×

  كركوك والمادة ١٤٠

  خطاباتهم المظللة لم تتخلص بعد من حمى الانتخابات



 

*المرصد/

إن مصالح شعبنا ومنطق الرؤى الوطنية والقومية تتطلب ومنذ سنوات تأطير الحديث عن تجربة الاستفتاء وأحداث الـ 16 من اكتوبر في قراءة عادلة ومنصفة بشكل يمنع تفريق لـمِّ شمل شعبنا اكثر ويعيد الحق الى اهله ويسخّر هذه الرؤية القومية السليمة لـخدمة عدم تكرار الهفوات والاخطاء السياسية، بيـد ان مانراه من شبكة اعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني الكاذبة ومن يقف وراءها من الكهنة الأشرار تستغل أموال وطاقة هذه الامة بالاستمرار في الكذب والتضليل وبشكل يكادون يصدقون كذبتهم ايضا.

وبدل ان يبحثوا في اسباب تراجع الكرد بعد الاستفتاء واحتواء تداعياته بدقة وبخطط مدروسة، عمدوا الى تجميد الاستفتاء بقرار رسمي منهم وأعدوا انفسهم للمؤامرة الاعلامية والعسكرية والامنية الكبيرة والخاصة بالـ 16 اكتوبر.

ان ما يدعو للاسف ان الحزب الديمقراطي وبدل ان يجعل هذه الرغبة الديمقراطية والقومية العليا لشبعنا والمقصود الاستفتاء القومي مناسبة لجمع سائر طبقات المجتمع الكردستاني في بوتقة ستراتيجة واحدة تثمر عن التآلف والتعايش وبدعم الاحزاب السياسية بكردستان، جعلها مناسبة مخجلة لإحداث التوترات ودفع باتجاه الفرقة والابتعاد عن البعض وكل ذلك نتيجة قصر نظر البارتي السياسية وهيمنته غير المنضبطة واصبح الاستفتاء المحبط وتداعيات انسحاب البيشمركة من كركوك مادة للمزايدة والمهاترات الحزبية وتوزيع ولفق التهم للاخرين والتي بدورها اظهرت تدني مستوى ادبيات البارتي وانهم بارعون في مثل هكذا خطابات ليس الا.

فبالاضافة الى أن احداث الـ 16 من اكتوبر قوّى شوكة العنصرية العربية والطائفية والحكم الميليشياوي، فقد
أعادت الخطاب المتدني والمضلل للبارتي الى ايام الحرب الاهلية المقيتة.

لقد واجه شعبنا وحركته السياسية بكل ما يحمله من آلام وجروح ردة فعل وتداعيات قرار تجميد الاستفتاء. ومما لاشك فيه ان هذا الاستفتاء الذي تتحمل قيادة البارتي الادارة السيئة له والتفرد بقراراته بدل ان يصل بشعبنا الى التحرر وبر الأمان، دفعنا جميعا نحو مشاكل كانت سببا في:

- تراجع دور الكرد في العملية السياسية بكردستان وعموم  العراق كأمر واقع مُـرّ ومنذ ذلك الحين يكافح شعبنا وقواه المسؤولة لتعديل هذا التراجع والتقهقر.

- تراجع في الجرأة والمبادرة والقدرة على اتخاذ القرار السياسي للقوى السياسية ككل والبارتي نفسه، بشكل دفع الاخير بالسير والاندفاع المخجل نحو  بغداد، وهذا حالهم في كل مرة يتعرضون فيها الى الانكسار والانهزام.

- لقـد تقهقرت في المحصلة إثر تلك السياسة والادارة المضطربة للبارتي واستغلالهم لوضع كردستان الداخلي الصعب، تقهقرت السياسة الكردستانية في كركوك في الـ 16 من اكتوبر العام نفسه (2017)، وبسطت الحكومة المركزية سيطرتها على كركوك والمناطق المتنازع عليها بمعاونة الحشد الشعبي وعدد من الميليشيات الطائفية المختلفة. وفي خضم هذا الوضع الذي اختلت فيه موازين القوى من الوجهة العسكرية، بقيت بيشمركه الاتحاد الوطني لوحدهم في ساحات القتال وقدمت الكثير من الشهداء والجرحى بينما لاذ بالفرار قادة البارتي من المزايدين القوميين بالفرار.

إن الحزب الديمقراطي وبدل أخذ الدروس والعبر من هذه التجارب المرة والصعبة التي ألحقها بشعبنا، يعمل وكعادته، ومنذ سنين، على تشويه حقائق الاستفتاء وأحداث الـ 16 من اكتوبر. وبدل ابداء الندم ومراجعة الذات وطلب الصفح من شعبنا جعل من كل هذه المآسي القومية والوطنية سلاحا حزبيا بيده للمزايدة الضيقة الافق. وبدلا من محاولة مداواة الجروح يعمد الى تسميمها وتهييجها والمتاجرة بها سياسيا وإلقاء تهم الاخفاق والخيانة على الاخرين بقصد إبعاد الشبهة عنه ولاسيما كيل التهم للاتحاد الوطني الكردستاني، ذلك الاتحاد الذي قدم العشرات من الشهداء والجرحى في مواجهة الـ 16 الصعبة بكركوك، وناب عنهم وعن الكردستانيين جميعا في التضحية والقتال والمواجهة.

ان البارتي وبدلا من ان يشعر بالخجل ويطلب الصفح لتسببها بالامر، وبدل أن يعترف باخفاقه في ادارة مجمل ملف الاستفتاء وملف الادارة السياسية والاقتصادية في الاعوام المنصرمة، نراه يبيع ويشتري به بالرخص في الاسواق السياسية، وبدل ان يداوي جروح مابعد تجميد الاستفتاء واعادة خريطة اقليم كردستان الى ما كانت عليه قبل الاستفتاء الامر الذي أسعد الاصدقاء الزائفين والاعداء الحقيقيين، نراه للأسف يتعامل الى الان كعادته وعن طريق سياسات غير منطقية بالاستفتاء الخاسر وتراجع الاوضاع بعد الـ 16 من اكتوبر 2017، فيما مضى والان ايضا:

- باللغة الكردية يشتمون ويسبون وبالعربية يتنازلون ويتملقون بشدة للتيار العنصري والطائفي في العراق. يخوضون معهم في مسألة التحالفات ولعبة الكراسي ولو كان ذلك على حساب ثوابت شعبنا.

- يهددون بالكردية سائر الحركة السياسية الكردستانية واحزابها، وناشطي المجتمع ومثقفي شعبنا، وبالعربية يقبلون الاكتاف ويلحسون بلسانهم عباءة المتخلفين على امل ان يعطوهم منصبا اخر فوق مناصبهم على حساب شعبنا واحزابه، يحرضون كل القادة العراقيين ضد شعبنا وضد الاتحاد الوطني من اجل مصالحهم الحزبية الضيقة، بالامس كانوا يصفون المالكي والعبادي والعامري باعداء كردستان واليوم يبرمون معهم صفقات المناصب والرُتب.

* حقيقة الامر ان الـ 16 من اكتوبر يمثل اخفاق قادة البارتي واحتكارهم الرسمي لمفاصل السلطة، في ادارة العملية السياسية والوضع العام بكردستان، وفي ادارة الاجماع الوطني لتقرير المصير.

والحقيقة ان السياسة الكردستانية وقعت بعد وفاة الرئيس مام جلال بيد البارتي الذي لم يدر الامور بطريقة عقلانية ابدا.

ان تراجع كردستان دليل اخفاق قادة البارتي المحتكرين والفاشلين في لعب دور الاخ الاكبر لان الامر لا يكون بفرض الامر الواقع، في حين نراهم يلقون باللائمة على الاخرين! أفلا تخبرونا: كيف يعقل ان تسجل قيادة حزب ومحتكر بلد انتصارا ليس بذي قيمة باسمها وتسجل كُبريات اخفاقاتها في مجمل هذه الملفات بأسماء الاحزاب والاطراف الاخرى. وهم يظنون ان الاخيرة ليس من نصيبهم سوى الاتهام واللوم وممارسة التضليل بحقهم.

واليوم، فان هذا الخطاب المضلل للبارتي العائد الى كركوك خجلا وعن طريق القسط المريح، لم يتركه بعد حمى الحملة الانتخابية ويخطط البعض من قادته وبرلمانييه المنهزمين من كركوك لـحياكة سيناريوهات اخرى في التوقيت  المصادف للتضليل  الذي مارسوه في الـ 16 من اكتوبر.

وهاهم يحرضون الشباب المغلوبين على امرهم من الكرد ويدغدغون مشاعر الجماهير ضد الظلم والطغيان من دون اي دعم سياسي وغطاء امني مسبق، وحين يلاحظون ان القوات العراقية على مسمياتها المختلفة  يميلون الى العنصرية اكثر من تطبيق القانون والحفاظ على الاستقرار، يهربون ويتركون المشاكل للكرد والاتحاد الوطني كي يهموا بحلها.

يرتكبون الحماقة تلو الحماقة وحين تشتد عليهم يتركون كركوك وسكانها وشأنهم. في عودتهم الى المدينة نوايا شريرة، تريد تكرار سيناريو اكتوبر كما فعلوا قبل ثلاثة ايام.

ان الاتحاد الوطني الكردستاني وعلى مر تاريخه النضالي قدم الدماء من اجل كردستانية كركوك وكان القوة الوحيدة التي سالت دمها في الـ16 من اكتوبر بالرغم من عدم تكافؤ القوى، كما انه كان الوحيد الذي بادر في اضطرابات الايام الثلاثة التي سبقت دخول القوات العراقية الى كركوك، الى الاتصال ببغداد ووقف ضد تأزم الوضع والاعتقال العشوائي للشباب الكرد.

ومثلما شدد المكتب السياسي في بيانه يوم 13/10/2021 على مبادئ الاتحاد الوطني، وهي أن "الاتحاد الوطني يعتبر كركوك واهلها اكبر من اي مزايدة او شعار يرفعه بعض الاطراف من بينهم عدد من اعضاء المكتب السياسي للبارتي، الذين يضعون مسألة كركوك العظمى وتقرير مصيرها واهلها امام مخاطر اللعبة السياسية من اجل الكسب الحزبي الضيق، والذي نعـده حراكا سياسيا غير منطقي، ولذلك فان الاتحاد الوطني قوة مسؤولة ويضع على عاتقه مبدأ حماية التعايش السلمي ويحافظ على ما موجود في كركوك من تعايش، وفي الوقت نفسه فإن الاتحاد يحمي الحقوق والارض وكردستانية المدينة ويعمل وفق هذه الستراتيجية.


17/10/2024