×

  مام جلال ... حقائق و مواقف

  الرئيس مام جلال للقمة العربية في بغداد: عَسى ألا نخيّبَ الرجاء وَعَسى ان نحققَ الآمال



 

ترأس فخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني القمة العربية في دورتها العادية الثالثة والعشرين، والتي إنعقدت في بغداد الخميس 29/3/2012.وألقى الرئيس مام جلال كلمة الإفتتاح بعد تسلم فخامته الرئاسة الدورية للقمة من رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل هذا نصها:

 

بسـم الله الرحمـن الرحيــم

أصحاب الفخامة والسمو..

معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية..

معالي الامين العام للامم المتحدة..

معالي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو..

أصحاب المعالي والسعادة..

الحضور الكرام..

أحييكم وأرحّب بكم في اجتماعِ مجلسِ جامعةِ الدول العربية على مستوى القمة في دورتِها العادية الثالثة والعشرين في دار السلام بغداد، بغدادكم.

أهلا بكم ومرحباً في العراق الجديد الذي يحتضنكم بالمحبة والاخوّة والتقدير.

مرحباً بكم في هذا التجمع العربي الذي تتطلعُ اليه شعوبُنا الساعيةُ الى التغيير وإحداثِ التحولاتِ السياسيةِ والاصلاحات الكبيرة في بلدانِنا.

كما أرحب ترحيباً خاصاً بإخوتي رؤساءِ وفودِ الدولِ العربية الشقيقة التي شهدت انتقاضاتٍ أطلقت عمليةَ التغيير والاصلاح وأرساءَ اسس الديمقراطيةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ والحكم الرشيد.

كما أتقدم ببالغ الشكر والتقدير للشقيقة ليبيا رئيسةِ الدورة العادية الثانية والعشرين، معبرأً عن ترحيبنا بالتطورات الايجابية التي شهدتها في بداية عهدٍ جديد يُنهي عصر الاستبداد ويفتحُ سبيلَ الحرية. كما اتقدم لمعالي الامين العام الدكتور نبيل العربي والامانة العامة بالشكر والتقدير على الجهود التي بذلوها لخدمة مسيرة العمل العربي المشترك.

 

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،

إن قِمَّتنا العربية في بغداد تُحمّلنا مسؤولية تأريخية في ظل التطوراتِ السياسية التي تشهدها منطقتُنا العربية وما صاحَبَها من تداعيات تستوجبُ منا كدولٍ عربية إيجادَ المناخِ الملائم من الحوار بما يكفل تفادي العنفَ والفوضى والتدخل الاجنبي.

إن اعمال قمتِنا ومقرراتِها لا بد ان تُسهمَ في إيجادِ الحلول لما يواجهنا من مستجداتٍ على الساحةِ العربية، ما سيكونُ بحقّ دلالةً على وعينا وأرادتِنا لخدمة العمل العربي المشترك.

إن على قمتِنا العربية أن تعملَ على الاسراع في تطويرِ وإصلاح منظومةِ العمل العربي المشترك وتفعيلِ آلياتها والارتقاءِ بأدائها بما يجعلها قادرةً على مواجهة تحدياتِ المرحلة وتلبيةِ مطالب شعوبنا وبخاصة شبابِنا العربي الذي بات واعياً لما يجري من حوله، طامحاً الى وضع وتنفيذ برنامج للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بما يضمن صَونَ كرامة المواطن وضمانَ حقوقه في ظل عالم يؤكد على مبادئ حقوق الانسان وحريتِه ويشهد إقراراً متزايداً بدورِ منظماتِ المجتمع المدني.

 

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،

أوجّهُ تحية إكبار وإجلال للشعب العربي الفلسطيني المتصدي للعدوان الإسرائيلي المستمر عليه، على أرضهِ ومقدّساته وتراثه، وندعم صمودَه وكفاحَه من أجل قيامِ الدولةِ الفلسطينيةِ المستقلة والمتصلة وعاصمتُها القدسُ الشريف، ولابد من التذكير بأنه مهما كان انشغالُنا في الاحداث المتسارعة في منطقتنا الا اننا لن ننسى قضيةَ العرب المركزيةِ وتطوراتِ الصراعِ العربي - الاسرائيلي، وندينُ بشدة أعتداءاتِ أسرائيل المستمرَة على حقوق الشعب الفلسطيني وعلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرارَها في نشاطاتِها الاستيطانية.

ونرحب باتفاق المصالحة بين الاخوة الفلسطينيين من أجل توحيد الجهود لاجراء انتخاباتٍ جديدة وتشكيلِ حكومةِ وحدةٍ وطنية، ونشدّ على أيدي الدول العربية التي رعت الاتفاق وهيأت الاجواءَ الملائمة لانجاحِهِ.

كما نعرب عن دعمنا الكامل لمدينة القدس ضد كل الانتهاكاتِ المتواصلة التي تقوم بها أسرائيل على المقدسات وخاصة المسجد الأقصى المبارك، ونرحب بنتائج مؤتمر القدس الذي انعقد في الدوحة خلال شهر شباط / فبراير 2012.

ونؤكد على أن السلامَ العادلَ والشامل في المنطقة لن يتحققَ إلا من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بما في ذلك الجولان العربي السوري، حتى خط الرابع من حزيران / يونيو 1967، استناداً الى قرارات الشرعية الدولية ومبادرةِ السلام العربية التي اقرّتها قمةُ بيروت عام 2002.

إن غيابَ الجمهورية العربية السورية عن هذه القمة لايقلل من اهتمامنا بما يجري في هذا البلد الشقيق. ونحن إذ نؤكد رفضنا لكافة اعمال العنف وسفكِ الدماء، نجدد دعوتَنا الى السعي لايجاد سبيلٍ سلمي للخروج من الازمة في ضوءِ قرارات جامعة الدول العربية واحترامِ ارادة الشعب السوري في اختيار نظامِ الحكم بالطرقِ الديمقراطية بما يضمن تلبيةَ مطامِحِه وتطلعاتهِ من دون تدخّل اجنبي، مع الاستفادة من جهود الوسطاء الدوليين وخاصة المبعوث المشترك السيد كوفي عنان.

كما ونهنئُ الشعب اليمني الشقيق بنجاح الانتخابات الرئاسية التي فاز بها فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونشيد بعمليةِ نقل السلطة، ونؤكد ضرورةَ تقديم الدعمِ اللازم لليمن في مختلف المجالاتِ السياسيــة و الاقتصادية والتنموية، والعمل على توفير الخبرات اللازمة لمساعدته في إزالة الأضرار التي خلفتها الفترةُ الانتقالية وتداعياتُها الاقتصادية.

ونؤكد دعمنا لجمهورية الصومال الشقيقة في تحقيقِ كاملِ سيادتها واستقلالها ووحدة اراضيها، ونشيد بسير العملية السياسية وتثبيت ركائزِ الامن والسلام فيها، وندعو الى إغاثةِ شعبِها وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي لاعادة بناء مؤسساتها.

ونعرب عن تضامننا مع جمهورية السودان الشقيقة، ونؤكد دعمنا لها في مواجهة كلِ ما يستهدفُ النيل من أمنِها واستقرارها.

ونؤكد على إدانتِنا للإرهاب بكافة أشكاله وصوره وأيّا كان مصدرهُ ومهما كانت دوافعهُ ومبرراتُه والذي عانينا منه الكثير كما تعلمون، وضرورة العمل على إقتلاع جذورهِ وتجفيف منابعه، ونبذ التطرف والغلو والتحريض على الفتنة والتكفير وإثارة النعرات الطائفية، ونحث المؤسساتِ العربيةَ المعنية على زيادة التعاون والتنسيق فيما بينها لمكافحته.

 

أصحاب الفخامة والسمو والمعالي،

تتطلع قمتنا الى تعميق العلاقات مع دول الجوار العربي المبنيةِ على المصالح المشتركة واحترامِ سيادةِ الدول وبما يضمن عدمَ التدخل في الشؤون الداخلية وتعزيزَ الامن العربي.

ونؤكد على تمتين أواصرِ التعاون العربي مع جميع دول العالم ومع المجتمع الدولي في تحقيق التبادل الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي لما يساهم في تنمية بلداننا، وتعزيز الحوار والتعاون في كافة المجالات، ويعمل على أرساء السلم والامن الدوليين.

كما لابد من التأكيدِ على مبادئ حقوق الانسان وضمانِ المساواة التامة بين مواطني الدول العربية بما في ذلك حق الانتخاب والتنمية والصحة والتعليم، ونؤكد على ضمان حقوق المرأة والعمل على تقوية أواصر الاسرة العربية. ولا بد من ان تُضمَنَ للاقليات في المجتمعات العربية حقوقٌ متكافئة مع سائر مواطني البلدان التي تقطنها وتُكفل لها حريةُ ممارسةِ طقوسِها الدينية وأحترام تقاليدها ورعاية مصالحها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ونؤكد على أهمية الاعلام بكافة وسائله لما له من دور وتأثير كبيرين في المجتمع العربي.

ومن دون المساس بحرية التعبير والرأي، لا بد من التقيّدِ بمبادئ الموضوعية والصدقية ونبذ الاعلامِ المحرّض الذي يشيع روحَ الكراهية والتفرقة والطائفية التي تمثل خطرا بالغا على مجتمعنا العربي.

ونؤكد دعمنا والتزامنا بنتائج وقرارات القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عقدت في الكويت عام 2009 وفي شرم الشيخ عام 2011، مؤكدين عزمَنا على متابعةِ وتنفيذ نتائجهِما بما يخدمُ العملَ العربيَّ الاقتصادي المشترك، ويسهمُ في تنمية المجتمعات العربية للخروج من تداعيات الازمة التي يعاني منها الاقتصاد العالمي منذ اواخر 2008 للتقليل من آثارها السلبية وأنعاش الاقتصادات العربية خاصة في البلدان التي شهدت تغييرات سياسية في نظمها والتي تتطلب دعماً سريعاً ينعش النشاط الاقتصادي فيها.

انني اذ اجدد الترحيب بكم، اصحابَ الفخامة والسمو والمعالي، اؤكد ان انعقادَ القمةِ العربية في بغداد هو برهانٌ ساطع على استعادةِ العراق عافيتَه واستقرارَه بفضل نجاح العملية السياسية الديمقراطية، كما انه كذلك تجديد لحرص العراق على توثيق اللُّحمة مع بيئته العربية، وهو في الوقت ذاته دليلٌ على رغبة الاشقاء العرب في تعزيز الوشائج الاخوية مع جمهورية العراق الساعية الى استكمال بناء دولةِ المواطنة التي تَكفُلُ الفرصَ المتكافئَة لمواطنيها، والطامحةِ الى ان تغدو نموذجا للتعايش القومي والديني والمذهبي.

ان منطقتَنا تمر بمنعطف تاريخي فائقِ الاهمية والخطورة وتَعقدُ شعوبُنا الآمالَ على ان تغدو قراراتُ قمتِنا هذه حائلاً دونَ ايِّ انزلاقٍ نحو مخاطرِ العنف والتمزق والفتن، وان تساهم في توجيه المسيرةِ نحو رحابِ الاستقرار والديمقراطية والتنمية والرخاء والتعاون الاخوي.

فَعَسى ألا نخيّبَ الرجاء وَعَسى ان نحققَ الآمال.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


15/05/2025