استمرت الاعتصامات والإضرابات، خصوصاً في قطاع التعليم، منذ أكثر من أسبوعين، رغم الظروف الجوية القاسية، حيث لم تمنع موجات البرد الشديد وهطول الثلوج في معظم مناطق محافظة السليمانية - المعقل الرئيسي للاحتجاجات والاعتصامات - من مواصلة المتظاهرين مطالبهم.
وواصل 12 معلماً وموظفاً في السليمانية اعتصامهم لليوم الثالث عشر، ممتنعين عن تناول الطعام، في خطوة احتجاجية للمطالبة بصرف رواتبهم وتحسين أوضاعهم المعيشية.
وفي تطور لافت، توجهت مجموعة من الموظفين في السليمانية، إلى أربيل لدعم مطالب المعتصمين، إلا أن السلطات هناك رفضت السماح لهم من المرور في نقطة تفتيش ديكلة بالقرب من كويسنجق قبل لمنع وصولهم الى اربيل . ووفقاً لمصادر صحافية، تمكن بعض المتظاهرين من الوصول إلى مداخل مدينة أربيل، لكن قوات الشرطة منعتهم من الدخول وفرّقتهم باستخدام القنابل المسيلة للدموع.
أربيل ترفض التظاهر
ورفضت أربيل، عاصمة إقليم كردستان، امتداد مظاهرات المعلمين واحتجاجاتهم إليها، ونفى محافظها، أوميد خوشناو، الأحد، تلقي الحكومة المحلية والسلطات الأمنية أي طلب رسمي لتنظيم مظاهرات واعتصامات رغم عدم حصولهم على موافقة سلطات السليمانية لنفس الغرض.
وبعد ان اساء الى المحتجين و وصفهم بضيوف غير مرحب بهم ،ألقى خوشناو باللوم على الحكومة الاتحادية، محملاً إياها مسؤولية تأخر تمويل رواتب موظفي الإقليم. وقال في تصريحات للصحافيين: «لغاية الآن لم يطلب أحد رخصة للتظاهر في أربيل، إن مسألة التظاهر والتجمع والتعبير عن رفض موضوع معين تتطلب إجراءات أصولية، ونحن نتعامل مع أمر كهذا وفق القانون إذا رغب أحد في ذلك».
وأضاف: «لا أحد ينكر امتعاض الموظفين والسكان في إقليم كردستان، ولكن ممن؟ وما مصدر هذا الامتعاض؟ مصدره الحكومة الاتحادية التي تمارس الظلم بحق إقليم كردستان منذ عدة سنوات بقطعها صادرات النفط، وخرق الدستور، وإيقاف صرف المستحقات المالية».
وفيما وصف كفاح سنجاري المستشار الاعلامي لرئيس الحزب الديمقراطي المحتجين بالقيروسات ، سعى القيادي في حزب «الاتحاد الوطني»، ونائب رئيس وزراء الإقليم، قباد طالباني، امتصاص نقمة المعتصمين من خلال زيارتهم والتفاعل مع مطالبهم وقد زار طالباني يوم (الأحد)، خيمة اعتصام المعلمين والموظفين المضربين في السليمانية، حيث استمع إلى شكاواهم واطّلع على أوضاعهم الصحية، وفقاً لمصادر ووسائل إعلام كردية.
وأفادت مصادر بأن طالباني زار خيمة الاعتصام في وقت مبكر من صباح الأحد، «بينما كان بعض المعلمين لا يزالون نائمين بسبب الإرهاق الناجم عن استمرار الاعتصام».
وخلال زيارته، أعلن طالباني دعمه لمطالب المعلمين، مؤكداً أن «مشكلة رواتب عام 2025 قد تم حلها، وسيتم صرف رواتب الموظفين شهرياً دون تأخير، بعد تزويد بغداد بجميع القوائم المطلوبة في موعدها».
البرلمان على خط الأزمة
ودخل البرلمان الاتحادي على خط أزمة الاعتصام والمظاهرات، بعد ما زار وفد من البرلمان، الجمعة، خيم المعتصمين في السليمانية، للاطلاع على أوضاعهم الصحية والاجتماعية، ونقل مطالبهم إلى الجهات التنفيذية في الحكومة العراقية.
وقال النائب يوسف الكلابي، خلال مؤتمر صحافي، إن «الوفد الذي يضم مجموعة من نواب محافظات الوسط والجنوب، جاء للاستماع إلى مطالب المعتصمين والعمل على إيصالها إلى الجهات المختصة».
وأضاف أن «أبرز المطالب تشمل تثبيت رواتبهم في المصارف الاتحادية، وصرف العلاوات والترقيات المتوقفة، وضمان الكرامة للمواطنين في إقليم كردستان، فضلاً عن حل مشكلة الرواتب المدخرة».
وذكر الكلابي أن «الوفد، بعد عودته إلى بغداد، سيعمل على تشكيل لجنة لمتابعة عمل اللجان الفنية المشتركة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، والمتعلقة بصرف مستحقات الموظفين في الإقليم».
وأشار إلى أن «الهدف الأساسي من هذه الزيارة هو ضمان إيصال صوت المعتصمين، والسعي نحو إيجاد حلول عملية لمشاكلهم العالقة، في إطار الجهود المبذولة لتقريب وجهات النظر بين بغداد وأربيل».
منظمات المجتمع المدني تندد بتعامل القوات الامنية مع المحتجين
الى ذلك نددت شبكة تحالف 19 المؤلفة من منظمات المجتمع المدني ومركز ميترو واتحاد الصحفيين والكتاب المستقليين، بسلوك القوات الامنية تجاه المحتجين القادمين من مدينة السليمانية لتنظيم احتجاجات سلمية داخل العاصمة اربيل فضلاً عن اقتحام قناة KNN، والاعتداء على الفرق الاعلامية التي تغطي اخبار التظاهرة في اخر نقطة تفتيش لأربيل.
حيث منعت القوات الامنية في نقطة تفتيش (ديكله) مئات المعلمين والموظفين من العبور، ومنع حافلاتهم من دخول العاصمة لتنظيم احتجاجات امام مكتب بعثة الامم المتحدة، واستخدمت القوات الغاز المسيل للدموع، كما واطلقت عيارات نارية لتفريقهم.
واقدمت القوات الامنية ايضا على مهاجمة الفرق الاعلامية ومصادرة معداتهم الصحفية، وقد اصيب الصحفيين والمتظاهرين بإختناق نتيجة استخدام الغاز المسيل للدموع منهم فرق اعلامية.
ورفع المحتشدون امام نقطة تفتيش (ديكله) التي تعد آخر نقطة لنفوذ الحزب الديمقراطي الكوردستاني، شعار (اربيل مدينتنا و عاصمة وطننا)، وقالت شايي آسو منسقة شبكة تحالف 19: ان الحق في التظاهر والاحتجاج هو حق مكفول حسب المواثيق الدولية والوطنية ومن حق الموطن ان يختار مكان الاحتجاج وخصوصا محتجي مدينة السليمانية الذي يعتبرو اربيل عاصمتهم.
انتهاكات بحق 31 صحفيا ومؤسسة إعلامية
من جهته صرح هوزان قادر مسؤول منظمة المراسلين لحقوق وتنمية الصحفيين، لـ PUKMEDIA، قائلا: "خلال تظاهرات المعلمين والموظفين، تم ارتكاب خروقات عدة بحق المؤسسات الاعلامية والصحفيين في مناطق مختلفة من محافظة أربيل، وخاصة عند نقطة تفتيش ديكله، وهذه الخروقات تبعث على القلق العميق بالنسبة لنا".وأضاف هوزان قادر: "ندعو القوات الأمنية والأطراف السياسية، أن ينأوا بالصحفيين عن الصراعات وعدم إرتكاب انتهاكات بحقهم، وترك الاعلاميين ليقوموا بتغطية الأحداث بحرية".
وعن إحصائية بالانتهاكات والخروقات التي مورست خلال أحداث أمس، أشار مسؤول منظمة المراسلين الى أنه "خلال احتجاحات أمس، مورست انتهاكات بحق 9 مؤسسة إعلامية و22 صحفيا، 9 منهم أصيبوا بالغاز المسيل للدموع، كما داهمت قوة أمنية باللباس المدني وباسم الآسايش، مكتب فضائية KNN في أربيل، واستولوا على الممتلكات الصحفية وأجهزة الموبايل والمستلزمات الشخصية للمتواجدين في المكتب"، مؤكدا أن "القوات الأمنية منعت 4 فرق إعلامية من العودة الى أربيل بعد تغطية الأحداث في ديكله، كما تم اعتقال فريق مؤسسة (بولتيك بريس) الاعلامية من قبل قوات الآسايش، أثناء مقابلة صحفية مع أحد النشطاء المدنيين داخل مدينة أربيل، ولم يتم إطلاق سراحهم حتى ساعة إعداد هذا الخبر".
تلبية لطلب جماهير الشعب.. معتصمو السليمانية يعلقون إضرابهم عن الطعام
الى ذلك قرر المعلمون والموظفون المعتصمون في السليمانية، تعليق إضرابهم عن الطعام، وذلك وسط تجمع جماهيري حاشد، عصر الثلاثاء 11/2/2025.
بعد 15 يوما من الإضراب عن الطعام والاعتصام في مخيم داخل مدينة السليمانية، قرر 13 معلما وموظفا، اليوم، إنهاء الاضراب عن الطعام، بناء على طلب لجنة الفتوى في اقليم كوردستان والشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية وجماهير شعب كوردستان، وذلك خلال تجمع جماهيري حاشد عند مخيم المعتصمين، حضره الآلاف من المواطنين من السليمانية وجميع مناطق كوردستان.
وأعلن هادي حمه رشيد أحد المعتصمين إنهاء الإعتصام، باسم جميع المعتصمين، تلبية لطلب الجماهير وعلماء الدين، مقدما الشكر للجماهير وجميع الجهات التي دعمت هذا النضال المدني وأوصلت مطالبهم الى جهات المعنية.
وخلال الاسبوعين الماضيين أقيمت فعاليات متنوعة لدعم المعتصمين وإيصال مطالب المعلمين والموظفين الى حكومة اقليم كوردستان، المتمثلة بتوزيع الرواتب بشكل منظم وتوطينها واستئناف الترفيعات الوظيفية.
ويوم الجمعة 7/2، زار وفد من مجلس النواب العراقي، ضم نواب الاتحاد الوطني الكوردستاني وممثلي الكتل النيابية الأخرى، مخيم المعتصمين وأعلنوا دعمهم لمطالبهم وإيصالها الى مجلس النواب والجهات المعنية في الحكومة الاتحادية.
وصباح الثلاثاء تم إقفال المحال التجارية في محافظتي السليمانية وحلبجة، لأكثر من ساعة، دعما للمعتصمين، وبعد ظهر اليوم تجمع الآلاف من المواطنين عند خيمة المعتصمين لدعوتهم الى إنهاء الإضراب عن الطعام والاعتصام، بعد أن وصلت أصواتهم الى الأوساط المحلية والعراقية والدولية، وتمت الاستجابة لدعوتهم من قبل المعتصمين وعلقوا الإضراب عن الطعام، ومن ثم جرى نقلهم بسيارات الاسعاف الى المستشفى لتلقي العلاجات اللازمة.