×


  کل الاخبار

  أخبار من أروقة السياسة والتعليقات من المنزل



*د. كاروان علي

 

*الترجمة : نرمين عثمان محمد 

في بغداد، عاصمة العراق، مركز السياسة وصنع القرار، إذا كان المرء متابعا، قد يبدو أن هناك أخبارا يومية أكثر من جميع محافظات العراق الأخرى، بحكم كثرة التحركات  السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والقانونية فيها، فيما يتعلق بالكرد ، فمنذ عدة أعوام ،  و خصوصأ منذ عام 2014، بعد وصول داعش واندلاع الحروب بين أطراف متعددة في العراق، أصبحت بغداد مركزا يقرر ويحدد  فيه جزء كبير من الملفات  المتعلقة بالكورد، من قضايا رواتب موظفي الإقليم مرورا بالميزانيات والانتخابات، وإدارة الموارد الطبيعية، ومنع تعريب الأراضي الزراعية الكردية، وحتى متابعة  إعادة الأراضي الزراعية للفلاحين الكورد.

هذه القضايا جميعها أو معظمها  تُناقش عادة في أروقة السياسة، بوجود الكتل المذهبية والدينية، أو في قاعات السفارات  و إجتماعات الوفود الدبلوماسية مع صناع القرار في بغداد، ويتم اتخاذ قرارات بشأنها. وهكذا، تصبح بغداد مركزا للأحداث والتطورات الساخنة  و التنبؤات في العراق، ولقمة طرية  لمن يريد  الظهور في القنوات الإعلامية ويشتهر و يصبح قريبا من القلوب ،  فبعضهم يدلي بتصريحاته من  منطلق الوعي بما يجري. والبعض الآخر يتحدث عن التطورات والأحداث في بغداد ويدلي بآرائه، حتى لو لم يكن ملما بكل التفاصيل، مما يعطي انطباعا  للمشاهد المنكوب بوجود حضور قوي لهؤلاء في الصراعات والمناقشات السياسية التي تدور في العاصمة، رغم أنه يمكن أن تمر  الشهور وهم لم يطؤا بغداد تلك المدينة المزدحمة .

في قاعة البرلمان تلك ، التي تُعد مقرا للمؤتمرات الصحفية ، علقت  قطعة زرقاء في الخلفية مكتوب عليها باللغتين الكردية والعربية، المجلس النيابي  ومدون تحتها هيئة الإعلام.

هذه القطعة ، تجمع بين السياسيين والبرلمانيين الجادين، وبين بعض الشخصيات الشعبوية التي تتحدث عن كل شيء وتتصرف وكأنها صاحبة القرار، مما يتيح لهم التأثير على الجمهور.

الشخصيات الشعبوية تعمل على تحريف الحقائق ، وإنشاء سوق إعلامية وسياسية واقتصادية واجتماعية مضطربة ، لأنهم لا يعملون بالحقيقة ، بل  يعملون  على ما يفكر فيه الناس.

ومن هنا، يتصرفون وفق هذه الآراء، مما يؤدي أحيانا إلى فوضى إعلامية، لكنهم يدعون أن كل ذلك في سبيل حقوق الشعب والمعارضة.

بعض هؤلاء لا يعرفون العربية، ولا الإنجليزية، وليست لديهم مهارة الحوار والتحليل ولايعرفون أدنى قواعد الإتيكيت ، وحضورهم في الاجتماعات البرلمانية والسياسية والمراكز الرسمية غير كاف، لذا يضطرون إلى متابعة القرارات والأحداث عبر هواتفهم المحمولة أو شاشات التلفاز في منازلهم في السليمانية أو أربيل، ليعرفوا ما يُتخذ من قرارات في بغداد وما يجري من تطورات ولكي يثبتوا حضور صوتهم وصوت حزبهم الشعبوي المدعى بحزب المعارضة .

هنا، داخل المنزل، يعلق علم أزرق يمثل وزارة الإعلام ومجلس النواب على جدار المنزل، ويلبس ملابسه الرسمية   واضعا ربطة عنقه بأقصى سرعة، داعيا كاميرا القناة الخاصة بحزبه، أو يبث مباشرة على الهواء للحديث عن الأحداث والتطورات في بغداد، ليجعل نفسه و  حزبه الشعبوي يبدوان كأصحاب القرارات الجيدة ، وبالتالي يثيرون اهتمام الناس ويزيدون من تحميل الجمهور للقرارات والضغوط.


07/09/2025