×


  کل الاخبار

  ملامح تعاون جديد بين الاتحاد الوطني والتحالف الديمقراطي الاجتماعي



*نيان خسرو

 

تُعد السليمانية واحدة من أبرز المدن السياسية في إقليم كردستان والعراق، فهي لم تكن يوما مجرد مدينة، بل فضاء للفكر والحوار، ومنطلقا لحركات سياسية لعبت أدوارا حاسمة في تاريخ المنطقة.

 تاسس الاتحاد الوطني الكردستاني عام 1975، ليقدم نموذجا مختلفا عن الأحزاب الكردية التقليدية، جامعا بين الهوية القومية الكردية والتوجه الديمقراطي الاجتماعي، ومؤكدا أن النضال القومي لا ينفصل عن معركة أوسع من أجل الحرية والعدالة في المنطقة.

في الوقت نفسه، يتبلور في العالم العربي مشروع التحالف الديمقراطي كإطار جامع يسعى إلى توحيد القوى المدنية والتقدمية لمواجهة الاستبداد والفساد، ولطرح بديل سياسي يقوم على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان.

 هنا، يصبح الحديث عن العلاقة بين الاتحاد الوطني الكردستاني وهذا التحالف العربي أمرا منطقيا، بل ضروريا، لما يحمله الطرفان من تقاطعات فكرية وسياسية.

منذ تأسيسه، لم ينغلق الاتحاد الوطني الكردستاني داخل حدوده القومية فقط، بل انفتح على المحيط العربي والإقليمي والعالمي، وسعى إلى بناء جسور مع الحركات التقدمية في المنطقة. لقد تحولت السليمانية إلى مركز للحوار السياسي ومختبر للأفكار الديمقراطية، حيث التقت فيها الرؤى الكردية والعربية على أرضية مشتركة قوامها مواجهة الاستبداد، والسعي إلى نظام سياسي مدني يحترم التعددية.

هذا الدور جعل من الاتحاد الوطني الكردستاني شريكا طبيعيا في أي تحالف ديمقراطي عربي، ليس باعتباره حزبا كرديا فحسب، بل باعتباره قوة سياسية تحمل مشروعا يتجاوز حدود القومية الضيقة، ويرى في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية أساسا لمستقبل الشعوب.

ومن هنا نتحدث عن تقاطعات فكرية وسياسية ،الأتحاد الوطني الكردستاني يقوم على مبادئ أساسية، أبرزها:

 • بناء أنظمة حكم ديمقراطية تعددية.

 • تعزيز العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات بشكل منصف.

 • الدفاع عن الحريات الفردية والجماعية.

 • الاعتراف بالتنوع القومي والديني والمذهبي.

وهذه المبادئ هي ذاتها التي ينطلق  منها التحالف الديمقراطي في العالم العربي، الذي طالما أكد أن الديمقراطية لا يمكن أن تكون حكرا على قومية بعينها، بل هي حق مشترك لجميع الشعوب.

 ومن هنا، تتلاقى الرؤيتان في مشروع مشترك يمكن أن يشكل أرضية سياسية صلبة لتعاون اوسع، لكن الطريق نحو هذا التعاون ليس سهلا، فالتحديات التي تواجه الطرفين متشابهة:

 • أنظمة سلطوية ترفض أي تحول ديمقراطي حقيقي.

 • أزمات اقتصادية واجتماعية تُستخدم كذريعة لقمع الحريات.

 • خلافات داخلية وأيديولوجية بين القوى الديمقراطية نفسها، تعيق بناء جبهة موحدة.

ورغم هذه العقبات، يبقى الاتحاد الوطني الكردستاني والتحالف الديمقراطي العربي أمام فرصة تاريخية لصياغة مشروع إقليمي تقدمي يتجاوز الانقسامات ويطرح بدائل عملية قادرة على إعادة الأمل للشعوب.

إن حضور الاتحاد الوطني الكردستاني ضمن هذا التحالف يضفي بعدا مهما، لأنه يربط النضال الكردي بالنضال العربي في معركة واحدة ضد الاستبداد. كما أن انطلاق هذا التعاون من السليمانية يمنحه رمزية خاصة، باعتبارها مدينة حملت راية الفكر الديمقراطي، وقدمت تجربة سياسية ثرية في محيط مضطرب.

إن ما يجمع الاتحاد الوطني الكردستاني مع التحالف الديمقراطي العربي لا يقتصر على التنسيق السياسي، بل يتجاوز ذلك إلى صياغة رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة، رؤية تؤكد أن الديمقراطية ليست خيارا نخبويا أو شعارا مؤقتا، بل هي الطريق الوحيد لبناء أنظمة مستقرة ومجتمعات عادلة.

من السليمانية إلى مختلف العواصم العربية، تتشكل ملامح تعاون جديد بين الاتحاد الوطني الكردستاني والتحالف الديمقراطي العربي.

تعاون يقوم على قيم الحرية والعدالة الاجتماعية، ويتجاوز الحدود القومية والجغرافية. وإذا ما نجح هذا المشروع في مواجهة التحديات الراهنة، فإنه قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في المنطقة، تُعيد الاعتبار للديمقراطية كقيمة جامعة، وتؤسس لشراكة حقيقية بين العرب والكرد وسائر المكونات، على طريق بناء مستقبل أكثر عدلا وإنصافا.


07/09/2025