شارك فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، السبت 26 تموز 2025، في مؤتمر (اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة) الذي عقده تيار الحكمة الوطني ببغداد.
وألقى السيد الرئيس كلمة هذا نصها:
"بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في البدء نتقدم بالشكر الجزيل إلى سماحة السيد عمار الحكيم على هذه الدعوة الكريمة للمشاركة في هذا المؤتمر المهم، والذي يتناول إحدى أهم المشاكل التي تواجه مجتمعنا وبقية المجتمعات في المنطقة والعالم، ففي السنوات الأخيرة، أخذت ظاهرة العنف ضد الإنسان عموما والمرأة بشكل خاص تتسع بسبب الصراعات السياسية والإرهاب وظهرت إلى العلن بشكل أكبر مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لتشكل تهديدا لتماسك بنية الأسرة العراقية.
نعرف جميعا أن هذه الظاهرة الخطيرة تتعارض مع ما تنادي به الرسالات السماوية من تكريم للمرأة وصون لكرامتها، كما تتعارض مع كثير من الدساتير والقوانين الوضعية في نيل المرأة حقوقها كاملة، وهي في تصاعد مستمر في كثير من دول العالم، في المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية. ومع ذلك، فهناك اليوم من لا يزال يحاول الترويج بأن العنف ضد المرأة إشكالية تلازم المرأة الشرقية بل والمسلمة تحديدا.
إن الإجرام والقتل اليومي الذي يعانيه الشعب الفلسطيني عموما والمرأة الفلسطينية خصوصا وهي تسقط على أعتاب المنظمات الإنسانية طلبا للمساعدات بسبب سياسة القتل والتجويع التي ينتهجها الكيان المحتل، هو دليل صارخ على سياسة التمييز والكيل بمكيالين، وهو يجري على مرأى ومسمع من المنظمات الأممية والمجتمعية المنادية بحقوق المرأة والمطالبة بوقف العنف ضدها.
لقد عانت كثير من النساء العراقيات وفي كثير من الأوقات من سياسات نظم الحكم المتعاقبة، فعاشت التمييز والتهميش دون أن تمكن من الشأن المجتمعي بمختلف الذرائع، وظلت حبيس الدور المرسوم لها بحجة نقص الخبرة وعدم الكفاءة التي سلبتها حقوقها، فخضعت لكثير من الممارسات اللا إنسانية، ومنها الزواج القسري وغيرها من التقاليد المجتمعية البالية.
السيدات والسادة الحضور..
تعيش النساء العراقيات اليوم في ظل الديمقراطية وحرية الرأي وقبول الآخر وتحقق الأمن والاستقرار، وبالرغم من الخطوات التي تحققت على طريق نيلها حقوقها المشروعة وخوضها في ميدان السياسة وإدارة الشأن العام الحكومي والسياسي إلا أن مشاركتها السياسية لا زالت دون الطموح، وما نتمناه هو أن تتحسن أوضاع النساء بوتيرة أسرع وفي المجالات كافة.
إن العراق من الدول التي صادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW - Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination against Women) في عـام 1986، إلا أنه وضع تحفظات أساسية على بعض موادها، مما حال دون تفعيلها الكامل.
وبموجب التعديل الأخير لقانون الأحوال الشخصية العراقي (188 لسنة 1959)، الذي أقرّ في 21 يناير 2025، تمنح المرأة حق اختيار تطبيق مدونة الأحكام الشرعية عند تسجيل عقد الزواج أو بعده بطلب رسمي للمحكمة، وهناك إلزام على كل من الوقفين الشيعي والسني بإصدار مدونة شرعية تشمل التفاصيل المتعلقة بحقوق المرأة والطفل، وهنا ندعو إلى الإسراع في اقرار المدونة بشكل يحفظ حقوق الجميع.
كما ندعو مجلس النواب إلى اتخاذ الخطوات الجادة على طريق إقرار التشريعات المنصفة للمرأة وبما ينسجم والأطر الدستورية ومن ضمنها مشروع قانون الهيئة العليا لتمكين المرأة الذي تقدمت به رئاسة الجمهورية العام الماضي.
في الختام لا يسعنا إلا أن نترحم على روح الراحل الكبير السيد عبد العزيز الحكيم المؤسس لهذا التقليد السنوي الطيب، كما نشكر القائمين على هذا المؤتمر متمنين التوفيق والسداد للجميع وأن تنال المرأة حقوقها كاملة كشريك أساسي في بناء المجتمع والوطن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
اهتمام الحكومة بملف المرأة وتمكينها وإنصافها وضمان حقوقها
وكذلك حضر رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شاع السوداني، السبت، الحفل السنوي الذي أقامه تيار الحكمة الوطني في العاصمة بغداد بمناسبة اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يوافق الأول من صفر من كل عام. وفي كلمة ألقاها خلال الحفل، جدِّدُ سيادته شكره لرئيس تيار الحكمةِ الوطنيّ، السيدِ عمار الحكيم، للاستمرار في الاحتفاء بهذا اليوم الذي أطلقَه السيد عبد العزيز الحكيم (رحمه الله)، تجسيدا لقيمة المرأة، والتأكيد على أهمية صون كرامتها، وحفظ حقوقِها، مشيرا الى أن اختيار الأول من صفر يذكرنا بوقفة العقيلة زينب (عليها السلام) وخطبتها العظيمة في مجلس الحاكم الظالم.
وأكد السيد السوداني ان الحكومة استشعرت قيمة المرأة ومكانتها ودورها في المجتمع، وأفردت لها حيزا مهما في برنامجها، عبر إصدار التوجيهات، والتوصية بالتشريعات والقوانين لتوفير بيئة سليمة للمرأة لتأدية مهامها بالوظيفة العامة وفي القطاعِ الخاص، ووضع الخطط لتمكينهن وتوفير فرص العمل لهن، مشيرا إلى أن المجتمعات التي تنكل بالنساء وتهضم حقوقهن لن تحظى بالأمن الاجتماعي، كون المرأة تمثل أساس التماسك بالمجتمع.
وفي ما يلي أبرز ما جاء في كلمة السيد رئيس مجلس الوزراء:
المرأة تحظى ضمن العقيدة والتشريعِ الإسلامي بمكانة عالية من التقدير والرعاية، بعكس ما يراد تسويقه عن الإسلام.
سعينا لإنصاف النساء وتمكينهن للإسهام في بناء المجتمعِ والدولة إيمانا منا بمكانتهن وقدرتهن على النجاح.
اطلقت حكومتنا الاستراتيجية الوطنية للمرأة (2023 - 2030) والتحديث الثاني للاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات.
أطلقنا الخطة الوطنيةَ الثالثةَ للمرأة والأمن والسلام (2025- 2030)، وأسسنا المجلس الأعلى لشؤون المرأة.
جرى تفعيل قانون الناجيات الإيزيديات والمكونات الأخرى.
تم افتتاح دور الحماية الاجتماعية للنساء الفاقدات المأوى في أربع محافظات، وجارٍ العمل لافتتاحِ دور أخرى في بقية المحافظات.
سيتم تقديم تقرير عن اتفاقية حقوق المرأة أمام مجلسِ حقوق الإنسان في تشرين الثاني المقبل.
جرى شمول أكثر من (576,720) أمرأة بنظام الرعاية الاجتماعية.
تم رفع سقف الإعانة للنساء المعيلات للأسر المشمولة بالحماية اللاتي بلغ عددهن (165,686) امرأة.
بلغ عدد النساء العاملات في القطاعِ الخاص المشمولات بالضمان الاجتماعي (50,592).
دعمنا المبادرات المعززة لنشاطات المرأة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية.
تتعرض نساء غزة لتنكيل وانتهاك لحقوقهن على يد قوات الاحتلال، وتعرضهن للاستهداف المباشر أثناء محاولتهن الحصول على ما يسد رمق أطفالهن.
المجتمعِ الدولي تقاعس عن أداء مهامه الأخلاقية والقانونية إزاء ما يجري من جرائم في قطاع غزة وعمليات تجويع.
العنف ضد المرأة مؤشر على خلل في التوازن المجتمعي والأخلاقي
من جهته أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي الدكتور فائق زيدان، السبت الموافق 26 /7 /2025 أن مناهضة العنف ضد المرأة ليست مجرّد شعار، بل التزام شرعي وقانوني وإنساني وأخلاقي.
وأضاف القاضي فائق زيدان، في كلمة له خلال مؤتمر مناهضة العنف ضد المرأة المنعقد في العاصمة بغداد، بمناسبة اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة، برعاية سماحة السيد عمار الحكيم، أن “العنف ضد المرأة ليس قضية خاصة، بل هو مؤشّر على خلل في التوازن المجتمعي والأخلاقي، وحين نواجه هذه الظاهرة بحزمٍ وعدالة، فإننا لا ننصف المرأة فحسب، بل نُعيد للمجتمع إنسانيّته، وللدولة هيبتها، وللقانون رسالته”.
وتابع أن “مجلس القضاء الأعلى، وإدراكا منه لخطورة العنف ضد المرأة وتداعياته المدمّرة على النسيج المجتمعي، يضع هذا الملف في صدارة أولوياته”، لافتا إلى “العمل المستمر على ضمان وصول النساء إلى العدالة، من خلال محاكم متخصّصة، وقضاة مدرّبين على التعامل مع قضايا العنف الأسري والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، وتفعيل النصوص القانونية الرادعة لكلّ من يعتدي على المرأة”.
وشدد على أنّ “معالجة العنف ضد المرأة لا تقتصر على الجانب القضائي وحده، بل تتطلّب تكاملا بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، إلى جانب المجتمع المدني والمؤسسات الدينية”، داعيا إلى “مراجعة القوانين التي قد تتضمّن ثغرات تُضعف حماية المرأة، والعمل على تعديلها، وإطلاق حملات وطنية للتوعية القانونية بحقوق المرأة، ولا سيما في المناطق الريفية والمجتمعات ذات الهشاشة الاجتماعية”.
وأُشاد بـ”جهود رابطة القاضيات العراقية، والمؤسسات النسوية العاملة في المجال الحقوقي، على ما يقدّمنه من دعم حقيقي في بناء بيئة قانونية تحترم كرامة المرأة وتكفل لها الحماية”، مشيرا إلى “الحرص على دعم مسيرة المرأة القاضي وتمكينها في جميع مفاصل العمل القضائي، دون تمييز أو تهميش، إيمانا بأن العدالة لا تكتمل إلّا بمشاركة المرأة فيها على قدم المساواة”.
وفيما أكد أن “السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا ملحوظا في حضور القاضيات داخل المحاكم، في مختلف التخصصات”، جدّد العهد بأن “يظلّ القضاء العراقي، برجاله ونسائه، سدّا منيعا في وجه كلّ مظاهر الظلم والتمييز، حاميا للضعفاء، ومعزّزا لقيم الحق والعدالة”.