أيضاً أن يعترف بوجودنا ودورنا السياسي، وسنتحرك في هذا المجال أيضاً.
دعوة الاتحاد الأوروبي إلى «تصحيح السياسات»
الى ذلك دعا وزير الخارجية الإيراني الجديد، عباس عراقجي، إلى الحوار مع الاتحاد الأوروبي من أجل حلّ قضايا ثنائية، عقب اتصال هاتفي مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد.
وقال عراقجي، في بيان (الخميس)، إن «إيران ترحّب بتنمية العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في بيئة قائمة على الاحترام المتبادل». وتدهورت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإيران في السنوات الأخيرة. ويتهم التكتل الأوروبي طهران بعدم كبح نشاطها النووي، وتقديم الدعم لحركة «حماس» الفلسطينية، ودعم حرب روسيا في أوكرانيا، وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وأضاف عراقجي أن تنمية العلاقات «تتطلب حواراً لحل قضايا بين الطرفين، وتصحيح السياسات الخاطئة للدول الأوروبية».
من جانبه قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، على منصة «إكس»، إنه ناقش مع نظيره الإيراني «آفاق تجديد التواصل حول جميع الملفات ذات الاهتمام المشترك». وأوضح أن المحادثات تناولت «ضرورة خفض التصعيد، وضبط النفس»، إضافة إلى «وقف التعاون العسكري» مع روسيا ضد أوكرانيا، ومنع الانتشار النووي. وقال بوريل إن مثل هذا «الحوار البنّاء... ضروري لنزع فتيل التوترات الإقليمية».
وتوعّدت إيران، وحليفها اللبناني «حزب الله»، بالرد بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في طهران، والقيادي في «حزب الله» فؤاد شكر في بيروت الشهر الماضي. وعُرف عراقجي بانفتاحه على الغرب، ودوره المحوري في المباحثات التي أدت إلى إبرام الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني عام 2015. وباتت مفاعيل الاتفاق الذي أتاح تقييد أنشطة طهران النووية مقابل رفع عقوبات اقتصادية عنها، في حكم اللاغية بعد انسحاب الولايات المتحدة أحادياً منه عام 2018 في عهد دونالد ترمب، وإعادتها فرض عقوبات قاسية على إيران.
إطلاق الرهائن الفرنسيين
وأجرى وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، محادثة هاتفية مع نظيره الإيراني عباس عراقجي.
وحسب بيان صحافي، الجمعة، شدد الوزير الفرنسي على أولوية فرنسا القصوى المتمثلة في الإفراج عن الفرنسيين المحتجزين رهائن في إيران فوراً، مثلما طلب رئيس الجمهورية من نظيره الإيراني.
وأعرب سيجورنيه عن قلقه الشديد بفعل تصاعد التوترات في المنطقة. ودعا نظيره إلى بذل كل ما يتيسر له من جهود بغية درء اشتعال المنطقة الذي لن يستفيد منه أي طرف ولا إيران. وطلب من إيران دعوة جميع الجهات الفاعلة المزعزعة للاستقرار التي تدعمها في المنطقة إلى أعلى درجات ضبط النفس.
وحذّر سيجورنيه إيران من مواصلة توسيع نطاق أعمالها المزعزعة للاستقرار.
ألمانيا وإيران
إلى ذلك، قالت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، إن وزيرة الخارجية الألمانية أنالنا بربوك، هنّأت في اتصال هاتفي، عباس عراقجي على انتخابه وزيراً لخارجية إيران.
وأفادت الوكالة بأن بربوك أعربت في هذا الاتصال الهاتفي عن أملها في أن «نشهد في الحكومة الإيرانية الجديدة توسيع العلاقات» بين البلدين من خلال حل المشكلات، وتذليل العقبات التي تواجه العلاقات.
بدوره، أشار عراقجي إلى ضرورة مواصلة المشاورات السياسية بين البلدين، وقال: «الاحترام المتبادل والتركيز على المصالح المشتركة ضروريان للحفاظ على العلاقات وتعزيزها في مختلف المجالات».
وتبادل وزيرا خارجية إيران وألمانيا وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحة الثنائية، وكذلك التطورات الإقليمية والدولية. وأكدا عزم البلدين على حل المشكلات الحالية من خلال الحوار ومواصلة المشاورات السياسية، وفقاً لما نقلته الوكالة الإيرانية.
وكان عراقجي صرح لوكالة «كيودو» اليابانية، بأن «الخارجية الإيرانية ستسعى، في خطوة حاسمة نحو رفع العقوبات عن اقتصاد إيران، وإعادته إلى العلاقات التجارية الطبيعية في المجتمع الدولي، وإلى إدارة التوترات مع واشنطن، وإعادة بناء العلاقات مع الدول الأوروبية». لكنه أكد أن «هذا لن يحدث إلا بعد أن تتخلى هذه الدول عن نهجها العدائي».