*خالد الغريباوي
تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حول تركيا ودورها في سوريا تعكس منهجًا براغماتيًا يتسم بالواقعية السياسية والاعتراف بالمصالح الاستراتيجية للدول الفاعلة في الشرق الأوسط. في حديثه، أشار ترامب إلى تاريخ طويل من الطموحات التركية في سوريا، مؤكدًا أن هذه الطموحات تمتد لآلاف السنين، ما يجعلها جزءًا من استراتيجية تركيا الإقليمية.
ترامب أشاد برئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، واصفًا إياه بالصديق والزعيم الذكي الذي يدير مصالح بلاده بمهارة. هذا الإعجاب لا يعكس فقط رؤية شخصية لترامب، بل أيضًا فهمًا لأهمية تركيا كلاعب رئيسي في المشهد الجيوسياسي للمنطقة. أردوغان، وفقًا لترامب، نجح في إرسال قواته إلى سوريا بطرق متعددة، ما أدى إلى بسط السيطرة التركية هناك.
ما يلفت الانتباه في تصريحات ترامب هو الإشارة إلى تعقيدات العلاقة بين تركيا والكرد، حيث أشار إلى أن الكرد وتركيا أعداء تاريخيون تجمعهم علاقة متوترة مليئة بالكراهية المتبادلة. ومع ذلك، أظهر ترامب نفوذًا دبلوماسيًا عندما أكد أن أردوغان امتنع عن مهاجمة الكرد بناءً على طلب شخصي منه، مما يعكس دور الولايات المتحدة كوسيط مؤثر في النزاعات الإقليمية.
كما تناول ترامب الأوضاع في سوريا من زاوية أخرى، مشيرًا إلى ضعف روسيا وإيران في السابق، ما فتح المجال أمام تركيا لتعزيز نفوذها. هذا التقييم يعكس رؤية استراتيجية ترى في ضعف اللاعبين الإقليميين فرصة للآخرين لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.
تصريحات ترامب تعكس فهمه الديناميكي للتوازنات الإقليمية، حيث يبدو أنه يقدر أهمية التحالف مع تركيا رغم التوترات التي شهدتها العلاقات بين واشنطن وأنقرة خلال فترة حكمه. كما تؤكد هذه التصريحات أن ترامب يتبنى نهجًا واقعيًا يرتكز على المصالح، حيث يدرك أن الاستقرار في الشرق الأوسط يتطلب الاعتراف بالمصالح التاريخية والجيوسياسية للدول الكبرى مثل تركيا.
من ناحية أخرى، تثير هذه التصريحات تساؤلات حول مدى تأثير العلاقات الشخصية بين القادة على السياسات الدولية، خاصة عندما يتعلق الأمر بشخصيات مثيرة للجدل مثل ترامب وأردوغان. هل يمكن لمثل هذه العلاقات أن تشكل أساسًا لقرارات استراتيجية طويلة الأمد، أم أنها تعكس فقط تكتيكات مؤقتة تفتقر إلى العمق؟
ختاما، تكشف تصريحات ترامب عن مزيج من الواقعية السياسية والإشادة الشخصية بأردوغان، لكنها تسلط الضوء أيضًا على التحديات المستمرة التي تواجه الشرق الأوسط، حيث تبقى الصراعات التاريخية والمصالح المتضاربة عائقًا أمام تحقيق الاستقرار.