×


  الاتحاد الوطني الکردستاني

  اعتقال المطلوبين للقضاء… بين جدل السياسة وضرورات القانون



*فرست عبدالرحمن مصطفى

 

  

اعتقال لاهور شيخ جنكي ومجموعته المسلحة لم يكن حدثاً عابراً في السليمانية، بل شكّل محطة فاصلة في المشهد السياسي الكردستاني. فمنذ سنوات طويلة تحولت الشبكات والعصابات التي سميت (قوات العقرب) التي أسسها لاهور تحت شعارات الإصلاح والتغيير إلى منظومات موازية للدولة، أقرب إلى المافيا منها إلى القوى السياسية الشرعية، حيث امتزج السلاح بالمال والإعلام، وجرى استغلال تعليق صور المرحوم (مام جلال) في مقره الخاص لبناء نفوذ شخصي يهدد اتحاد الوطني الكوردستاني قبل أن يهدد المجتمع.

قرار المحكمة في السليمانية باعتقاله جاء بعد تراكم ملفات وشهادات ووثائق، ما جعله خطوة قضائية ذات أساس قانوني واضح. هنا تكمن أهمية العملية، فهي ليست مجرد خلاف داخلي في حزب عريق، بل مواجهة مباشرة بين منطق الدولة والقانون من جهة، ومنطق العصابات والمصالح الضيقة من جهة أخرى.

الانتقادات التي صدرت من بعض الأطراف تعكس جهلاً أو تجاهلاً لطبيعة الصراع. فالمسألة ليست تصفية حسابات سياسية كما يُروّجها بعض الأطراف المستغلة للوضع، بل إعادة الاعتبار إلى المؤسسات، وإنهاء ظاهرة المجموعات التي تعمل في الظل تحت غطاء الشعارات البراقة. الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يمر عبر السلاح أو عبر شبكات النفوذ غير الشرعية، وإنما عبر الدولة والقانون وحدهما.

إن الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي صنع تاريخاً طويلاً من التضحيات، يبرهن اليوم أنه قادر على تجديد نفسه من الداخل عبر مواجهة الانحرافات التي تهدد كيانه وكيان الاقليم. اعتقال لاهور شيخ جنكي ليس نهاية شخص بقدر ما هو بداية مسار جديد يعيد للحزب هيبته، وللسليمانية أمنها، ولإقليم كردستان أمله في مؤسسات قوية تقف فوق الجميع.

وبينما يستمر الجدل حول أبعاد هذه الخطوة، تبقى الحقيقة الأساسية واضحة، ضرورات القانون تفرض نفسها، ومن يضع نفسه فوقها سيواجه مصيره مهما كان موقعه أو حجمه.


24/08/2025