شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي فورا على إنهاء العنف والوقف الدائم لإطلاق النار في غزة ووضع حد لما وصفها "بالهمجية البائسة" من إسرائيل في لبنان قبل أن تمتد إلى كل المنطقة والعالم.
وفي كلمته أمام المناقشة العامة رفيعة المستوى للجمعية العامة قال الرئيس الإيراني إن "إسرائيل هُزمت في غزة وإن أي قدر من العنف الهمجي لن يُعيد خرافة أنها لا تقهر". وأضاف أن "إرهاب الدولة الأعمى" من إسرائيل في لبنان خلال الأيام الماضية لا يمكن أن يمر دون رد.
وذكر أن المسؤولية عن جميع العواقب "سيتحملها كل من أفشلوا الجهود العالمية الرامية إلى إنهاء هذه الكارثة المروعة". وقال الرئيس الإيراني إن العالم شهد خلال العام المنصرم "الطبيعة الحقيقية للنظام الإسرائيلي. وشهد كيف ارتكب الفظائع في غزة، وقتل خلال 11 شهرا بدم بارد أكثر من 41 ألف شخص بريء معظمهم من النساء والأطفال".
مسعود بزشكيان أضاف أن القادة الإسرائيليين "يصفون هذه الإبادة الجماعية من قتل الأطفال وجرائم الحرب وإرهاب الدولة، بالدفاع المشروع عن النفس. ويصفون المستشفيات ودور الحضانة والمدارس بأنها أهداف عسكرية مشروعة. ويصفون محبي الحرية حول العالم الذين يتظاهرون ضد الإبادة الجماعية بأنهم معادون للسامية. ويصفون الخاضعين للقمع الذين وقفوا في وجه سبعة عقود من الاحتلال والإهانة بأنهم إرهابيون".
واتهم الرئيس الإيراني إسرائيل "باغتيال علماء ودبلوماسيين إيرانيين وحتى ضيوف" داخل إيران.
وأكد أن السبيل الوحيد لإنهاء "هذا الكابوس المستمر منذ 70 عاما" في غرب آسيا هو استعادة حق جميع الفلسطينيين في تقرير المصير.
واقترح أن يقرر جميع أفراد الشعب الفلسطيني، سواء الذين يعيشون في وطنهم الأم أو الذين أجبروا على العيش في الشتات، مستقبلهم في استفتاء.
وأكد إمكانية تحقيق السلام الدائم عبر هذه الآلية، "ليعيش المسلمون والمسيحيون واليهود جنبا إلى جنب في أرض واحدة في سلام بعيدا عن العنصرية والفصل العنصري".
الرئيس الإيراني أكد أهمية الوحدة في المنطقة والتعاون لمواجهة التحديات المشتركة. وقال إنه سيعمل على وضع أساس قوي لدخول إيران مرحلة جديدة لتقوم بدور فعال وبنـّاء في النظام العالمي المتطور. وأضاف: "هدفي هو معالجة التحديات والعقبات القائمة مع هيكلة علاقات بلدي الخارجية إدراكا لضرورات ووقائع العالم المعاصر".
تهديدات وحروب واحتلال
وتطرق إلى ما واجههه بلده من "تهديدات وحروب واحتلال وعقوبات طوال تاريخه الحديث". وتحدث عن خطة العمل الشاملة المشتركة المتعلقة ببرنامج إيران النووي التي أبرمت عام 2015، وقال إن بلاده وافقت على أعلى مستوى على الإشراف النووي مقابل الاعتراف بحقوقها ورفع العقوبات.
وأشار إلى انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الخطة. وانتقد العقوبات أحادية الجانب وقال إنها تستهدف الأبرياء وتسعى إلى تقويض الاقتصاد الإيراني.
كلمة الى الشعب الأمريكي
وذكر أن إيران مستعدة للانخراط مع المشاركين في الخطة المشتركة. ووجه كلامه للشعب الأمريكي قائلا: "ليست إيران هي من أقامت قواعد عسكرية على حدودكم وليست إيران من فرضت جزاءات عليكم أو منعكتكم من الحصول على الدواء أو قيدت قدرتكم على الوصول إلى النظام المصرفي العالمي".
وقال إن الفرصة متاحة لدخول عصر جديد يبدأ بالاعتراف بمخاوف إيران الأمنية والتعاون بشأن التحديات المشتركة. ومن أجل بناء عالم أفضل، قال بزشكيان إن إيران تقف على أهبة الاستعداد لتعزيز شراكات اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية هادفة مع القوى العالمية وجيرانها على أساس التكافؤ.
وذكر أن الرد المناسب على هذه الرسالة التي توجهها إيران لا يكون بفرض مزيد من الجزاءات، بل بالوفاء بالالتزامات القائمة ورفع العقوبات بما يعود بالنفع على الشعب الإيراني. وأعرب عن أمله في أن تلقى هذه الرسالة آذانا صاغية.
العقوبات الأحادية
من جهة اخرى اكد الرئيس الايراني مسعود بزشكيان بان العقوبات أحادية الجانب تعرقل تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويجب إدراج هذه الحقيقة في كل وثيقة يتم إعدادها للمستقبل.
وخلال اجتماع "تعزيز أهداف الأمم المتحدة" الذي عقد في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الاثنين، اكد الرئيس بزشكيان أن مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية تتطلب التعاون والتفاعل المبني على العدل والصدق وقال: لنصنع مستقبلاً عادلاً ومزدهراً لأبنائنا؛ وينصب تركيز هذا الجهد المشترك على الاهتمام بدور ومكانة الأمم المتحدة كرمز للتعددية واحترام أهداف ومبادئ ميثاقها.
وقال: لقد سجلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية آراءها واعتباراتها بشأن الوثيقة المستقبلية في هذه المنظمة.
وذكر رئيس الجمهورية أن تعزيز نظام التعددية من أجل التعامل مع تحديات مثل الحرب والتمييز والفقر والجوع يجب أن يكون أساس عملنا المشترك من أجل المستقبل، مضيفا: لا يمكن انكار دور الثقافة والقيم الأسرية وضرورة الحوار بين الأجيال من أجل الحفاظ على القيم الثقافية وفي نفس الوقت مراعاة دور النساء والفتيات والشباب وتمكينهم.
الاهتمام بالصحة والتعليم العام والرفاهية العامة
واضاف: أولويات العمل لحكومتي على المستوى الوطني هي الاهتمام بالصحة والتعليم العام والرفاهية العامة والضمان الاجتماعي، وخلق تكافؤ الفرص والحد من جميع أنواع عدم المساواة، والتوزيع المناسب للدخل، وتعزيز وتوطيد مؤسسة الأسرة، والحد من الفقر والتمييز ونشر العدالة اجتماعياً وتمكين المرأة والشباب والاستفادة من البيئة الملائمة.
* إصلاحات في هيكل الحوكمة الدولية
وذكر أن تحقيق السلام والتنمية يتطلب احترام حق الدول في التنمية، والاهتمام بأولويات التنمية والخصائص الثقافية، ومراعاة مبادئ العدالة وتنفيذ التزامات الدول المتقدمة تجاه الدول النامية، وقال: العقوبات الأحادية تعرقل تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويجب تضمين هذه الحقيقة في أي وثيقة يتم إعدادها للمستقبل.
وأضاف: أقترح أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريرا شاملا إلى الجمعية العامة بمشاركة الدول التي تقع ضحية العقوبات.
وفي الوقت نفسه أكد الرئيس بزشكيان: نطالب بإصلاحات فورية في هيكل الحوكمة والمؤسسات المالية الدولية بما يضمن حضور الدول النامية في القرارات وتشكيل هيكل عادل وخاضع للمساءلة لحل القضايا المالية لهذه الدول.
واشار إلى أن الميثاق المستقبلي والميثاق الرقمي يجب أن يساعدا في تقليص الفجوة الرقمية بين الشمال والجنوب، لا سيما من خلال نقل التكنولوجيا الجديدة وإزالة الحواجز، واضاف: ان المشاركة الفعالة لدول الجنوب في حوكمة الإنترنت والذكاء الاصطناعي، واحترام القوانين الوطنية للدول، والتعامل مع الحصرية، ضرورة لا يمكن إنكارها.
وأكد الرئيس بزشكيان: نريد عالماً خالياً من الأسلحة النووية واخلاء منطقة الشرق الاوسط من أسلحة الدمار الشامل، دون أي شروط مسبقة.
وأضاف: كضحية للإرهاب، كنا دائما سباقين في مكافحة هذه الظاهرة الشريرة، ونحن على استعداد للتعاون مع الدول التي تسعى لمحاربة الإرهاب. تريد إيران منطقة قوية وموحدة وآمنة ومستقرة يتم فيها استخدام موارد دول المنطقة للتآزر في اتجاه التقدم الاقتصادي والاجتماعي وحل المشاكل المشتركة.
وأكد : في عالم يُقتل فيه المدنيون بوحشية في غزة، ويقتل إرهاب الدولة الأعمى الأطفال والنساء، ويتم دعم الإبادة الجماعية والإرهاب، لن تضمن أي وثيقة السلام والتنمية. إن نهاية الاحتلال ونهاية الفصل العنصري في فلسطين والوقف الفوري لإطلاق النار في غزة شروط مسبقة للتنمية والسلام العالمي.
لانسعى للحرب
الى ذلك أكد الرئيس الايراني مسعود بزشكيان أن الجمهورية الإسلامية الايرانية لا تسعى للحرب والصراع،قائلا: نمارس ضبط النفس لمنع تصعيد التوتر والازمة، لكن الكيان الصهيوني يحاول مرة أخرى تورط إيران في الحرب من خلال نقل العدوان إلى لبنان.
وفي اليوم الأخير من سفره إلى نيويورك، صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي، وفي لقاء مع مجموعة من "كبار المفكرين الأمريكيين"، صرح الدكتور مسعود بزشكيان أن نهجه الرئيسي في المنافسة الانتخابية هو أن إيران ملك لجميع الإيرانيين ويجب على جميع الذين يعيشون في إيران والمرتبطين بإيران أن يكونوا قادرين على لعب دور في إدارة وبناء البلاد وفقًا لمساهمتهم وقدراتهم.
وأوضح: لقد اختارني الشعب الايراني بناءً على هذا الرأي والآن نحاول بانسجام وتعاطف على المستوى الداخلي أن نعيد إيران إلى مكانتها الصحيحة في التفاعل مع جيرانها والعالم.
وأوضح الرئيس بزشكيان أن ايران تبحث عن الحق والعدالة والإنصاف، وليس لديها أي خلاف مع أحد في العالم ولكنها لن ترضخ للظلم، مضيفا: ليس مقبولا بالنسبة لي ان الدول الغربية تحشد الرأي العام العالمي ضدنا عندما يحدث شيء ما لشخص في دولة مستقلة مثل إيران، لكنها تلتزم الصمت بوجه القتل اليومي لمئات الأطفال والنساء الأبرياء وحتى دعم مرتكبي هذه الجرائم. فكيف نصدق ان ادعاءتهم ليست لخدمة أهدافها ومصالحها بل هي لدعم حقوق الإنسان!
الهدف من اغتيال هنية
وقال الرئيس الايراني فيما يخص اغتيال الشهيد اسماعيل هنية في يوم تنصيبه رئيسا رسميا للبلاد وبصفة هنية ضيفًا رسميًا لجمهورية إيران الإسلامية، إن الصهاينة كانوا يحاولون التشويش على مشاركة الشعب الواسعة في الانتخابات الرئاسية وإضعاف إيران، ولكن عندما فشلت مخططاتهم حاولوا إدخال ايران إلى ميدان المواجهة والصراع بعمل إرهابي، ليظهروا للعالم إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي من تبحث عن التوتر والصراع.
تحلينا بالصبر
وذكر الرئيس الايراني أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية التزمت بالصبر لمنع تصاعد التوتر والصراع، لكن الكيان الصهيوني وصل إلى ذروة وحشيته وإجرامه، مشيرا الى أن هذا الكيان يحاول مرة أخرى تورط إيران في الحرب من خلال نقل العدوان إلى لبنان.
وقال: نحن نمارس ضبط النفس أمام هذه المؤامرة، ولكن لخطورة وحجم الجرائم الصهيونية، سواء في الداخل الإيراني أو في المنطقة، فربما تنفجر الأوضاع وتخرج عن السيطرة بطريقة أو بأخرى.
ليس لدينا مشاكل مع جيراننا ودول العالم الأخرى
وأضاف الرئيس الايراني: نؤكد مرة أخرى أن نهجنا الرئيسي هو استخدام كل قوانا وقدراتنا لبناء إيران وليس لدينا مشاكل مع جيراننا ودول العالم الأخرى، بل وأعلنّا أننا نتطلع إلى إنشاء شبكة اتصالات واسعة في المنطقة مما يتيح تسهيل العلاقات والتبادلات بين شعوب كافة دول المنطقة ونتطلع إلى إعداد الاستعدادات الأمنية والاقتصادية والسياسية لهذا العمل.
وتابع بزشكيان: في المقابل، فإن الكيان الصهيوني، الذي يدعي محاربة الإرهابيين، يقتل الأطفال في المستشفيات والأطفال في أحضان أمهاتهم بأبشع الطرق الممكنة، ويقول داعموه أيضًا إنهم يسعون إلى تهدئة المنطقة؛ سؤالي هو، إذا كان الغرض من هذه الإجراءات هو تهدئة المنطقة، فلماذا كل هذا الفوضى؟