في مقابلة شاملة، تناول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عددًا من القضايا الإقليمية والدولية، مقدّمًا رؤية تركيا تجاه التحديات الراهنة، بدءًا من سياسات إسرائيل العدوانية وصولًا إلى التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة. كما تناول العلاقات مع القوى العالمية مثل روسيا والصين، وناقش مواقف المعارضة التركية الداخلية.
موقف روسيا والصين من القضية الفلسطينية
أشاد أردوغان بموقف روسيا والصين تجاه الهجمات الإسرائيلية، حيث أعربت الدولتان عن رفضهما للهجمات ووصفها بأنها غير قانونية وغير إنسانية. وأضاف أن كلا الدولتين وقعتا على مبادرة تركيا في الأمم المتحدة لوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل، مما يمثل خطوة مهمة. وأكد أن استمرار إمداد إسرائيل بالسلاح يزيد من عدوانيتها، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في غزة ولبنان. وشدد على ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية دون انقطاع، مشيرًا إلى أن كل يوم يتأخر فيه تقديم المساعدة يفاقم المعاناة الإنسانية.
الدور العربي ودعم العالم الإسلامي
دعا الرئيس أردوغان الدول العربية ودول العالم الإسلامي إلى اتخاذ موقف أكثر فعالية ضد إسرائيل. وأشار إلى أن تركيا تعمل على تعزيز "تحالف الإنسانية" لتوحيد الصفوف ضد الظلم. وأكد أن هناك حاجة إلى اتخاذ خطوات ملموسة مثل دعم المعركة القانونية في محكمة العدل الدولية والاعتراف بدولة فلسطين. كما أكد أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة، داعيًا إلى فرض قيود تجارية وعقوبات على إسرائيل وتعزيز الضغوط الدبلوماسية عليها.
وقف التجارة مع إسرائيل والرد على الشائعات
نفى أردوغان بشدة الادعاءات التي تفيد بأن تركيا تواصل تجارتها مع إسرائيل، ووصفها بأنها محاولات لتشويه صورة حكومته. وأكد أن تركيا قطعت جميع علاقاتها التجارية مع إسرائيل وهي ملتزمة بدعم القضية الفلسطينية بكل صدق. وأضاف أن حكومته لن تتراجع عن موقفها وستواصل الضغط على إسرائيل حتى يتم محاسبتها على أفعالها.
سوريا والتطبيع مع الأسد
تحدث أردوغان عن العلاقات مع سوريا، مشيرًا إلى أنه لا يزال يأمل في تحقيق تطبيع كامل مع الرئيس السوري بشار الأسد. وأكد أن تركيا تمد يدها للسلام وتأمل أن يؤدي هذا التطبيع إلى تعزيز الاستقرار في سوريا. وشدد على أن تركيا لا تهدد وحدة الأراضي السورية، بل تسعى للقضاء على التهديدات الإرهابية التي تستهدف أمنها القومي.
العملية العسكرية المحتملة في سوريا
أشار أردوغان إلى أهمية إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومترًا داخل سوريا للقضاء على التهديدات الإرهابية وضمان عودة اللاجئين السوريين بطريقة آمنة وكريمة. وأكد أن تركيا مستعدة لشن عمليات عسكرية جديدة إذا استمر تهديد أمنها القومي، مشيرًا إلى أن العمليات السابقة أثبتت نجاحها في تعزيز أمن تركيا.
إعادة رسم حدود الشرق الأوسط
في رده على سؤال حول احتمال إعادة رسم حدود الشرق الأوسط بدعم غربي لإسرائيل، أكد أردوغان أن تركيا تدرك هذا الخطر وتعمل على تعزيز وحدتها الداخلية لمواجهة التحديات. وأشار إلى أن المعارضة التركية لم تدرك بعد أهمية الحفاظ على وحدة الصف الوطني في مواجهة المخاطر الإقليمية والدولية.
قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو
أعرب أردوغان عن تطلعه للمشاركة في قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في ريو دي جانيرو، مؤكدًا أن تركيا ستطرح قضايا تتعلق بالاستقرار الاقتصادي والأمن الطاقي. وأشار إلى أن تركيا تدعم تطوير استراتيجيات مشتركة لمعالجة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الدول النامية، مع التركيز على تعزيز التعاون الدولي.
في الختام أكد أردوغان أن تركيا ستواصل الدفاع عن مصالحها الوطنية والإقليمية والدولية بحزم، وستعمل على تعزيز تحالفاتها الاستراتيجية مع الدول الصديقة والشقيقة، مع الحفاظ على مواقفها الثابتة تجاه القضايا الإنسانية والحقوقية.
حوار مع الصحفيين عقب زيارته للسعودية وأذربيجان
واستعرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حديثه مع الصحفيين على متن الطائرة خلال عودته إلى تركيا، أبرز محطات زيارته إلى كل من السعودية وأذربيجان التي استمرت يومين.
القمة المشتركة بين منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية
شارك الرئيس أردوغان في القمة الاستثنائية الثانية المشتركة بين منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية التي عقدت في الرياض، حيث ألقى كلمة تناول فيها الإبادة الجارية في غزة ولبنان.
وأكد أردوغان على أهمية إعلان وقف فوري لإطلاق النار وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل منتظم ودون انقطاع إلى المحتاجين. وأوضح أن تركيا تبذل جهودًا مكثفة لإبقاء الضغط الدولي على إسرائيل، داعيًا لاتخاذ تدابير صارمة بحقها وفقًا للقوانين الدولية.
وأشار أردوغان إلى أن تركيا هي الدولة التي أبدت أقوى رد فعل عالميًا على الانتهاكات الإسرائيلية، بما في ذلك وقف التجارة مع إسرائيل، إلى جانب تصدرها قائمة الدول الأكثر دعمًا لغزة بالمساعدات الإنسانية. كما كشف عن دعم 52 دولة ومنظمتين دوليتين للمبادرة التي أطلقتها تركيا في الأمم المتحدة لمنع إمدادات الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل.
وفي إطار القمة، عقد الرئيس أردوغان لقاءات ثنائية مع عدد من القادة والمسؤولين، بينهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي وصف اللقاء معه بالمثمر. كما التقى كلًا من الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقادة من قطر، الإمارات، لبنان، العراق، وبلدان أفريقية مثل غانا، السنغال، وتشاد.
قمة المناخ في باكو
في المحطة الثانية من زيارته، شارك الرئيس أردوغان في قمة قادة العالم حول المناخ التي استضافتها العاصمة الأذربيجانية باكو، معربًا عن شكره للرئيس الأذربيجاني إلهام علييف على حسن الاستقبال. وأوضح أن القمة، التي تعد من أهم فعاليات المناخ تحت مظلة الأمم المتحدة، شهدت مشاركة قادة من 80 دولة، وركزت المناقشات على تمويل مكافحة التغير المناخي، لا سيما في الدول النامية. وأكد الرئيس أهمية الوفاء بالالتزام الذي تم الإعلان عنه عام 2009 بتوفير 100 مليار دولار سنويًا لدعم تمويل المناخ، والعمل على آليات إضافية لتعزيز هذا التمويل.
وفي كلمته أمام القمة، سلط أردوغان الضوء على جهود تركيا في مكافحة تغير المناخ، بما في ذلك مبادرة "صفر نفايات" التي أطلقتها السيدة الأولى أمينة أردوغان. وأشار إلى نجاح تركيا في مجالات الطاقة المتجددة والتشجير، مبرزًا مكانتها كخامس دولة أوروبيًا و11 عالميًا في استخدام الطاقة المتجددة.
العلاقات التركية-الأمريكية في عهد ترامب قد تشهد تطورات إيجابية
في تعليقه على فوز دونالد ترامب في السباق الرئاسي الأمريكي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تطوير العلاقات التركية-الأمريكية في المرحلة المقبلة لن يعتمد فقط على الدبلوماسية الهاتفية، مشيرًا إلى أهمية اللقاءات الثنائية والاجتماعات الدولية بين الزعيمين لتحديد رؤية مشتركة للمستقبل.
أوضح أردوغان أن ملامح السياسات المستقبلية للولايات المتحدة ستتضح بعد تشكيل إدارة ترامب، مضيفًا أن التعاون الوثيق بين أعضاء حكومة ترامب ووزراء الحكومة التركية سيكون عاملًا حاسمًا في تعزيز العلاقات الثنائية. وقال: "الأمر يتطلب أن يجتمع نائب الرئيس ووزراء الخارجية من الجانبين، ليتعرفوا على بعضهم البعض ويتبادلوا وجهات النظر، مما يساهم في اتخاذ خطوات مشتركة."
أشار أردوغان إلى أن هناك دائمًا فرصًا قائمة للتعاون بين تركيا والولايات المتحدة، مؤكدًا على أهمية الاستفادة منها بما يخدم مصلحة البلدين. وأضاف: "نحن نتعامل مع العلاقات الثنائية من منظور تحقيق مصالح بلدنا، كما يفعل أي زعيم آخر."
أولويات ترامب وتقاطعات المصالح
تناول أردوغان رؤية ترامب التي تركز على الاقتصاد كأولوية قصوى، معتبرًا أن تركيا، بموقعها الجغرافي الاستراتيجي وشبابها الديناميكي، تشكل بيئة جاذبة للاستثمار. وأكد أن هناك إمكانية لخلق فرص جديدة لزيادة حجم التبادل التجاري وتعزيز الاستثمارات بين البلدين، خاصة في مجالات الطاقة، البنية التحتية، والتكنولوجيا.
اختتم الرئيس التركي حديثه بالتعبير عن أمله في أن تكون هذه المرحلة بداية جديدة ومختلفة للعلاقات بين البلدين، مشددًا على أهمية اتخاذ خطوات عملية تعود بالنفع على الطرفين وتحقق استقرارًا وتقدمًا في التعاون الثنائي.
تعاون محتمل مع إيلون ماسك ومستقبل العلاقات التركية-الأمريكية في عهد ترامب
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال حديثه عن اللقاء الذي جمعه مع دونالد ترامب وإيلون ماسك، على أهمية التكنولوجيا والتعاون في هذا المجال، مشيرًا إلى أن تركيا تسعى لتوسيع شراكاتها العالمية لتحقيق تقدم في قطاع الفضاء والتكنولوجيا.
تطرق أردوغان إلى لقائه مع إيلون ماسك في "البيت التركي" بنيويورك أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن اللقاء جرى في أجواء ودية وصريحة. وأضاف أن ماسك كان يحمل كتابه "عالم أكثر عدلًا ممكن" بعد الاجتماع، مما يعكس اهتمامه بالأفكار التي طرحها الرئيس التركي.
وأوضح أردوغان أن تركيا حققت تقدمًا ملحوظًا في مجالات التكنولوجيا والفضاء، وأن هذه القطاعات تتطلب شراكات دولية لتعزيز الابتكار والتطوير. وصرح بأن هناك احتمالية لتطوير تعاون مع إيلون ماسك إذا أتيحت الفرص المناسبة، لافتًا إلى أن ماسك يعد أحد الأسماء البارزة عالميًا في مجال التكنولوجيا والفضاء.
أشار أردوغان إلى أن دور إيلون ماسك ضمن إدارة ترامب سيحدد مع مرور الوقت، مشددًا على أهمية متابعة التطورات لمعرفة المجالات التي قد يساهم فيها ماسك في السياسات الأمريكية، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا.
تأثير فوز ترامب على القضايا الإقليمية
وفيما يتعلق بفوز ترامب وتأثيره على القضايا الإقليمية مثل الحروب والاحتلال الإسرائيلي، أكد أردوغان أن من المبكر إصدار أحكام نهائية قبل تسلم ترامب مهامه رسميًا في يناير المقبل. وأعرب عن أمله في أن يتخذ ترامب خطوات إيجابية ومختلفة تجاه المنطقة خلال ولايته، مؤكدًا أن بعض الرسائل التي صدرت مؤخرًا أثارت القلق، لكنه يتطلع إلى رؤية توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة بعد تسلمها السلطة.
واختتم الرئيس التركي حديثه بالإشارة إلى العلاقات السابقة مع ترامب، مؤكدًا أن التواصل بينهما كان أكثر كثافة مقارنة بالفترة التي قضاها مع إدارة بايدن. وأعرب عن أمله في أن تكون المرحلة المقبلة فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية، مما يعود بالنفع على كل من تركيا والولايات المتحدة.
*وكالة الاناضول،يني شفق