كلمة رئيس الجمهورية في قمة المناخ COP 29
باكو 12-ديسمبر 2024
شارك فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، الثلاثاء 12 تشرين الثاني 2024، في قمة الأمم المتحدة للمناخ COP 29 المنعقدة في العاصمة الأذربيجانية باكو.وكان في استقبال فخامته رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف والأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش.وخلال الجلسة، ألقى رئيس الجمهورية كلمة هذا نصها:
"أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي
السيدات والسادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
نحن هنا للمشاركة في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين لاتفاقية المناخ، التي تشمل موضوعا خطيرا ومهما يمسنا جميعا، وهنا نتقدم بخالص الشكر إلى جمهورية أذربيجان لاستضافتها لنا، وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
بعد مضي أكثر من عام على القصف المستمر وامام هذا العدد المتراكم من الضحايا المدنيين من النساء والأطفال، أدعو المجتمع الدولي – كما دعوناه مرارا – إلى تحمل مسؤولياته في فرض وقف إطلاق النار وتقديم المعونة الإنسانية العاجلة للضحايا، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته.
نأمل أن تثمر مناقشات هذا المؤتمر عن مقررات تتناسب مع التحديات العالمية المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ، والتي شاهدنا اثارها في الفيضانات التي اجتاحت منطقة كثيفة السكان في اسبانيا ومناطق أخرى في العالم تسببت - مع الأسف الشديد - في سقوط ضحايا نقدم لأهاليهم خالص تعازينا ومواساتنا.
إن هذه التحديات تؤثر بشكل كبير على دول العالم وبالأخص على الدول النامية وتهدد أمنها المائي والغذائي والصحي والمجتمعي.
إن تأثيرات التغير المناخي باتت ملموسة في العراق، حيث نعاني من موجات حرارية قياسية وعواصف ترابية متصاعدة وتراجع كميات الأمطار؛ مما أدى إلى انحسار المسطحات المائية والمساحات الخضراء، وزيادة الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي الطبيعية والتنوع البيولوجي، بل إن هذه التغيرات المناخية قد أدت إلى نزوح مجتمعات تراثية تقليدية تاريخية، مثل سكان أهوار جنوب العراق المدرجة على لائحة التراث العالمي والتي تواجه تقاليدهم خطر الاندثار. كل ذلك بالرغم من ان مشاركة العراق التاريخية في انبعاثات الغازات الدفيئة عالميا كسائر الدول النامية ضئيلة جدا.
لذا، يجب أن تكون العدالة المناخية في صميم مداولاتنا، وهي حق انساني، ونحن مطالبون بذلك ليس فقط لشعوبنا الان بل وللأجيال التي لم تولد بعد، والتي يتوقف مستقبلها على القرارات التي نتخذها اليوم. إننا نتطلع إلى أن تؤدي هذه المفاوضات إلى خطوات ملموسة وآليات واضحة ومؤثرة مثلا تفعيل صندوق الخسائر والأضرار، الذي أُقر تأسيسه في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين العام الماضي.
ومن المبادئ التي نؤكد عليها، مبدأ العدالة والإنصاف والمسؤوليات المشتركة تجاه التغير المناخي، إن العراق، باعتباره بلداً يعتمد اقتصاده بشكل كبير على الوقود الأحفوري، يتأثر من تغير المناخ من جانب ومن الإجراءات المتخذة لمواجهته من الجانب الاخر. لذا ندعو دول المنطقة التي ستتأثر مثلنا بتغير المناخ وكذلك بالجهود المبذولة لمواجهته، إلى تشكيل مجموعة تفاوضية ضمن هذه العملية للتنسيق فيما بينها، وللعمل سوية حتى يتجاوز تأثير مساهماتنا الجماعية مجموع مساهماتنا الفردية.
وبناء على نفس المبدأ، نوجه نداء إلى الاقتصادات الكبرى في العالم لتعزيز التزاماتها تجاه العمل المناخي. وفي حال قررت أي من هذه الاقتصادات الانسحاب من هذه العملية، فإننا ندعو الجهات الفاعلة داخل تلك الدول، سواء الكيانات السياسية المحلية أم القطاع الخاص، إلى الاستمرار في التزامها. فالعالم لا يمكن أن يمضي قدماً دون جهود الجميع من أجل تحقيق مستقبل مستدام.
السيدات والسادة..
ان العراق يعمل على تنفيذ التزاماته ضمن اتفاقية المناخ وما يليها من وثائق دولية، وعلى تخفيف مساهمته في انبعاثات الغازات الدفيئة، واكتساب المرونة للتكيف مع اثار التغيرات المناخية، والتحول التدريجي نحو الطاقة المتجددة.
لقد عملت الحكومة العراقية على اعداد مجموعة من الوثائق والاستراتيجيات الوطنية للمساهمة في الوفاء بالتزامات العراق الطوعية تجاه اتفاق باريس، كما أكملنا اعداد وثيقة تقييم الاحتياجات التكنولوجية ووثيقة التخفيف الملائمة وطنياً، التي تهدف إلى تحديد احتياجات العراق من التكنولوجيات المناخية في القطاعات ذات الأولوية. كما أننا على وشك الانتهاء من إعداد خطة الاستثمار المناخي، التي تهدف إلى تمهيد مسارات عملية للقطاعين العام والخاص للوفاء بالتزامات العراق المناخية من خلال جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتعبئة الموارد المالية لمواجهة تحديات التغير المناخي والسير نحو مستقبل أكثر استدامة.
لقد اتخذ العراق خطوات جادة للحد من انبعاثات غاز الميثان، حيث كان أول من انضم إلى العهد العالمي بشأن الميثان من بين أعضاء الأوبك.
يشارك العراق في أعمال تحالف المناخ والهواء النظيف والمرصد الدولي لانبعاثات الميثان، ونعمل على تحقيق هدف تصفير حرق الغاز المصاحب بحلول عام 2028.
ختاماً، أود أن أذكر المجتمع الدولي بأهمية دوره في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، والعمل على تجنيب المنطقة التوترات والصراعات الدولية التي عانينا من تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية لسنوات طويلة.